حوار: النائبة العامة السودانية تكشف أسباب المطالبة بإنهاء تفويض بعثة تقصّي الحقائق الدولية    حمّور زيادة يكتب: السودان والجهود الدولية المتكرّرة    الأهلي الفريع يكسب خدمات نجم الارسنال    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    «تزوجت شقيقها للحصول على الجنسية»..ترامب يهاجم إلهان عمر ويدعو إلى عزلها    رئيس مجلس السيادة القائد العام وأعضاء المجلس يحتسبون شهداء مسجد حي الدرجة بالفاشر    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    بيان من وزارة الثقافة والإعلام والسياحة حول إيقاف "لينا يعقوب" مديرة مكتب قناتي "العربية" و"الحدث" في السودان    يرافقه وزير الصحة.. إبراهيم جابر يشهد احتفالات جامعة العلوم الصحية بعودة الدراسة واستقبال الطلاب الجدد    حسين خوجلي يكتب: السفاح حميدتي يدشن رسالة الدكتوراة بمذبحة مسجد الفاشر    البرهان يصدر قراراً بتعيين مساعد أول للنائب العام لجمهورية السودان    راشفورد يهدي الفوز لبرشلونة    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    نوارة أبو محمد تقف على الأوضاع الأمنية بولاية سنار وتزور جامعة سنار    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    المريخ يواجه البوليس الرواندي وديا    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكلام دخل الحوش الجولة الرابعة يكتبها: عمر مصطفي المكي
أوراق خضراء ك الصحافة تفتح الملفات القديمة صلاح أحمدابراهيم وعمر مصطفي لمكي وجها
نشر في الصحافة يوم 31 - 01 - 2012

رسمت المساجلات الصحفية لنفسها طريقا فارقا في العقود الماضية من تاريخنا المهني، فقد كانت ملح الأوراق في بلاط صاحبة الجلالة الملكي، وزاد المجالس الانيقة في ارجاء البلاد، ومعين الفكر والمتعة وحسن الذوق الذي لا ينضب لجمهور القراء، والمتبتلين العاشقين لمحاسن الكلم. ولما كانت ستينيات القرن الماضي من أزهى حقب الفكر والكتابة، لانها شهدت اصطراع تيارات سياسية وفكرية وثقافية مختلفة في المشهد السوداني، فقد افرزت اقلام عملاقة وعقول حرة تحلق في السموات دون حتى قيود دنيوية. ومن اشهر تلك الاقلام التي تساجلت فكريا على صفحات جريدة « الصحافة» في اواخر الستينيات الراحلين صلاح احمد ابراهيم وعمر مصطفى المكي. وتعيد الصحيفة نشرها اثراءً للساحة الفكرية والصحفية.
تواصل «الصحافة» نشر ردود الراحل عمر مصطفى المكى على ما خطه الراحل صلاح احمد ابراهيم، في الثلاث ليال الماضية، و التي نشرت تحت عنوان « صلاح الدين ومكائد الحشاشين».
قبل ان انتقل الى السؤال الثالث عن علاقات صلاح أحمد ابراهيم المشبوهة أود أن أصحح خطأ فنياً بسيطاً وقعت فيه المطبعة بالنسبة للكلام المكتوب على الكتاب الذي ترجمه صلاح أحمد ابراهيم لمؤسسة فرانكلين مما أدى الى تداخل السطور: والصحيح هو الآتي: النقد الادبي: تأليف وليام فان أوكونر: ترجمة صلاح أحمد ابراهيم نشر بالاشتراك مع مؤسسة فرانكلين المساهمة للطباعة والنشر - بيروت نيويورك ومكتوب عليه أيضاً:
«هذه الترجمة مرخص بها وقد قامت مؤسسة فرانكلين المساهمة للطباعة والنشر بشراء حق الترجمة من أصحاب هذا الحق» - أي صلاح أحمد ابراهيم.
وبهذه المناسبة فقد خطر لي ان صلاح أحمد ابراهيم قد ينفي أنه كان على علم بحقيقة مؤسسة فرانكلين عندما كان يتعامل معها. وقد يستشهد بكتاب آخرين تعاملوا معها دون أن يعلموا حقيقتها.
