«كتاب» معد للطبع قدمه مؤلفه السفير الدكتور مصطفى عبد الحميد كاب الرفيق بقاعة الشارقة في جامعة الخرطوم بتاريخ 2011/6/14م قاد المنصة البرفسور علي عثمان محمد صالح بروحه المتميزة وسط حضور نوعي ممن يهمهم الفكر والثقافة والفنون فأبدى كثير الاهتمام والتقريظ لجهد امتاز بجدة الموضوع وجودة المعالجة وكيفية التناول، لغة واضحة ومعبرة، صاحبها عرض شيق للأعمال الفنية التي قام عليها البحث مستفيداً كل الاستفادة من وسائط التقنية الحديثة فكان ابداعاً فنياً ربط بين البصيرة والبصر وبين الذهن والوجدان جامعاً بين التشكيل والتاريخ مستدعياً حقائق الماضي سمعاً ومشاهدة. الباحث مربي وفنان ومؤرخ قبل أن يكون سفيراً ورسولاً للثقافة التي شغلته أينما ذهب لأداء مهامه الدبلوماسية. رجل أبدى كل الحرص على ثقافة أمته وتاريخها قبل وبعد التحاقه بوزارة الخارجية حيث حمل ذلك الوعي مترافقاً مع أداء مهامه الرسمية لوزارة قدمت رموزاً من الأسماء في الشعر والأدب والفن وقادة رأي، فأضاء بما حمل فجراً في بيروت الثقافة.. أكثر من ثلاثين وجهاً من قامات التشكيل والشعر والموسيقى والغناء تقاطروا إلى هناك فأدهشوا لبنان دولة وشعباً ليبرز سؤال هام، أكل هذا في السودان؟! نعم.. وكان الوجه السفير كاب الرفيق وأنا على ذلك من الشاهدين.. وفي قاعة الشارقة بتاريخ 2011/6/14م جفل كل أولئك الرسل رغم ما وصلهم من دعوات إلا واحداً، واني على ذلك من الشاهدين.. حالهم يطاله أكثر من مقمز.. وما لجرح بميت ايلام. عودة إلى البحث «كتاب» وهو مرجع جاد يوثق لقيمة الفنون السودانية عبر قرون أوغلت في القدم ليفض كنوزها بوعي أكاديمي جاد يزيل ما اعتكل من تاريخ لم يجد الخطام الموجه إلى حقائقه التي كانت مطمورة فأزال عنها الركام وجلاها فأشرقت.. كتاب جامع ربط بين الفنون والتاريخ والاجتماع والممارسات الروحية مما جعل شعبة الآثار بجامعة الخرطوم تسعى مبشرة بطبعه ليكون فاتحة لمسار يعين طلاب البحث العلمي على فتح أبواب جديدة قد تكون وعرة سابقاً. وهذا البحث هو اشارة ملفتة أن بمتحف السودان القومي كنوزا اذا وجدت الاهتمام من الجهات المعنية في الدولة هذه دعوة إلى السيد رئيس الجمهورية ونائبه السيد علي عثمان محمد طه والسيد وزير الثقافة - لتقديم ما يلزم من مال لاظهار ارثنا الانساني عبر التاريخ لتغيير كثير من معلومات كان رواتها فقراء للصدق.. ولعل المعرض السوداني الذي ينتقل في الدول الاوربية هو انجاز ضخم يؤمن على صدق ما قلت ويصوب تاريخ وادي النيل الذي قرئت صحائفه بطريقة مقلوبة ومغلوطة أقل ما توصف به أنها مضللة لابد من تقويمها بحقائق علمية تبعدنا عن أخطاء تبنتها مناهجنا التي أوردت أن شلال السبلوكة هو الشلال السادس ونحن نعلم أن النيل يبدأ من هنا... وأن.. وأن.. وكفى المؤمنين شر القتال وما لوى من أعناق الحقائق كثير.. يكفي الدكتور كاب الرفيق شهادات معتمدة من الاستاذ علي عثمان محمد صالح وأضرابه من العلماء والمختصين ومن يهتمون بالفنون والاداب وذاك فوق ما يتحمل تواضعه. هذا البحث أجبرني على اخراج لعاعات سكنت الصدر طويلاً متمثلة في الغياب المستمر ممن يقودون مؤسسات الثقافة التي تمددت في تراخ وأصبحت حضوراً في الشكل وغياباً في المضمون حتى تداعت في شيخوخة مجهدة أقعدتها عن تناول ثمار المعرفة ومسايرة ما جد من خبرات تلبي متطلبات حاضر متغير الاحداث.. حال أجبرني أن أضع السبابة فوق أماكن القصور متسائلاً: أين السادة أساتذة كلية الفنون الجميلة