« لا اعتقد بانه سيضمن في التعديل الدستوري المرتقب» بهذه الكلمات المتوجسة اجاب احد حكام الولايات علي سؤالنا حول رأيه في مقترح تم طرحه وتداوله اخيرا علي مستويات عليا بالحزب الحاكم يذهب ناحية تضمين مادة في الدستور المتوقع تعديله تكفل لرئيس الجمهورية اقالة الوالي المنتخب دون اللجوء الي اعلان حالة الطوارئ. ويقول الوالي الذي «فضل حجب اسمه» ان الحزب الحاكم في مرحلة مراجعات املتها عليه الظروف التي تمر بها البلاد والتي تحتاج لمعالجة الكثير من القضايا والاخطاء البشرية علي الاصعدة كافة ،مشيرا الي ان الدولة تسعي الي تجويد الاداء في الفترة المقبلة وانه من الطبيعي ان تطرح مثل هذه المقترحات ،غير انه اشار الي صعوبة تضمين هذا المقترح في الدستور المرتقب تعديله ،مشيرا الي ان كل حكام الولايات جاءوا عن طريق صناديق الاقتراع وليس عبر التعيين ،وقال ان هذه الحقيقة تترتب عليها الكثير من الاشياء ،التي رفض الافصاح عنها. هذا المقترح الذي يتعارض مع منطوق المادة «179» من الدستور الانتقالي وبحسب مراقبين يتوقع ان يثير جدلا وغبارا كثيفين اذا مضي الحزب الحاكم في اتجاه تضمينه في الدستور القادم وذلك لأنه يتنافي مع روح ونصوص قانون الحكم اللا مركزي الذي تطبقه الانقاذ منذ منتصف العقد الماضي والذي شهد تطورا ممرحلا افضي به الي اختيار المواطن لحاكم ولايته الذي كان قبل اتفاقية نيفاشا يأتي عبر التعيين من قبل رئيس الجمهورية ،وتشير المادة «179» في قفرتها الاولي الي ان الجهاز التنفيذي للولاية يرأسه والٍ ينتخبه مواطنو الولاية وفقاً لنصوص هذا?الدستور السودان متي ، ودستور الولاية والقانون، على أن يكون ذلك وفقاً للاجراءات التي تقررها المفوضية القومية للانتخابات،واوضح الدستور في فقرة اخري كيفية ابعاد الوالي حيث وضع في الفقرة الثانية الصلاحيات بيد المجلس التشريعي للولاية بموجب ثلاثة ارباع جميع اصوات المجلس ،وانه اذا قام المجلس بحجب الثقة عن الوالي بموجب أحكام الفقرة أعلاه يدعو رئيس الجمهورية الناخبين في الولاية لانتخابات مبكرة لاختيار الوالي تجرى خلال 60 يوماً،ونصت المادة التي تليها علي قيام الوالي الذي ينتخب في الانتخابات المبكرة بتكملة الفترة?المتبقية من ولاية الوالي الذي حُجبت عنه الثقة،ومن اجل الاستقرار اشترط الدستور انه اذا تمت اعادة انتخاب الوالي الذي حجبت عنه الثقة، يعتبر المجلس التشريعي للولاية المعنية منحلاً، وتجرى انتخابات خلال ثلاثة أشهر لتكوين مجلس تشريعي جديد لتكملة الفترة المتبقية للمجلس المنحل، وانه لايجوز حجب الثقة عن الوالي قبل مضي «12» شهرا علي انتخابه ، واشترط الدستور علي رئيس الجمهورية اقالة حكام الولايات في حالات محددة علي رأسها اعلان حالة الطوارئ في البلاد او في ولاية معينة مثلما حدث بالنيل الازرق ،وايضا في حالة تعيين الوالي?وزيرا اتحاديا او فقدانه للاهلية التي تخول له ادارة الولاية . ولكن لماذا تم طرح مثل هذه المقترح وتم تداوله علي مستوي عالٍ في الحزب الحاكم في هذا التوقيت؟ يشير مراقبون الي ان الاجابة تكمن في عدم رضا المركز من اداء الكثير من حكام الولايات الذين جاء اختيارهم كمرشحين للحزب في الانتخابات الماضية نتيجة لضغوط وظروف محددة استوجبت الدفع بهم ،ويري القيادي السابق بالمؤتمر الوطني ورئيس حزب التواصل حامد محمد علي ان عددا مقدرا من حكام الولايات فشلوا في تقديم ماكان ينتظره المواطنون ،وقال في حديث ل«الصحافة» ان هذا الاخفاق والقصور انعكس سلبا وخصم كثيرا من سمعة ومكانة المؤتمر الوط?