التقارب متسارع الخطي والعلاقات المتنامية بين حزبي المؤتمر الوطني والشيوعي الصيني رغم الاختلاف الكبير بينهما في الايدلوجيات والافكار،يقابله عداء مستحكم وتاريخي وتباعد في خطوط التلاقي بين الحزب الحاكم فى السودان والشيوعي السوداني الذي يسترشد بذات النظرية الماركسية التي يرتكز عليها الحزب الحاكم في الصين مع بعض الاختلافات التي لم تؤثر علي جوهر النظرية ،وهذا الأمر يعتبره مراقبون تناقضا يحمل الكثير من المفارقات لجهة ان المؤتمر الوطني يرفع شعار اسلمة الحكم ، وفي ذات الوقت يوجه سهام نقده نحو الشيوعية ويتهمها ?العلمانية ، اذن ما هي الاسس الفكرية التي تجمع المؤتمر الوطني صاحب التوجهات الاسلامية مع الحزب الشيوعي الصيني ، رغم التباعد الفكري والنظري لامور الحياة ؟ وماهي الاستراتيجية التي تجمع النقيضين ؟ ولماذا يرفض المؤتمر الوطني بناء علاقات فيها الحوار وقبول الاخر في داخل البلاد لمن هم مختلفون معه من القوى السياسية خاصة الشيوعي السوداني ويسعى لبناء علاقة متينة مع من هم بالخارج؟ من خلال مؤتمر قطاع العلاقات الخارجية للمؤتمر الوطني الذي عقد أخيرا ،اشار رئيس قطاع العلاقات الخارجية مصطفى عثمان اسماعيل الي المبادئ والأهداف للسياسة الخارجية للمؤتمر الوطني التي كشف انها تقوم علي المبادئ والمصالح المشتركة ،مشيرا الي انها اذا اصطدمت مع المصالح المشتركة فان المبادئ هي التي تقدم وتسود ،ورغم هذا التأكيد علي تقديم المبادئ علي المصالح المشتركة اشاد بعلاقة حزبه و نجاحه في احداث نقلة نوعية مع الحزب الشيوعي الصيني من خلال الموضوعات المشتركة والزيارات المتبادلة والوفود الاستطلاعية، واخيرا الحوار?الاستراتيجي ،وكشف عن انه وبمساعدة الحزب الشيوعي الصيني اصبح المؤتمر الوطني عضوا دائما في اجتماعات احزاب اسيا فاتسعت علاقات المؤتمر الوطني باكثر من تسعين حزبا في القارة الاسيوية. وعلاقة المؤتمر الوطني بالحزب الشيوعي الصيني ظلت تشهد تطورا كبيرا وهذا ماوضح من خلال الزيارات المتبادلة بين الطرفين ،وفي لقاء جمعه بوفد رفيع المستوي من قيادات اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني مؤخرا اشاد النائب الاول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه نيابة عن الحكومة السودانية وحزبه المؤتمر الوطني الحاكم تجاه العلاقات التى تربط بين الشعبين ، مشيدا بمواقف الصين في المنابر الدولية ودفاعها عن السودان ،معبرا عن تقديره للدعم السخي الذي ظلت تقدمه الصين واسهاماتها الكبيرة في بناء السودان. لتعود الاسئلة السابقة تفرض نفسها عن العلاقة الجيدة التي تجمع بين المؤتمر الوطني صاحب الايدلوجية التي تتعارض مع طرح وافكار الشيوعي الصيني ،وعن اسباب الجفاء بينه وشيوعيي الداخل ،فهل هناك اختلاف بين رفاق بكين والخرطوم ،يجيب القيادي الشاب بالحزب الشيوعي أمين سنادة في حديث ل«الصحافة»، مشيرا الي ان هناك خلافا ينحصر في شقين سياسي وفكري ،وابان ان الماركسية اللينينية ادخل عليها الزعيم ماو بعض الافكار التي تتعارض مع توجهات الماركسية ،وقال ان يوسف عبد المجيد وعبد الرحيم شان طرحا في ستينيات القرن الماضي الفكر الصيني?