يحتدم الجدل فى هذه الأيام حول المخصصات الباهظة والرواتب الفلكية التى تُمنح لشاغلى الوظائف الدستورية وغيرها من الوظائف العليا. وهاتان الوثيقتان يعود تاريخهما الى قبل أكثر من نصف قرن وبالتحديد يوليو 1958م والبلاد فى خطواتها الاولى بعد الاستقلال. الوثيقة الاولى خطاب من السيد ابراهيم أحمد وزير المالية الى السيد حماد توفيق يعرض عليه فيها أن يكون أول مدير للبنك الزراعى السودانى «بنك التسليف الزراعى»، براتب يتجاوز راتب الوزير وبعقد لمدة ثلاث سنوات. والوثيقة الثانية تحمل رد السيد حماد توفيق والذى قبل فيه العرض ولكن بشروطه. عزيزى القارىء ... اقرأ ولا تقارن، فما من سبيل للمقارنة. صورة طبق الاصل جمهورية السودان وزارة المالية والاقتصاد مكتب الوزير ص.ب 298 النمره : و م أ / سري / 308 10 الخرطوم في 26 يوليو 1958 عزيزي السيد حماد توفيق تحية طيبة لا شك أنك متتبع للخطوات التي اُتخذت لانشاء بنك التسليف الزراعي منذ أن بدأ التفكير فيه في عهدك كوزير للمالية والاقتصاد، ولا شك ايضاً أنك تعلم مدى أهمية هذه المؤسسة والآمال التي نعلقها عليها في المساعدة في تطوير الزراعة وتوسيعها. ولمعرفتي لاستعدادك دائماً للقيام باي عمل وطني مهم ولا سيما في المحيط المالي والاقتصادي، كان لي عظيم الامل أن تستجيب لرغبة مجلس الوزراء وتقبل ادارة البنك في سنواته الاولى التأسيسية التي سيحتاج البنك فيها الى قيادة حكيمة وتوجيه سليم، حتى يحقق الآمال الجسام التى ترجى من إنشائه. إنني ارى أنه قد يناسبك أن تكون فترة التعيين ثلاث سنوات، كما إنني ارى أن يكون الراتب الأساسى الفين واربعمائة جنيه في العام، وهذا يتمشى مع اتجاه المجلس عندما اشتركت أنت كوزير للتجارة في بحث هذا الموضوع، وأرجو أن تفيدنا برأيك في أول فرصة ممكنة. المخلص « امضاء» إبراهيم أحمد وزير المالية والاقتصاد ٭٭٭ عزيزي الاخ السيد إبراهيم أحمد تحيه طيبه وبعد- تسلمت خطابكم الكريم رقم وم أ/ سري/30810 المؤرخ 26 يوليو 1958م، ويسرني أن أستجيب لرغبة زملائي رئيس وأعضاء مجلس الوزراء، وأعرب لكم عن قبولي للعرض الذي تقدمتم به في الخطاب المذكور، لأكون مديراً لبنك التسليف الزراعي، وآمل أن يكون التعاون الصادق بيننا وبين جميع المختصين هو رائدنا وسبيلنا لتحقيق الاهداف والآمال الكبار التي تعلقها البلاد على هذه المؤسسة. كما أوافقكم أيضاً على أن تكون فترة التعيين كما ذكرتم في خطابكم المشار اليه، أما بخصوص المرتب فلا أشك أنكم تذكرون أنه قد سبق لي أن أبديت اعتراضاً في مجلس الوزراء عندما كنت عضواً فيه بعدم موافقتي على أن يُعطي أي شخص تعينه الحكومة في وظيفة تحت تصرفها، مرتباً أعلى من ما يتقاضاه الوزير، وإنني لازلت عند رأيي هذا، ولذلك اوافق أن يكون مرتبي 2100 جنيه في العام بدلاً من 2400 جنيه. على إنني وقد رأيتم إسناد هذا المنصب لي لفترة ثلاثة اعوام، يهمني ألا يضار من يخلفني في منصبي بقراري هذا، والذي أعلم أن الكثيرين لا يوافقون عليه، بل أنه كما علمت قد كان السبب في عدم الاتفاق مع شخص آخر لملء هذا المنصب من قبل، لذلك أرى أن يكون مرتب الالفين ومائه جنيه خاصاً بي ، وألا يترتب عليه إضرار بحق من يخلفني في الحصول على المرتب الذي يتناسب مع مؤهلاته وكفاءته. هذا وآمل بتوفيق من الله وتعاون مع الجميع، أن أتمكن من أداء هذه الرسالة لما فيه خير الوطن والله المستعان. 30/7/1958م المخلص «إمضاء» حماد توفيق حماد