ضجت جنبات القصر الجمهوري ظهر أمس بالوزراء الذين يُشكلون ائتلاف الحكومة الأولى في الجمهورية الثانية ، تقاطر الوزراء ووزراء الدولة لأداء القسم أمام الرئيس عمر البشير بحضور رئيس القضاء ، ايذاناً بالبدء في مهامهم التنفيذية التي كُلفوا بها ، وبدا أن التحديات الجسام التي تحيط بالسودان كدولة قد ألقت بظلالها على ما جادت به قريحة القلة القليلة من الوزراء الذين أدلوا بتصريحات صحفية ، كما بدت الحماسة ظاهرة في حديث الوزراء ووزراء الدولة للدرجة التي كشف فيها البعض عن خططهم المستقبلية للعمل في وزاراتهم الجديدة ، وكأ? القدر قد خدم قبيلة الصحفيين حينما ساق اليهم وزير الاعلام الجديد عبدالله علي مسار ليدلي بدلوه كاشفاً عن خطته القادمة للعمل في وزارة الاعلام، حيث دعا الى اهمية تضافر جميع الجهود وأجهزة الاعلام من أجل وقف الهجمة الاعلامية الخارجية الشرسة التى تستهدف السودان، معتبراً أن عهد « دفن الرؤوس» قد ولي ، وعلى الرغم من أن وزير الاعلام تولى دفة العمل في وزارة خارج تخصصه حسبما أقر بذلك الاّ أنه سيعمل على اعادة صياغة الاعلام الخارجي، وأعلن في أول تصريحات صحفية له عن اربعة محاور سيرتكز عليها عمل وزارة في الفترة القادم? ، وبدا وكأن نبرة الاصلاح التي أخذت في التصاعد في الفترة الماضية قد وجدت طريقها الى وزير الاعلام الذي أعلن عن اصلاحات كثيرة تشمل الأجهزة والشخوص الموجودين داخل الاجهزة الاعلامية هذا مع تطوير الاجهزة الاعلامية ، وأن الاصلاح سيشمل الانسان والآلة على حدٍ سواء، واضاف « كل انسان لا يمتلك القدرة الكافية لا ينفع معنا في الفترة القادمة « ،وبعيداً عن «الشلليات « والأصدقاء سيكون العمل في المرحلة المقبلة في الوزارة ، « لايوجد فيها صاحبي وانما الرجل المناسب في المكان المناسب ،كما اننا سنستعين بمجالس الاعلام ووز?اء الاعلام السابقين « . ولطالما كانت وزارة الدولة هي المتحدث الرسمي باسم الدولة ولطالما كثر في عهد حكومة الحزب الواحد المتحدثين باسم الحكومة، فان الوزير الجديد تعهد بأن يكون هناك متحدث واحد باسم الحكومة ،وقال « سيكون هناك ناطق رسمي يعبر عن الحكومة»، وأضاف « نحن نبني ويأتي اخر ليهدم في جزء من الثانية «، وحدد للناطق مهمته التي تنحصر في التعبير عن رأي الدولة وليس عن هواه ، وأنه سيتم تنسيق على مستوى المعلومات بين المتحدثين الرسميين في الوزارات وبين وزارة الاعلام . وقال مسار ان عهد الاحتكار قد ولي وان الفضاء مفتوح للجميع حاصراً مه?ة الدولة في التنظيم . وبشر الوزير الذي لم تفتر حماسته حتى اخر جزئية من تصريحاته بأن الاعلام لن يكون حكومياً قابضا أو صفوياً ، وأن الجيمع سيجد حيزاً فيه ليعبر عن كيانات الامة ومكوناتها ، ولابد من ثورة اصلاحية . مشدداً على أن يكون الاعلام حرا ونزيها مع الحفاظ على التنوع الذي يتميز به السودان ، كما حرّص على تضافر الجبهة الداخلية وملء الفراغ والتضامن ، ااضافة الى ضرورة ان يتميز الاعلام بمصداقية لخدمة الجميع . وكان ان حظي الصحفيون بتصريحات من وزير الاتصال وتقانة المعلومات - الوزير الاتحادي ووزير الدولة - حيث اجتمع في هذه الوزارة أنصار السنة المحمدية والمؤتمر الوطني ، وعلى الرغم من التطمينات التي بثها الوزير محمد عبدالكريم هدل عن أن جماعة أنصار السنة المحمدية جماعة معتدلة وغير متطرفة الاّ أن الصحفيين لم يفوتوا الفرصة وعكسوا للوزير مباشرةً توجساتهم من ان ما يمتاز به عصر المعلوماتية من انفتاح نحو الآخر بصورة لا محدودة ليشمل ذلك الانفتاح المواقع الالكترونية والقنوات الفضائية وهو الشئ الذي ربما لا يتسق مع توجهات?