ي الذي وبسبب الولاة لم يعد يحظي بقبول كبير ،ويشير رئيس حزب التواصل الي ان هناك حكاما حولوا ولاياتهم الي جمهوريات ومقاطعات وممالك خاصة لهم يتحكمون في كل شئ ممارسين ديكتاتورية واضحة اسهمت في تنفير وابتعاد حتي قيادات الحزب الحاكم ،وقال ان امثال هؤلاء الولاة باتوا اصحاب سلطات مطلقة لايستطيع حتي المركز ان يتدخل فيها ،مشيرا الي ان هناك حكام ولايات «مركبين مكنة رئيس جمهورية » ويرفضون تنفيذ التوجيهات المركزية والامثلة علي ذلك كثيرة يعرفها قادة الحزب بالمركز ،ومعتبرا ان مثل هذه الخطوة اذا مامضت حسبما مرسوم لها من?شأنها ان تعيد الكثير من الامور الي نصابها الصحيح ،مؤكدا علي ضرورة منح الرئيس صلاحيات اقالة الوالي المنتخب ،وذلك حتي تكون هناك مرجعية يعمل لها الوالي حسابا وتقديرا. ولكن القيادي بالمؤتمر الوطني ربيع عبد العاطي يعتبر ان طرح مثل هذه الافكار لاعلاقة لها بضعف او قوة حكام الولايات ،مشيرا في حديث ل«الصحافة» الي ان الدستور القادم يجب ان يأتي شاملا وانه ومن اجل الوصول الي شموليته والتوافق عليه لابد من استصحاب مثل هذه الافكار حتي لايخضع للتعديل مستقبلا ،وقال يجب قبل وضعه مراعاة المتغيرات المستقبلية والمطلوبات السياسية وذلك من اجل ان يكسب صفة الاستمرارية والديمومة. ويشير مصدر الي ان هناك اسبابا اخري دعت المكتب القيادي للحزب الحاكم لان يستعرض هذا الطرح بجدية منها سلوك بعض الحكام المتفلت وخروجهم عن سيطرة المركز ،واشار الي ان هناك خمسة حكام ولايات كان المركز ينتظر منهم تقديم استقالاتهم نتيجة لاخفاق بائن لثلاثة منهم وتفلت الرابع ومرض الخامس ،غير انهم والحديث للمصدر اظهروا رفضا غير مباشرة لفكرة تقديم الاستقالة او التنحي ،مما جعل قيادة الحزب تلجأ لخيار تضمين المقترح كمادة في الدستور الجديد،واشار الي ان المراجعات التي يقوم بها الحزب الحاكم جادة وانها تماثل العمليات ?لجراحية التي سيجد بعض الولاة انفسهم مجبرين علي الخضوع لها حتي وان رفضوا ،وقال ان المؤتمر الوطني بات يشعر بمعاناة مواطني الولايات ويري ان الاسباب المباشرة تعود لسياسات خاطئة لعدد من مقدر من حكامها. ويري مراقبون ان الحزب الحاكم مجبر علي تضمين هذا المقترح في الدستور وذلك حتي تكون لرئيس الجمهورية سلطة حقيقية علي حكام الولايات ،ويشيرون الي ان صعوبة سحب الثقة من الولاة غير المرغوبين من المركز وذلك لان الكثير منهم بات متحكما حتي في المجالس التشريعية التي قالوا انها اضعف من ان تسحب الثقة من الولاة حتي لو طلب منها الحزب في المركز فعل ذلك ،ولكن مراقبين يعتبرون ان في هذا المقترح التفافا ومصادرة لحقوق مواطني الولايات واحكاما لقبضة المركز علي مفاصل الحكم وهو الامر الذي اشاروا الي انه يقف من وراء كل مشاكل السو?ان ،مطالبين الحزب الحاكم باعمال مبدأ محاسبة الوالي الذي يخفق بطرق واساليب بعيدة عن تعديل الدستور ،مشيرين الي ان هناك ولاة من الصعب ان يرضوا بهذا المقترح، مطالبين مركزية الحزب الحاكم بعدم اتباع سياسة دفن الرؤوس في الرمال او الالتفاف علي ارادة المواطنين الذين اختاروا حكام الولايات ،وان يعمل الحزب علي اجبار الولاة المخفقين علي الابتعاد والتنحي دون لجوئه الي تعديل الدستور ومصادرة حق الناخبين بالولايات.