توّترات في إثيوبيا..ماذا يحدث؟    اللواء الركن (م(أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: موته وحياته سواء فلا تنشغلوا (بالتوافه)    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    السودان..إحباط محاولة خطيرة والقبض على 3 متهمين    مرتزقة أجانب يرجح أنهم من دولة كولومبيا يقاتلون إلى جانب المليشيا المملوكة لأسرة دقلو الإرهابية    بعثة منتخبنا تشيد بالأشقاء الجزائرين    منتخبنا المدرسي في مواجهة نظيره اليوغندي من أجل البرونزية    إتحاد الكرة يحتفل بختام الموسم الرياضي بالقضارف    دقلو أبو بريص    هل محمد خير جدل التعين واحقاد الطامعين!!    كامل إدريس يلتقي الناظر ترك ويدعو القيادات الأهلية بشرق السودان للمساهمة في الاستشفاء الوطني    أكثر من 80 "مرتزقا" كولومبيا قاتلوا مع مليشيا الدعم السريع خلال هجومها على الفاشر    شاهد بالفيديو.. بلة جابر: (ضحيتي بنفسي في ود مدني وتعرضت للإنذار من أجل المحترف الضجة وارغو والرئيس جمال الوالي)    حملة في السودان على تجار العملة    اتحاد جدة يحسم قضية التعاقد مع فينيسيوس    إيه الدنيا غير لمّة ناس في خير .. أو ساعة حُزُن ..!    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    ميسي يستعد لحسم مستقبله مع إنتر ميامي    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    "تشات جي بي تي" يتلاعب بالبشر .. اجتاز اختبار "أنا لست روبوتا" بنجاح !    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    شرطة البحر الأحمر توضح ملابسات حادثة إطلاق نار أمام مستشفى عثمان دقنة ببورتسودان    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمريكا والخطة (ب) لشعوب أفريقيا جنوب الصحراء!!
على هامش الدعوة لتقسيم ولايات السودان
نشر في الصحافة يوم 29 - 11 - 2011


(شن القعدة يا أبو السرة
في ضل العمارات أم كمرتاً برا)؟!
الشاعر محمد طه القدال
(1)
الخطة «ب»
منذ نجاح أمريكا وأعوانها في دول الايفاد في انعقاد اتفاقية السلام الشامل في العام 2005م، والمسماة باتفاقية نيفاشا، كانت هناك خطتان احداهما النجاح في تطبيق الاتفاقية بشكلها المتفق عليه (ثنائياً) ما بين الحركة الشعبية وحكومة الخرطوم (الكيزانية) - وطبعاً لكل منهما (أجندته الخاصة تحت طاولة التفاوض). والاجماع على الخطة (أ) كان ومازال عبارة عن (تكتيك) سياسي أما الاستراتيجية فمتروك أمرها لما تراه أمريكا، من رسم لخارطة (طريقها) المستقبلي لدولة السودان، الأرض الجغرافية ذات المليون ميل مربع في الصحراء الكبرى وشمال شر? القارة الأفريقية، لذلك كان أمامها العديد من الخيارات لقراءة الواقع طبغرافياً وكيفية توظيف (الموارد البشرية)، وتمتد الخيارات إلى أبعد من ذلك إلى افتعال لعبة التقسيمات العنصرية والجهوية، بجانب الاستفادة من استغلال بعض المصطلحات العدائية واللا انسانية وتشكيل الصراعات (اثنياً ودينياً)، علماً بأن الصراعات بالشكل الحاد والمتعارف عليها اليوم لم تكن تحدث في السودان كما كانت تحدث في دول الجوار، ولكن من واقع ما تولد من عدائيات عنصرية قاد إلى صور أكثر كراهية وتطرفاً عما كنا نشاهده ونسمع به من اشكالات حتى في مصر القر?بة، ناهيك عما سمعنا عنه من (تطهير عرقي) وخلافه، حسب ما تعكس الفضائيات، لما هو حادث في دارفور وأبيي وجنوب النيل الأزرق. وربما تولد الصراع في الشرق البيجاوي والشمال النوبي.
٭ يبقى اختزال العديد من نتاج الحضارات العريقة في مثلث منظومة مجتمعية محدودة يعتبر جريمة كبرى في حق الانسانية، وعودة إلى سياق المجتمعات البدائية، وردة ضد القيم السماوية الحنيفة.