الجماعة الدينية ، بيد أن الهدل أكد أنه يمثل جماعة أنصار السنة المحمدية ذات القاعدة العريضة وان الدين لا ينفصل عن الدولة، وأشار الى أنه سيعمل بصورة متعاونه مع منهج الأمة وتوجهاتها الاسلامية ، وفيما يتعلق بحجب المواقع من عدمه فان الوزير ترك للشعب السوداني المسلم أمر التقرير مع الالتزام بخط الدولة فيه ، قائلاً « ان الشعب السوداني شعب مسلم وهو قادر على التمييز بين الصحيح والخطأ ،ونحن مع سياسة الدولة « ، ولأن ثورة المعلوماتية لم تستثنِ أحداً فان الوزير المنتمي الى الجماعه ذكّر بأن كوادر الحزب على وعي وادراك ?ام بما يحيط من تقانة، وأنه سيقود المجتمع الى الافضل مع المؤتمر الوطني « كما نعلن التزامنا بالدستور والقانون واعلاء كلمة الله واقامة الدين على الشريعة في البلد نعاهد الشعب بالتعاون مع الوزراء في الحكومة والعمل على الارتقاء بالوزارة وبالمعلوماتية والاتصالات لمصاف الدول العالمية « والقول هنا للمهندس محمد عبدالكريم . أما الضلع الآخر في الوزارة والتي كانت من نصيب المؤتمر الوطني فقد أُعطيت لشابة في مقتبل العمر فكانت وزيرة الدولة بوزارة الاتصالات وتقانة المعلومات عزة عمر عوض الكريم التي قدمت نفسها كعنصر يحسب للم?أة السودانية عن فئة الشباب، وقالت ان هدفها البلد والمواطنين الذين تنشد دعمهم ودعم الاعلاميين الذين تعد نفسها منهم - حسب قولها - ، وأكدت الوزيرة الشابة التي استعانت بعدد وافر من الآيات القرآنية أثناء حديثها ،انها لن تعد بشئ لأن شيئاً لن يتم مالم يأذن الله بذلك . وأضافت الوزيرة التي بدت متحمسة لتويلها المنصب وهي في سن الشباب « أنا أريد أن اثبت أن فئة الشباب قادرة على العطاء والابداع ،كما أريد أن اقتفي أثر من سبقوني من نساء السودان الرائدات « . وبدا لافتاً أن من حضر الى القاعة المخصصة للتصريحات الصحفية شاغلو المقاعد الوزارية الحديثين ، حيث لم يأتِ أي وزير من الذين ظلوا في وزاراتهم ليكشف للرأي العام عن خطته المستقبلية في العمل أو حتى ليوضح التزامه بما أقسم . وخارج القائمة الوزارية التي أُزيح عنها الستار قبل يومين ، ظهرت وزيرة الدولة بوزارة الكهرباء والسدود تابيتا بطرس، التي وصفت المدة الزمنية التي بارحت فيها كراسي العمل التنفيذي بأنها كانت استراحة محارب ، وأن التكليف الجديد سيجد منها اهتماما بذات القدر الذي كانت فيه سابقاً « انا اقبل اي تكليف « ? ولأن الوزيرة اعتادت على العمل الخدمي فقد أكدت سعيها جاهدة للتعاون مع الوزير الاتحادي أسامة عبدالله للتواصل مع المواطنين في الميدان ، وأن خطتها للعمل ستكون عملياً في الميدان و مشاريع حصاد المياه ، والسدود الصغيرة ، كما تعهدت بالاستماع لكل المتأثرين بالسدود من المواطنين ، واضافت « جئنا كخدام للشعب ، وليس للجلوس في المكاتب المكيفة واستلام التقارير . هذا نهج نرفضه « . ، ونقلت تابيتا توجيهات الرئيس لوزراء الدولة وهي « العمل بصورة جماعية من أجل السلام والوحدة الوطنية والاهتمام بالمواطنين على مستوى