للماركسية ولكنه قوبل بالرفض فحدث الانقسام الشهير داخل الحزب الشيوعي المعروف بانقسام الصين ،كاشفا عن ان الطرح الصيني يقوم علي التغيير بواسطة العمل العسكري والثورة من الريف ،فيما يرفع الشيوعي السوداني شعار التغيير بواسطة الثورات السلمية،وهذا ماذهب اليه ايضا المحلل السياسي عبد الله ادم خاطر الذي قال ان الشيوعي الصيني واكب العولمة وشهد انفتاحا كبيرا علي الصعيد الاقتصادي مخالفا النظرية الماركسية القائمة علي الانحياز للطبقة العاملة ومحاربة الرأس المالية. هل هذا يعني تقارب الايدلوجيات بين الوطني والشيوعي الصيني وتباعدها مع الشيوعي السوداني المتهم بالعلمانية ،يعود أمين سنادة ويشير الي انه ليس هناك تقارب فكري وايدلوجي بين الوطني والشيوعي الصيني، وان الحزب الحاكم في السودان لايهتم كثيرا بالتقارب او التباعد الفكري وان كل اهدافه تنحصر في مصالحه بعيدا عن الشعارات التي يرفعها ،مشيرا الي ان الوطني وجد من الشيوعي الصيني الدعم اللوجستي والسياسي والاقتصادي وهذا الامر جعله لايهتم كثيرا بعلمانية او اشتراكية الشيوعي الصيني ،ولكن المحلل السياسي خاطر يري انه ليس هناك تباعد?كبير وخلاف عميق بين الوطني والشيوعي السوداني، مشيرا الي ان اللقاء الذي جمع بين البشير ونقد بترتيب من سبدرات قبل اعوام ،اوضح انه لايوجد خلاف كبير بين الجانبين الا في اطار البرامج الحزبية ،مؤكدا عدم وجود اختلاف في الايدلوجية بين الشيوعي الصيني والسوداني ،مشيرا الي انها في الممارسات فقط وليس جوهر الماركسية ،وقال خاطر ان تهمة العلمانية التي ظل يوجهها المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي السوداني مجرد فزاعة و مزايدات سياسية لاقيمة فكرية لها . ويتهم مراقبون المؤتمر الوطني وبعلاقته الجيدة التي تجمعه بنظيره الصيني انه يبحث عن مصالحه ولايلقي بالا للشعارات التي يرفعها وان عداءه مع الشيوعي السوداني يأتي لاختلاف اهداف الحزبين ووسائل تحقيقها وليس بسبب الايدلوجيات التي يرتكزعليها كل حزب ،ولكن القيادي بالمؤتمر الوطني ربيع عبدالعاطي يري ان تعاونهم مع الشيوعي الصيني ليس فكريا بل اقتصاديا ،وقال ان الوطني يمكنه التعامل اقتصاديا مع الشيوعي السوداني ،غير انه ارجع الجفاء بينهم والشيوعي السوداني الي ان الأخير يسعي لاحداث اختراق فكري للمجتمع السوداني ، وقال ان ه?ا الامر مرفوض تماما من جانبهم وهو سبب التباعد ،ورغم ماركسية الشيوعي الصيني الا ان عبد العاطي اعتبره يختلف من الشيوعي السوداني ،كاشفا عن ان الاختلاف يأتي في ان الشيوعي الصيني لايتدخل في ايدلوجيات وطرح المؤتمر الوطني. ويقول المحلل السياسي عبد الله ادم خاطر ان المؤتمر الوطني يحكم في دولة فقيرة وليس لها مبادئ وقيم سياسية ثابتة لذلك يتعامل مع الشيوعي الصيني ،ويقول قيادي بالشيوعي السوداني طلب حجب اسمه ان المؤتمر الوطني يتخذ الدين شعارا فقط من اجل استدرار عطف المواطنين وتأييدهم ،وقال ان ممارساته في السلطة خلال 20 عاما ويزيد اوضحت انه من الممكن ان يتعامل مع اية جهة وذلك لأنه لايرتكز علي مبادئ حقيقية ،واضاف «غدا اذا جمعتهم مصلحة او فرضت الظروف تعاملهم مع الشيوعي السوداني سيغيرون خطابهم القائم علي اتهامنا بالعلمانية الي الحزب?الذي ينحاز للطبقة العاملة ،وسيتم وصفنا بالحزب صاحب الاجندة الوطنية الحقيقية وهكذا هو المؤتمر الوطني يبحث دوما عن مصالحه».