ظلت أبيى خميرة عكننة بين الشمال والجنوب وشهدت العديد من الاحداث المؤسفة، جعلت المنطقة فى حالة تأرجح بين الاستقرار والنزوح، الى ان تم التوصل الى خارطة طريق اعطت الادارية ازدواجية الانتماء لدولتي الشمال والجنوب معاً، بعد ان وقع الطرفان في سبتمر الماضي باديس ابابا وثيقة اتفاق اقرت بانسحاب القوات الشمالية واحلال قوات اثيوبية لحفظ السلام بدلاً عنها، الا ان الحكومة السودانية رهنت انسحابها القاطع من المنطقة باكتمال انتشار القوات الأثيوبية، ما ادى الى حالة من الجدال بين الطرفين خاصة فى ظل مطالبات حكومة الجنوب المت?ررة بخروج الجيش السودانى دون اى شروط، واضعة باعتبارها ان بقاءه فى أبيى يعد انتهاكاً لنص وروح الاتفاق الذى تم بأديس. قضية أبيي اخذت اهمية كبيرة في جلسة مجلس الامن التى عقدت قبل يومين في نيويورك، وشهدت اول مشاركة لمندوب دولة جنوب السودان ديفيد بوام شوات الذي خاطب المجلس مطالبا حكومة الخرطوم بسحب قواتها من المنطقة بشكل فوري، و دعا شوات الاممالمتحدة لتحديد موعد دقيق وقاطع للانسحاب وقال «على القوات السودانية الان الانسحاب على الفور ومن دون شروط من أبيي» ونطلب باحترام من مجلس الامن ان يحدد موعدا دقيقا لهذا الانسحاب، وان يلقي المسؤولية على عاتق كل من ينتهك هذا الموعد». من جانبه، دعا مندوب السودان الدائم لدى الأممالمتحدة السفير دفع الله الحاج فى ذات الجلسة مجلس الأمن للالتزام بما تم الاتفاق عليه بين السودان وجنوب السودان في ما يتعلق بدعم آلية مراقبة الحدود، وأكد هدوء الأوضاع بالمنطقة ، وقدم الحاج بياناً أمام المجلس استعرض من خلاله تطورات الأوضاع في أبيي، واوضح أن القصد من آلية مراقبة الحدود تفعيل الحدود ومرونتها بحيث تسمح بحركة التجارة والتواصل بين شعبي البلدين، وبرر الحاج أن عدم التراجع النهائى للقوات الشمالية من المنطقة مقصود منه الانسحاب المنظم للجيش السودانى بالتزامن?مع اكتمال انتشار القوات الأثيوبية حتى لا يحدث فراغ أمني وهذا الغرض الذي حتم دخولها، وأشار الى أن ظروف فصل الخريف وعدم وجود طرق معبدة يشكل عقبة أمام حركة الآليات والسيارات التي تقل الجنود والعتاد، وشدد الحاج على ضرورة أخذ كل هذه المعطيات في الحسبان. وتجدر الاشارة الى ان مجلس الأمن استمع فى جلسته الى تنوير من وكيل الأمين العام لادارة عمليات حفظ السلام بالأممالمتحدة هيرفي لادسو استعرض فيه تقرير الأمين العام الأخير بشأن أبيي، ونوه الى ان السودان وجنوب السودان لم يسحبا قواتهما من منطقة أبيي حتى الآن، مادفع الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون بمطالبة الطرفين بالانسحاب من المنطقة ، وقال « على حكومتي البلدين تسريع سحب القوات المسلحة الى خارج أبيي لأن تثبيت الاستقرار الأمني يعتمد على سحب القوات لتمكين النازحين من العودة»، ومن ثم دعا الخرطوم وجوبا الى التقد? في المفاوضات لحل خلافاتهما حول أبيي. وفى حديثه ل «الصحافة» قال المحلل السياسى الحاج حمد ان الفرصة مواتية لوضع حد لمعضلة أبيى بصورة نهائية وتوقع ان تأتى زيارة رئيس حكومة الجنوب سلفاكير بمصاحبة عدد من وزرائه أُكلها فى عدد من القضايا العالقة خاصة أبيى، وقال ان قضية أبيي سلاح ذو حدين ولايمكن الاستمرار فى الوضعية المزدوجة للمنطقة بين الدولتين لان ذلك يحمل كثيرا من التعقيدات خاصة الاقتصادية، وتساءل أى العملتين ستعتمد ، ام ستعملان معاً، وتابع كان ذلك ممكناً فى الوضع السابق فى اطار الدولة الواحدة والتناوب فى حكمها كل فترة الا ان هذا الوضع حالياً غ?ر ممكن ويقود الى النزاع عاجلاً او اجلاً، وشدد على ان الحل واضح ولايحتاج الى تسويف وهو اللجوء الى تطبيق القانون الدولى والعودة الى حدود 1956 الفاصلة بين الدولتين باعتبار ان النزاع حدودى فى المقام الاول. وقال الحاج حمد، نتوقع حل للقضايا العالقة اذا أمن الطرفان على المصالح المشتركة بين البلدين، وقال اما بخصوص الرعاة فان الاتفاقيات الدولية والاقليمية تنظم حقوق الرعى فى مناطق التداخل السكانى فى الحدود الدولية، وأشار الى ان دولة الجنوب تعى هذه الحقوق، لافتاً الى ان قبيلة الموندارى الجنوبية تتوغل فى الأراضى الكي?ية ،واعتبر ان تداخل الرعاة لايسبب اى نوع من المشاكل بين الشمال والجنوب اذا تم الاتفاق على حسم القضية بالرجوع الى حدود 1956م. وتوقع المحلل السياسى حسين قنديل فى حديثه ل «الصحافة» ان تحسم قضية أبيى بصورة نهائية فى زيارة سلفاكير الى البلاد خاصة وان وفد رئيس حكومة الجنوب يضم عددا من الوزراء من ابناء «أبيي» مايشير الى ان القضية ستأخذ نصيب الأسد فى المباحثات بين الدولتين فى القضايا العالقة، وقلل قنديل من مخاوف توصيات وقرارات مجلس الأمن بزيادة صلاحيات القوات الأثيوبية «أونيسفا» لتشمل مراقبة الحدود بدلاً على اقتصارها لحفظ الاستقرار فى المنطقة، وقال ان ذلك لا يشكل اى تهديد للجانبين ولا ينتهك من سيادة الدولتين، وتابع سيساهم ذلك فى استقرا? المنطقة وكشف التجاوزات والخروقات فى الحدود ،وقال قنديل ان القوات الأثيوبية تجد الاحترام من الطرفين ومراقبتها للحدود فى مصلحة الدولتين.