(2)
أبيي والتعايش السلمي بالتصاهر
يظل شكل التعايش والتصاهر القبلي، والذي ظل قائماً إلى ما قبل تطبيق الخطة (أ) في دولة السودان الكبير، وخاصة في اقليم (كردفان الكبرى) - أبيي شامة في جبين الأمة - وصمام للأمان، بل مضاد حيوي عضوي - كان يحول دون انتشار العدوة، أو الاصابة بسرطان (العنصرية)، والذي مازال البعض ينشده ويستجديه كي يعمل به على تأجيج نار العداء لحرق ما تبقى من الجسم السوداني، وخاصة بعد نجاح مشروع (المستعليين) من المستعربة من الذين ساهموا (بانتباهتهم) على فصل الجنوب - وهم اليوم على (أهبة) الاستعداد لتكرار نفس التجربة (الفصل التعسفي) على ?صل الغرب، طالما أن الوسيلة في انجاز (المشروع الحضاري) متوفرة وبأداة للجودة الشمولية وبدراسة تسمى (بالحركات المسلحة) من (الاثنيات المسيسة) - وهنا تكمن خطورة (السر) الأمريكي والكيفية التي عبرها يتم انجاز رسم الطريق عبر الخطة (ب) بعد أن تأكد أن الوصول إلى الهدف لم يعد سهلاً، طالما أن الخطة (أ) قد وقفت عند (الفصل الأول) من مشروع التقسيم، ليصبح السودان دولتين بلا مقومات بعد أن ظل (الشريكان) أوان فترة حكمهما يرهنان كل (الموارد المادية والبشرية) إلى ما قبل اتفاقية نيفاشا وميزانية الحرب. وحينما التفتا إلى ما هو حا?ل وجدا نفسيهما في (الخلا) وكل نشوة للنصر عندهما قد تحولت إلى (هزيمة نفسية). وما يؤكد ذلك أن مشروع الوحدة والبحث عن (الهوية) لم يعد أمره معني به - (لا بوحدة جاذبة ولا خلافه) - بل هناك بتر تم لدولة تسمى (بدولة جنوب السودان) وأخرى اكتفت (باسم السودان) - ومازلنا نحن الشعب السوداني في رحلة البحث عن (الهوية) وخاصة في (دولة الشمال) والدليل على ذلك المراجعة المستندية لكل (الهوية السابقة) عبر ما سمى (بالرقم الوطني) كبديل (معتمد) (للجنسية والبطاقة الشخصية)، علماً بأن هناك (رش) غير عادي لعمالة أجنبية من جنسيات متعددة?والتي ظهرت بصورة أوضح في (سائقي الركشات) وبائعات القهوة في (الكرفانات) والمقاهي الأسفيرية في العديد من المناطق في (الديم - العمارات - الصحافة - القوز والرميلة ....الخ) بجانب الجريفات طبعاً، فهل هذه هي (الافرازات) والتي سعت أمريكا إليها من أجل نجاح مشروعها العدائي لتغيير الخارطة السكانية (للشعب السوداني)؟!!
وهذا ما يلزم الالتفات والتنبه!! ثم الترفع ضد الصغائر وخطاب الاستعداء الجهوي والذي مازلنا نسمعه من بعض النافذين في السلطة، كأنما ما حدث ويحدث من مؤامرات خارجية ضد السودان لم تعد تعينهم في شيء، طالما أنهم مازالوا (يلحسون في شوربة السلطة) ويدعون الآخرين إلى لحس الكوارع (أقصد الكوع)!!! كترتها يا (.....).
فإلى متى تصم الآذان ونكف عن سماع الكلمات النابية ومفردات التجريح الكريهة الرائحة، وإلى متى نتجاهل بالقصد لخطاب الكلمة الجميلة والتي تقود إلى تطييب وسماحة النفوس من (الغل)؟! ونغفل لملفات (السب واللعن) والذي لم ينته بنا إلا بالعودة إلى مربع الحرب من جديد - وخلق جنوب ملتهب جديد في أطراف السودان الشمالي أقصد (الحالي)؟!
