بدأت التجربة البرلمانية في السودان بتكوين مجلس الحاكم العام سنة 1910 لبحث وإجازة القوانين واللوائح والأوامر التي يصدرها الحاكم العام البريطاني، وتلى ذلك إنشاء المجلس الاستشاري لشمال السودان 1943-1948 بواسطة الحاكم العام السير جون مفي، الذي خلف السير لي ستاك إثر مقتله في القاهرة عام 1931، وتألف المجلس من ثلاثين عضواً من زعماء العشائر ورجال الدين جميعهم من شمال السودان، برئاسة الحاكم العام. أما أول مؤسسة تشريعية في البلاد وسميت الجمعية التشريعية فتأسست 1948 برئاسة محمد صالح الشنقيطي، واستمرت حتى قيام الانتخابات البرلمانية الأولى في عام 1953، وأجازت هذه الجمعية قرار دولتي الحكم الثنائي بمنح السودان الحكم الذاتي،وذلك قبل أن تجري الانتخابات البرلمانية الأولى عام 1953 ثم الانتخابات البرلمانية الثانية عام 1958، والانتخابات البرلمانية الثالثة 1965، والانتخابات البرلمانية الرابعة عام 1968،وأخيرا الانتخابات البرلمانية الخامسة في العهد الديمقراطي عام 1986. ،وفي عهد حكم «الإنقاذ الوطني» تأسس المجلس الوطني 1996 أول مؤسسة تشريعية عن طريق التعيين، ثم تلاه المجلس الثاني،الذي حله الرئيس عمر البشير ،ثم جرت انتخابات في ديسمبر 2000،التي ولدت المجلس الثالث،والمجلس الرابع الذي أنتجته نيفاشا،وأخيرا المجلس الحالي الذي انتخب في 2010. وظلت الانتخابات آلية سياسية وفنية، وصيغة قانونية عبر مر مراحل التطور الدستوري والسياسي للسودان أفضت إلى تشكيل مؤسسات تشريعية،فارتبطت بكافة النظم السياسية التي طبعت أنظمة الحكم بالسودان،حيث إن الأنظمة الوطنية التي تلت مرحلة الاستقلال بشقيها العسكري والمدني الديمقراطي عبرت إلى المؤسسات التشريعية والنيابية عن طريق الانتخابات. وإذا كان البرلمان هو أحد أضلاع السلطات الثلاث في الدولة بجانب الجهازين التنفيذي والقضائي فإن الصحافة هي السلطة الرابعة ودورها يتكامل ولا يتقاطع مع بقية السلطات،وتقوم الصحافة كثيرا بأدوار مشابهة للبرلمان في الرقابة وهذا لا يمنع احتكاكهما في مرات في مواقف لا تخلو من مخاشنات وانتقادات بلغة يمكن أن تكون حادة تفسر بأنها تمس البرلمانيين وقيادتهم، ونشر معلومات قد لا تكون دقيقة لكن ذلك ينبغي أن يؤخذ في إطار حسن النوايا بين السلطتين والتعامل بين الصحافة ومن يتولون مناصب عامة في الدولة. نحن نقدر دور البرلمان ونحترم نوابه الذين يمثلون قطاعا واسعا من الشعب،ويعملون في ظروف صعبة، كما نجل رئاسة البرلمان فمولانا أحمد إبراهيم الطاهر معروف عنه التواضع وعفة اليد واللسان ولين الجانب وله مجاهدات لا يمكن إنكارها،واستطاع قيادة البرلمان بحكمة في فترات حرجة من تاريخ البلاد،ولعل جهود البرلمان في الفترة السابقة نحو ترسيخ حكم القانون والحفاظ على المال العام خير شاهد على ذلك،ولا يزال أمامه مهام وطنية وتحديات جمة يمكن عبورها بسعة الصدر والاحترام المتبادل. ونقدر أن البرلمان ورئاسته يواجهان ضغوطا في ظل أوضاع ليست مريحة تعيشها بلادنا الأمر الذي يحتم أن تعين السلطات بعضها من أجل تجاوز المرحلة الدقيقة لما فيه مصلحة الوطن وخير أهله،وليست لدينا نوايا سيئة تجاه أحد وليس من أخلاقنا الإساءة إلى أحد أو الحط من قدره ،ونأمل أن نستلهم من خواتيم رمضان الفضيل العفو ونسأله العتق من النار.