وهذه حكاية قد أصبحت قديمة. فكل العملاء الذين انكشف أمرهم بعد الفضيحة الشهيرة للمخابرات الاميركية في العام الماضي لجأوا الى الانكار ونفوا علمهم بأن المؤسسات التي كانوا يتعاملون معها خاضعة أو تابعة للمخابرات الاميركية.
وأنا لا أستبعد ان بعض الأبرياء قد وقعوا ضحية جهلهم بحقيقة مؤسسة فرانكلين.. ولكن هل يمكن ان ينطبق هذا على صلاح أحمد ابراهيم؟ هل يمكن ان تفتح مؤسسة تابعة للمخابرات الاميركية ابوابها وخزائنها لشخص كان حتى قبل ذلك بثلاث سنوات أحد قادة رابطة الطلبة الشيوعيين بجامعة الخرطوم ام ترى المخابرات الاميركية لا تعرف شيئاً عن انتماءات صلاح السياسية السابقة؟!
فهل يحق لنا ان نتصور ان التعامل مع هذه المؤسسات ممكن دون ان يقدم العميل المعين «أوراق اعتماد» جديدة يؤكد فيها استعداده التام للتعاون ويعلن تبرأه من كل شيء؟ نحن نعلم ان الحكومة الاميركية - دعك من مخابرات تتمنع في منح تأشيرة الدخول للولايات المتحدة لبعض مبعوثي حكومة السودان من الموظفين اذا اتضح لمخابراتها ان علاقات ما كانت تربط هؤلاء الموظفين بالحزب الشيوعي في يوم من الايام حتى ولو كان ذلك قبل عشرين عاماً. ان الامثلة لذلك كثيرة ومعروفة للجميع فهل تكون تأشيرة الدخول لمؤسسات تابعة للمخابرات الاميركية اسهل من تأشيرة الدخول للولايات المتحدة؟ انا شخصياً اعتقد ان الحصول على هذه التأشيرة لا بد ان يكون اصعب بكثير ودونه اشياء وأشياء. والحكم في هذا متروك للقراء.
ومهما يكن فإنني اعلم حق العلم ان صلاح أحمد ابراهيم على استعداد تام لتقديم «أوراق الاعتماد» المطلوبة لاية جهة اذا كان ذلك يخدم له غرضاً أو منفعة مادية وله في ذلك سابقة ارويها لكم:
ففي سنة 2691م تقدم صلاح أحمد ابراهيم للعمل في السلك الدبلوماسي بوزارة الخارجية ورفض طلبه بسبب علاقاته السابقة بالحزب الشيوعي.. فماذا فعل صلاح الذي لا يزال يقول اليوم «الصحافة 32 يوليو»: «انني لم أمت كشيوعي اذا كانت الشيوعية هي الحق والانسانية وخدمة الناس» والذي يقول ايضاً رداً على الاستاذ خالد المبارك «الصحافة 92 يوليو»: لم أكن ممن نسى قومه ايام الحكم العسكري ولا تضطرني للحديث عن عملي المتواضع.
هاكم اذن نموذج «لعمل صلاح المتواضع - ايام الحكم العسكري:
فعندما رفض طلبه للالتحاق بالسلك الدبلوماسي ذهب صلاح أحمد ابراهيم يطلب وساطة احد كبار السفراء بوزارة الخارجية وتوسط له السفير ونظم له مقابلة مع اللواء حسن بشير بدار الثقافة بالخرطوم. وفي تلك المقابلة اكد صلاح احمد ابراهيم للواء حسن بشير انه لم يترك الشيوعية فقط وانما هو اليوم من ألد أعداء الشيوعية في البلاد.. وذهب صلاح أحمد ابراهيم ابعد من ذلك واعلن عن استعداده لتقديم تعهد بخط يده. وكتب له اللواء حسن بشير مذكرة للسيد أحمد خير وزير الخارجية آنذاك يوصي فيها بتعيينه في الخارجية ويؤكد فيها انه شخص «متعاون» وحمل زعيم اليسار الجديد التوصية وهو يطير بها فرحاً وذهب لوزارة الخارجية وظل يتردد اسابيع بحالها على مكتب السيد أحمد خير دون ان يحظى بمجرد مقابلته، كان يحضر للوزارة في الصباح ويعود بعد الظهر ويوسط الموظفين ليهيئوا له مقابلة وزير الخارجية: وهذه الواقعة يعرفها عدد كبير من الدبلوماسيين الموجودين الآن برئاسة الوزارة. ورغم ذلك ورغم كل عمليات اراقة ماء الوجه من جانب زعيم اليسار الجديد الذي «يساوي اغلبية» في حساب الثوريين - رغم كل ذلك فإن السيد أحمد خير قد رفض تعيين صلاح أحمد ابراهيم لانه فيما يبدو لم يقتنع يومها بتوبته. وكجملة استطرادية فقط فإن اللواء حسن بشير قد ابدى استياءه من حضور صلاح لمقابلته بدار الثقافة بالقميص والبنطلون وعبر عن استيائه هذا للسفير الوسيط!