ولماذا نفرح حينما نسمع أن أمريكا وجهت (لوم) لحكومة جنوب السودان وأمرتها بعدم دعمها (للحركات المسلحة) - وهل يعقل أن نصدق هذا القول، وأمريكا قد فشلت في تطبيق خطتها (أ)؟! والدليل أنها قد (جمعت شمل) الحركات المسلحة في (دارها) في أواسط شهر نوفمبر الجاري - ألا يعني هذا أن أمريكا (تقتل القتيل وتمشي في جنازتو)؟! ونحن حينما نتحدث عن الخطة (ب) لأمريكا في السودان لا نضرب على (الرمل) ولا نرمي (بالودع) ولسنا من دعاة قارئي (الكف) - لكننا (بالحدس) ننادي على طفل السودان وهو (متحضر) للموت على يدي أمهاته اللائي تعددن ولا خي?ر أمامهن إلا اللجوء إلى حكمة سيدنا (سليمان) لنعرف من هي الأم الحقيقية؟!.
وهذا لا يتأتى إلا بقيام حكومة (قومية جامعة) تحول دون اكمال ونجاح المشروع الأمريكي لتقسيم السودان ولو عبر ما سمى (بالربيع العربي) - علماً بأننا وحتى على مستوى التقسيم الاثني للشعوب في عالم اليوم، لسنا (بالمحسوبين) من الأعراق النقية، بل نحن (الأصل) (للسمرة الهجين) ويجب علينا ان نفاخر بذلك - دونما احساس بعقد (الاستعلاء العروبي) أو التسربل بعقد (العبودية والدون) - فنحن بالسودانوية قد ملكنا هويتنا ورددنا بالعزة على كل متشكك في (أصالتنا)، وان كانت درجات الألوان تكسب النقاء العرقي فليعلم أولئك الادعياء، ان هناك ض?ين في الحياة في كل شيء، ولا يمكن أن يكتمل حسنهما، إلا باظهار وجهيهما - (فالأبيض والأسود) كلاهما يكسب الآخر الهوية - وفي وسطيتهما تتفرد (سمرتنا المميزة)، ولازلنا نؤكد أن لا شمال بلا جنوب ولا شرق بلا غرب، ونحن الأقدر على خلق أجمل صورة إلى الانسان المثالي في عالم اليوم، فقط إذا تركتنا أمريكا لحالنا!! دونما وصايا وتدخلات خارجية، أو دعاوى (أوكامبوية) ودون الأكثار من خططها العدائية والتي تعددت صورها، منذ أن زرعت سمومها في خاصرة الشرق الأوسط والأدنى بعد (وعد بلفور) - ذلك الوعد العدائي لكل الشعوب المغلوبة على أمره?، وما حدث لفلسطين السليبة كان هناك خيار لأن يحدث نفس الشيء في الجارة (يوغندا) لولا أن الخيار الآسيوي عند الاستعمار البريطاني قد طغى على الخيار الأفريقي بين مستعمراتها والتي كانت لا تغيب عنها الشمس.
(3)
بكاء البعض على أطلال القومية
اليوم آن للشعوب والتي سبق لها أن أتحدت تحت مظلة دول عدم الانحياز ألا تبكي على ضياع (القومية) وما حدث لها من ذبح في (دكاة الجزارة الأمبريالية) وخاصة ضد قادتها من الذين أكثروا من اذلال شعوبهم فوجدوا الجزاء جراء ذلك، وهم من ساعدوا (بالمد) لأذرع أمريكا الممتدة والمتعددة كالأخطبوط، بدءاً من (العراق) الشقيق ووصلاً إلى (تونس الخضراء) مروراً (بمصر الفراعنة) واليوم صحراء ليبيا، ليمتد الربيع (الزئف) إلى اليمن السعيد وسوريا والهلال الخصيب!!
٭ أمريكا تسعد اليوم بنجاح خطتها (الأولى) في العديد من دول الشرق الأوسط لتتفرغ من بعد ذلك إلى دول أفريقيا جنوب الصحراء، ولكنها كما هو واضح مازالت عاجزة عن ذلك - لذا نراها اليوم قد لجأت إلى خطتها (الثانية) وما أدراك ما الثانية (ب)؟! ثم ما أدراك ما الخطة (ب)؟! - والسؤال؟!