مجلس الوزراء « . الشريك الأكبر في الحكومة ذات القاعده العريضة الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل تحدث منسوبوه في الوزارة الجديدة عن أنهم دخلوا الحكومة للمشاركة في تحمل المسؤولية الكبيرة ، وأشار وزير رئاسة مجلس الوزراء أحمد سعد عن تحملهم التكليف والمشاركة في الحكومة العريضة لانجاز مهام جسام بالمشاركة مع الاحزاب الاخرى، وقال « سنعمل في وزارة مجلس الوزراء لانجاز ما يمكن انجازه ، ديدني في العمل العام التجرد ونكران الذات والصدق والامانة ، وسنكون عونا للرئيس كل ما نستطيع تنفيذه « الفرع المشارك من حزب الامة وهو حزب الامة الفيدرالي?القيادة الجماعية تحدث عنهم وزير الاثار والسياحة غازي الصادق، مؤكداً على تحقيق الامن والسلام والتنمية المستدامة وتأمين الوطن، وان تعمل الحكومة كما قطع في القسم للعمل بصورة جماعية لأجل حمايتها من كل المهددات ومجابهة التحديات وتأمين معاش المواطن وفق السياسات الاقتصادية ، وبدا وزير السياحة مهموماً بالقضايا الامنية التي تحيط بالوطن حيث قال « سنقف خلف القوات المسلحة والأمنية ، والعمل على استقرار الاوضاع في ولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق» . ولأن السياسات الاقتصادية في سودان ما قبل الانفصال كانت منصبة على البترول كمورد رئيس للاقتصاد وبالتالي اهمال باقي الموارد الاقتصادية الأخرى التي يزخر بها السودان فان الاهتمام بالمشاريع الزراعية سيكون من أبرز اولويات وزير الدولة بوزارة الزراعه جعفر أحمد عبدالله الذي شدد على عودة المشاريع الزراعية - الجزيرة والرهد - الى سابق عهدها، وقال لن تكون هناك عقبة تحول دون حل مشاكل البلد، وأضاف « سنصل الي الحد الذي من أجله دخلنا الحكومة سنبر بهذا القسم امام الله والشعب السوداني ، « نحن جند ولسنا وزراء « طالما وجدت ر?ي وعقلية بالتفاهم والتجرد لن تكون هناك عقبة تحول دون حل مشاكل البلد « . واتفق جميع الوزراء بأنهم « خدام للشعب السوداني وليس حكاما « ، وحسب ما صرح وزير الدولة بوزارة المالية عبدالرحمن ضرار ، وقال ، نحن بالتعاون مع الوزير الاتحادي علي محمود سندير الاقتصاد بجدية لتحسين اوضاع الناس المعيشية غير أنه اعتذر عن الخوض في اي تفاصيل تخص تحسين اوضاع العمال المتردية باعتبار أن الوقت غير مناسب . وبالأمس ادي القسم أمام الرئيس مساعد رئيس الجمهورية نافع علي نافع بحضور رئيس القضاء مولانا جلال الدين محمد عثمان ووزير شئون رئاسة الجمهورية. بكري حسن صالح ، ويذكر أن نافع أدي القسم منفرداً وذلك لتعذر ادائه مع رفقائه مساعدي الرئيس الاسبوع الماضي وذلك لوجوده خارج البلاد . وكانت القيادة السياسية في الدولة قد أعلنت عن تشكيل الحكومة الاربعاء الماضي غير أنها أخذت الصبغة القانونية ووضعت في قالبها القانوني أمس بعد اصدار المراسيم الرئاسية التي عكف القصر الجمهوري علي صياغتها يومي الخميس والجمعة. وحسب مصدر حكومي مطلع فان رئيس الجمهورية أصدر ثلاثة مراسيم جمهورية الأول لتسمية الوزارات والأجهزة التابعة لها، والثاني لتعيين الوزراء الاتحاديين، والثالث لتعيين وزراء الدولة. وأضاف المصدر ل« الصحافة » ان ما تم الاعلان عنه اواخر الاسبوع الماضي عبارة عن الاعلان السياسي وان رئاسة الجمهورية تضع تلك القرارات في القالب القانوني .