ننتقل الآن الى النقطة الثالثة في علاقات صلاح أحمد ابراهيم المشبوهة.
ان صلاح أحمد ابراهيم لا يمكن ان يوصف بالثراء.. فهو موظف صغير ومع ذلك فإن صلاحاً هذا ظل في السنوات الاخيرة يقضي اجازاته متجولاً في اوربا. ولا ادري ان كانت هذه القدرة متوفرة لدى وكلاء الوزارات في هذا البلد او ان هذه القدرة يبررها مرتب صلاح أحمد ابراهيم او مصادر أخرى مجهولة سواء أكانت مؤسسة فرانكلين او مؤسسة روكفلر او مؤسسات اميركية اخرى لم نكتشف علاقة صلاح بها بعد.
المهم هو ان صلاح أحمد ابراهيم قام برحلة غامضة الى لندن وباريس في سنة 6691م ونزل في كل من البلدين بمنزل السفير السوداني ورفض ان يجيب على اسئلة الدبلوماسيين حول اغراض رحلته. ولكنه اجاب بانه «يقضي اجازة» عندما سأله وزير الزراعة السوداني الذي كان يزور فرنسا وقتها.
وقام في سنة 7691م برحلة اخرى الى ألمانيا الغربية وبريطانيا - بعد كورس قصير في فرنسا - وفي لندن كان ينزل في فندق فاخر في حي بيكاديللي لا ينزل فيه الا المقتدرين من السواح الاميركان وكبار الكتاب والصحفيين في اوربا وقضى في ذلك الفندق شهرا كاملا ولم يكن احد من الطلاب يعرف شيئاً عن المهمة التي جاء من اجلها صلاح وكان يجيب على اسئلتهم بانه يقوم بجولة «تور.. بالانجليزي» وفي نهاية رحلته للندن اشترى صلاح أحمد ابراهيم عربة هيلمان جديدة لنج ودفع ثمنها نقداً. كما دفع نقدا ايضاً تكاليف ترحيلها لميناء بورتسودان عن طريق رأس الرجاء الصالح «وهذه العربة معه الآن».
إن صلاح أحمد ابراهيم الموظف البسيط الذي يحاول ان يؤكد فقره في مناسبة وفي غير ما مناسبة والذي «لا يملك في هذه الدنيا غير شعره» له من المصادر ما يمكنه من التجول سنوياً في اوربا والنزول في الفنادق الفاخرة وشراء العربة نقداً في نفس الوقت الذي يستكثر فيه صلاح أحمد ابراهيم على عبد الخالق محجوب بدلة نظيفة يلبسها في جلسات الجمعية التأسيسية. كما يستكثر عليه عربة الفولكسواجن التي ظلت اقساطها تدفع لمدة عامين!