هل تدرك السلطة الحاكمة مآلات النهاية التي ترسم وتعول عليها أمريكا في بحثها عن توفير (أداة) طيعة وسلطة تمكنها من رسم طريقها، علماً بأن الهدف (الأمريكي) - لا يعنيه من هو (القيم) على أمر ادارة تلك السلطة، بقدر ما يعنيها نجاحها في اكمال المشروع الاستراتيجي الأمريكي في الشرق الأوسط وجنوب الصحراء الكبرى، وبالضرورة فالسودان هو العمق الاستراتيجي لنجاح ذلك المشروع من حيث الموقع الجغرافي وما يتمتع به بالعديد من الموارد المادية والبشرية، ومن مستقبل لتوفير المياه النقية علماً بأن الحرب القادمة هي (حرب المياه)!! وهذا م? ألزم أمريكا للالتفات إلى حجم السودان الكبير، لذا سعت إلى تقسيم مساحته إلى العديد من (الدويلات) الصغيرة (الفاشلة) ادارياً وفنياً، ليتمكن تبعاً لذلك (استعمارها) بالوكالة. وعبر (الريموت كنترول) من البيت الأبيض.
وما يؤكد هذا القول ان الرئيس (44) لأمريكا أوباما - هو من أبناء مناطق نفوذ القبائل النيلية - وهو من حيث العرق (هجين) كالسودانيين أسمر اللون، بل هناك بعض الأقوال التي تنسبه إلى إحدى القبائل النيلية في السودان يبقى طالما أن (السُمر) دون (الزنوج الصرف) هم من يحكمون أمريكا اليوم فبالضرورة - فان خيرات السودان وسكانه هم جزء أصيل لاكمال الخطة (ب)، والتي تنشدها أمريكا في حكمها للعالم اليوم وفي زمن العولمة.
(4)
المؤتمر الشمولي والأحزاب الديمقراطية
ان الحديث عن قوة المؤتمر الوطني (كحزب حاكم) وضعف الاحزاب الأخرى يعني أول ما يعني الافرازات السيئة لقبضة الأنظمة الشمولية وخاصة من أتت إلى السلطة (ليلاً) عبر الانقلابات العسكرية، ففي ظل غياب التداول السلمي للسلطة وحرمان الاحزاب الديمقراطية من ممارسة حقها الطبيعي في المؤسسية فبالضرورة كان لابد أن يصيبها الضعف والتفتت وهذا ما سعت إليه الانقاذ لتستفرد (بالسلطة والثروة) وتخلو لها الساحة لينعكس ذاك الوضع تشريداً لعضوية الاحزاب والتي ينعتها تنفيذي الانقاذ اليوم بالضعف وعدم المقارنة (يا سبحان الله). فالشيء المعروف?ديمقراطياً وسياسياً ان أي حزب (محترم) يستمد صلاحية وجوده و(قوته) من وجود الرأي والرأي الآخر وتوفر (شرف الخصومة) السياسية وهكذا تحدثنا أكثر نماذج الديمقراطيات رسوخاً في العالم في انجلترا، أو أمريكا فلولا حزب (المحافظين) لما كان هناك حزب للعمال - ولولا الجمهوريين لما كان هناك حزب للديمقراطيين، وهكذا، وعلى الانقاذيين أن يقيسوا ذلك (باظهار قوتهم) والتباهي بها دون المقارنة ولنعتهم للأحزاب الأخرى بالضعف (الاختشوا ماتوا)!!
٭ علماً بأن فكرة الأحزاب وبنياتها عبر التاريخ - هي على النقيض لما تطرحه أحزاب الأنظمة الشمولية ذات الخلفية التآمرية، ومهما رسخت من قبضة بقائها في السلطة، أو تباهت بحزبها (المؤتمر الوطني) - فالتاريخ يؤكد ان الادعاء الظاهر من رأس جبل الجليد ما هو إلا انعكاس لأزمة البركان الداخلي والذي مازال يغلي تنظيمياً وخاصة (بالعجز) على تشكيل الحكومة وتأخير اعلانها إلى اليوم، والحجة عدم الاجماع - وتمنع الأخر طيب (ما 22 عشرين سنة العربية مدورة بالاسبيرات) ليه اليوم مشت الانقاذ تبحث عن (الأصل)؟! (ما قلتو الطائفية ضيعت البلد?؟!! لكن صحى الغاية تبرر الوسيلة (لا تعليق)!!
٭ يبقى الحديث عن قوة المؤتمر الوطني واستفراده (بالساحة) تعبير حقيقي عن حجم المأساة التي انتهت إليها الحياة السياسية في السودان. وكل ذلك تم بالآتي:
٭ بالاحتكار للسلطة والثروة للمحاسيب وأصحاب الحظوة من (الأخوان) بعد التمكين.