والتطبيقية وطلابها الذين صاروا يشكلون غياباً عن كل ما تقدم من ندوات وسمنارات وبحوث تعنيهم مباشرة ماسة جوانب هامة مما يتناولون من دراسات؟!! وأين القائمين على أمر كلية الموسيقا والدراما ومن تخرجوا فيها؟!! ومتى يتبين رجال الاعلام مسموعاً ومشاهداً أن ما يقدم في تلك البحوث والندوات له عائد من النفع للمتلقي يضئ عقله ويحيي ذاكرته ويحجب عن ناظريه مشاهد لا تتقبلها الفطرة السليمة ولا الروح القويمة.. هذه الوسائل يرجى منها الكثير لو قللت من طراد ذوي الشأن وحذفت الكثير من أشياء غير هادفة واضافت ما يستحق أن يضاف.. مؤسساتنا القائمة أدمنت الغياب عما هو موكول إليها وما عاد لها رأي سواء أكان سلباً أو ايجاباً، وحال مثل هذا عائده وشل لا يعين على تقدم، مما جعل تلك المؤسسات في حالة من التردي حتى سبقت بلاد كانت تتقدمها يوماً.. سبقتها ركضاً إلى الخلف. محجتي لاثبات ما قلت إراد أسماء كانت تقود كلية الفنون أثرت وأثرت في المجتمع الثقافي.. أساتذة كانوا دالة لوطن أفادوا دور الثقافة منبراً وادارة برجاحة في العقل وقوة في الشخصية، زمانهم كان يراهن عليه.. قدموا ما رأوه قميناً من تراث أمتهم بتفكر وتأمل وتدبر أذكر منهم مثالاً لا للحصر الاساتذة شفيق شوقي، محيي الدين الجنيد، عثمان وقيع الله، بسطاوي بغدادي، شبرين، الصلحي، حسن الهادي، رباح، نصيف اسحق، د. أحمد الزين صغيرون، عربي، وأجلاء كثر يا لسعد من تلقى العلم على ايديهم كانوا أصدقاء لطلابهم، أعطوهم كل ما يحتاجوه من علم ومعارف وتجارب فتفتحت أذهانهم على الآفاق البعيدة.. كانوا بروقاً ما أخلفت وعداً.. استدعاء تلك الاسماء وقوة حضورها في وعينا لا يعني استعادة ما قدموا فذلك لا يفيد كثيراً لكن المعنى تلك الروح التي جادت بها لتعين العقول على التوهج.. زمانهم امتاز بخصوصية عظيمة أن رفدوا الدنيا باعمال أبقى من كثير حكموا وراحوا وهم على أسوأ منقلب.. أما كان حرياً بكلية الفنون أن تسمى مراسمها بأسمائهم وفي ذلك آثار من وفاء قبل أن يتفضل الاستاذ علي مهدي بتسمية قاعات أحد مركزه باسم الصلحي، وذلك لفتة مقدرة منه وان كان لنا رأي قد يجد طريقه إلى النشر قريباً. وعودة للكتاب البحث، اذ لابد من أراد مضامين ذات محتوى واسع يمكن أن تقوم عليها مناهج تعرف بحقيقة وماهية السودان تاريخاً وأصالة وموروثاً يقود إلى تشكيل يعرف بالذاتية السودانية في مناهجنا مستمدة من تاريخ واسع ملئ بالحقائق الدامغة التي تنفي تماماً صياغات تفتقد الصدق العلمي ما يدفعني أن أورد موجزا مبتسراً لذلك الجهد العلمي. ٭ أصبح ثابتاً تاريخياً وثقافياً وحضارياً أن السودان واحد من مقار النشأة البشرة الأولى. ٭ وان هذا السودان منح العالم حضارة خاصة هي حضارة الخرطوم النيوليثية KHARTOUM NEOLITIC. ٭ قد أكدت الدراسة أن السودان يملك أكثر من طراز هندسي ومعماري أصيل مستقي من واقع بيئته وظروف الحياة فيه وهي طرز جديرة بالدراسة المنهجية العلمية في الجامعات والكليات والمعاهد المختلفة. ٭ أوضحت الدراسة أن كرمة كانت الدرة الافريقية الباهرة لمدة ألف سنة انفتحت خلالها على العالم فأثرت وتأثرت. ٭ وأكدت الدراسة أن كرمة كانت منتدى جامعاً أمه الرسل والسفراء والتجار من كل حدب وصوب فأصبحت بوتقة للتمازج الحضاري الواسع فأعطت ما أعطت في شمول وأهم ما امتازت به صياغة الحديد وعلمتها للغرب الافريقي. ٭ وأن الفنون التشكيلية كانت أساس تلك الروح الحضارية السودانية مما يحتم منحها حقها من الاهتمام الذي تستحق.