وصلاح أحمد ابراهيم يتحدث ايضاً عن أموال عبد الخالق محجوب التي تستنزف من عرق العمال.. حسناً! اذا كان صلاح يشير الى مصدر «اموال - عبد الخالق وهو العمال، فهو مطالب ان يكشف لنا عن مصادر امواله هو.. اما نحن فإن اعتزازنا شديد بالمصادر التي نسبها الينا صلاح احمد ابراهيم وستظل هذه المصادر فخر يومنا وزاد حياتنا.. ان المتفرغين للعمل الثوري الذين يعتمدون في حياتهم على القروش القليلة التي يدفعها العمال والمثقفون والفلاحون من اعضاء الحزب والعاطفون عليه لا يمكن ان يحسب ذلك مسبة لهم ولا يمكن ان يشكل اتهاماً.
ان اصبع الاتهام لا يمكن ان يشير الى الشيوعيين يا صلاح أحمد ابراهيم.. وانما يمكن ان يشير - وبسهولة جداً - الى موظف صغير له مصادرك وامكانياتك.
النقطة الرابعة:
وصلاح أحمد ابراهيم شديد الاعجاب فيما يبدو بالكتب التي تصدرها وكالة المخابرات الاميركية لا في مؤسسة فرانكلين وحدها وانما كذلك في مؤسسات النشر الاميركية الاخرى فهو في مقاله قبل الأخير ل «الصحافة 32 يوليو» يستشهد بحديث طويل كتبه ريتشارد رايت في كتاب «الاله الفاشل» وقد اراد صلاح أحمد ابراهيم بنقله لذلك الحديث ان يقول ان قصة طرده من الحزب الشيوعي شبيهة لما حدث لريتشارد رايت في الحزب الشيوعي الاميركي قبل خمسة وثلاثين عاما.
حسناً اننا لا نرفض المقاربة بين ريتشارد رايت اميركا وريتشارد رايت السودان فهنالك اوجه شبه بين الشخصين فعلاً!
ولكن دعونا اولا نلقي نظرة على كتاب الاله الفاشل وعلى مؤلفيه فهذا الكتاب اصدرته وكالة المخابرات الاميركية باسم مؤسسة «بانتام» للنشر التي تعمل في الولايات المتحدة وكندا وقد صدر الكتاب لاول مرة في يناير سنة 0591م وهي الفترة التي شهدت قمة نشاط المكارثية في الولايات المتحدة نسبة للسناتور جوزيف مكارثي عضو مجلس الشيوخ الاميركي ورئيس لجنة النشاط المعادي لاميركا آنذاك» حيث تحولت الولايات المتحدة دولة بوليسية شديدة الفظاظة وبلغت العداء للماركسية ولكل الفكر التقدمي درجة لا نظير لها الا على عهد النازية في ألمانيا.
وفي تلك الايام وتحت تلك الضغوط الرهيبة جمعت المخابرات الاميركية «اعترافات» عدد من المثقفين ونشرتها في مجموعات متلاحقة من الكتب كان من بينها كتاب «الاله الفاشل» الذي يستشهد به صلاح أحمد ابراهيم اليوم ويحاول ان يجعله اصبع اتهام يشير به الى الحزب الشيوعي السوداني! واذا نظرنا الى مؤلفي الكتاب الستة فإننا نجد بينهم:
1- ريتشارد رايت: الذي اصبح في آخر ايامه من اكبر عملاء النظام القائم في الولايات المتحدة ومن الكتاب الزنوج الذين خانوا قضية قومهم ووضعه الزنوج الاميركان انفسهم في قائمة الخونة والعملاء الذين باعوا ضمائرهم وباعوا شرف الكلمة: ومن حق صلاح أحمد ابراهيم ان يشبه نفسه بريتشارد رايت فهذا امر يخصه هو.
2- ومن مؤلفي الكتاب ايضاً آرثر كويستلر وهو من قادة جمعية حرية الثقافة التي انكشف امرها ايضاً عقب فضيحة المخابرات الاميركية في العام الماضي بوصفها مؤسسة تابعة لوكالة المخابرات الاميركية وظهر اسمها في القائمة التي نشرتها الصحف الاميركية.
3- ومن مؤلفي الكتاب الذي يستشهد به صلاح «ستيفن سبندر» الذي كان يعمل نائبا لرئيس تحرير مجلة «انكاونتر - التي كشفت ايضا في العام الماضي كمجلة تابعة للمخابرات الاميركية كما انكشفت ايضا صورتها العربية الشهيرة التي تصدر باسم «حوار» واحدث كشفها ضجة واسعة في العالم العربي في العام الماضي ولعل علاقة صلاح أحمد ابراهيم بمجلة حوار معروفة للكثيرين!