٭ المصادرة لحقوق الآخر وبالاحالة دون ممارسته لحقه المشروع في حرية الحركة والتواصل الحزبي مع الجمهور، ومتى ما توفرت تلك المساحة المسلوبة بالقهر، فحتماً سيعود الوضع الديمقراطي في وسط الاحزاب إلى ما كان عليه، ولحظتها سيعرف (المؤتمر) ما هو حجم (الانقاذ) الحقيقي (-) وهذا يقود إلى السؤال، لماذا منعت السلطة اقامة حزب الأمة القومي لندوته بكوستي؟!
٭ إذا كان (المؤتمر) حادبا حقيقة للحديث عن المؤسسية، فما هو في حاجة إلى اشعال نيران الحرب وخطاب التعبئة العدائي - ولما رأينا كيف أن أئمة المساجد في الكرمك وفي يوم عيد الأضحى المبارك، قد أصبحوا قادة ميدانيين وهم يرتدون الزي العسكري ويؤمون الناس لصلاة العيد!!
٭ ونفيد قادة المؤتمر في تباهيهم بقوتهم، ونقول لهم لماذا العودة إلى برنامج التعبئة وما يسمى (بساحات الفداء) ألا يؤكد ذلك انكم مازلتم في محطة الارهاب والتي مازالت تقول وتردد (أو ترق منا الدماء، أو ترق منهم دماء، أو ترق كل الدماء) فلماذا كل الدماء؟! وكيف لمن ينادي باراقة كل الدماء أن يتحسر عن ضعف الخصوم من الاحزاب مقارنة بقوة مؤتمر (الاخوان) وعضويته المتطهرة بماء الطهر (الانقاذي)؟!
٭ ولكن وضح أن ما حدث من تحسر عاطفي على ضعف الاحزاب، هو من أعظم صكوك الغفران (الديمقراطية) التي يمكن أن يمنحها (الأخوان) للشعب السوداني في كل دعوتهم للجمهورية الثانية.
٭ وحقيقة كل اناء بما فيه ينضح - وكيف يحق للأحزاب أن تطالب بديمقراطية المؤسسات إذا كان غالب ما ينادي به الشعب السوداني هو (التمكين) لحزب المؤتمر الوطني، وكل من أراد السلطة فعليه بعضوية المؤتمر الوطني؟!
٭ ترى كيف يتم الاقتباس، وتوظيف النص المقدس، لصالح الفرد على حساب الجماعة، ورغم ما أثرنا نقول - عودوا فالعود أحمد - ونقول لا بديل للديمقراطية إلا توفير المزيد من الديمقراطية واعدام الأنظمة الشمولية، وطالما أن السودان في خطر وخطورة الوضع في أزمة الاحزاب، ومن أعاقها دون اكمال مشروعها الديمقراطي هي قبضة الانقاذ الشمولية منذ (30 يونيو 1989م) وإلى الآن - وتلك الحالة هي التي عليها سودان اليوم (صدق ذلك متنفذو الانقاذ أم كذبوه) - ونفيدهم أكثر أن التعويل على بقاء السلطة كالتعويل على عدم زوال (ضل الضحى)!!.
٭ أما تحسرهم على ضعف الأحزاب (فأهل مكة أدرى بشعابها) - والضعف الحقيقي للحياة في السودان هو في الاصرار على بقاء الانقاذ وشموليتها في السلطة.
٭ وشعب السودان اليوم أمام خيارين اما التداول السلمي للسلطة عبر دولة المؤسسات الديمقراطية للأحزاب وعودتها - والا فأمريكا وخطتها (ب) هي البديل عبر البند السابع - وذاك أسوأ الخيارات المطروحة اليوم لمستقبل ما تبقى من دولة وشعب السودان مابعد 2011/7/9م (يعني ما بعد فصل الجنوب بالعربي)!!
هامش:-
ودعت البلاد الأسبوع المنصرم - واحداً من عظماء بلادي وأبكار الفكر والسياسة والقلم، الراحل التجاني الطيب بابكر - فالأستاذ التجاني نموذج مشرف للوطني الغيور والمناضل الجسور، من الذين رهنوا جل حياتهم لما آمنوا به من مبادئ وهذه النوعية من الكوادر الناشطة حزبياً وسياسياً أصبحت اليوم نادرة الوجود وعملة (حرة) غالية الثمن في ساحة العمل العام. رحم الله أستاذ الأجيال (بلدوزر اليسار) والتعازي لكل دعاة الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة في العالم (يسارهم واليمين).
(إنا لله وإنا إليه راجعون) صدق الله العظيم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.