هذا هو نوع الكتب التي اصبح صلاح يستشهد بها في كتاباته على ايامه الاخيرة فهنيئاً له اسلحته الجديدة!
وثمة ملاحظة صغيرة اخرى ان صلاح أحمد ابراهيم وهو يستشهد بحديث ريتشارد رايت في الكتاب المذكور يحذف منه فقرة معينة يقول فيها الكاتب:
«لقد عرفت ان هذه الاساليب يقصد اساليب الشيوعيين في اميركا» هي نفس الاساليب التي كانت تستعملها الحركات السياسية السرية للشيوعيين في روسيا ايام القيصر».
ان صلاح احمد ابراهيم يحذف هذه الجملة من وسط الكلام» راجع الكتاب صفحة 421» لانه لا يريد ان يظهر حديث مثله الاعلى ريتشارد رايت وكأنه معاداة للشيوعية من حيث هي يريد ان يظهره وكأنه تجربة انسانية فريدة..
تجربة استشهاد الكاتب على يد الشيوعيين الاميركان التي لا مثيل لها الا تجربة استشهاد صلاح على يد الشيوعيين في السودان!!
وسؤال أخير:
هل هي مجرد مصادفة ان يفتتن بمؤلفات المخابرات الاميركية شخص يدعي الماركسية ويعد نفسه لزعامة «اليسار الجديد»؟! ام ان موقفاً ما اصبح يشده اليوم نحو هذه المؤلفات؟
مجرد سؤال!
النقطة الخامسة:
ان صلاح أحمد ابراهيم موظف في حكومة السودان.. وقوانين حكومة السودان السارية على جميع الموظفين دون استثناء تمنع العمل السياسي الواسع المكشوف.. ولكن يبدو ان الموظف السوداني الوحيد المستثنى من هذه القاعدة هو صلاح أحمد ابراهيم وابادر فأؤكد اننا نعمل - وسنظل نعمل باستمرار - على كفالة حق العمل السياسي للموظفين في السودان: ولكن عندما يصبح هذا الحق مكفولا لموظف واحد في البلاد كلها فإن هذا الامر لا بد ان يثير التساؤل.. التساؤل حول حقيقة المواقع التي ينطلق منها هذا الموظف الواحد.. الشيوعي.. الماركسي.. المستثنى من قوانين حكومة السودان ينشر في الصحف «للشيوعية» وللماركسية.. ولوحدة الاشتراكيين.. واليسار الجديد سبحان الله!
ان صلاح أحمد ابراهيم ظل يتمتع بحرية «غريبة » لسنوات كاملة ليهاتر في الصحف وليكيل السباب والشتائم لاحزاب معينة ولشخصيات معينة وهو عمل لم يسبقه اليه اي موظف يعمل في حكومة السودان بحكم القوانين القائمة والتي تحد من حرية الموظفين في مجرد كتابة المقالات السياسية في الصحف.
فكيف وجد صلاح أحمد ابراهيم هذه الحرية ليكتب أشياء تعدت مرحلة المقالات بكثير.. ليصول ويجول ويبرطع وليخوض المعارك بالسيوف وليجز النواصي الصلفة وليتبول على الرؤوس.. الخ.. الخ.. كيف اتيحت له كل هذه الحرية؟
وهل يستطيع اي موظف آخر في حكومة السودان ان يعقب مجرد تعقيب على ما ظل يكتبه صلاح أحمد ابراهيم دون ان يعرض للمحاسبة والعقاب ومجالس التأديب؟
ان صلاح أحمد ابراهيم يحتمي اليوم بجهاز الدولة ليقذف الحجارة.. فمن الذي يحميه؟ هذا هو السؤال ما هي الدوائر التي يجد عندها صلاح أحمد ابراهيم حماية لا تتوفر لاي موظف سوداني غيره؟
4 اغسطس 8691
رقم العدد 3761


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.