٭ ما تبقى من التراب السوداني واقع تحت خلل إداري كبير في جميع الاتجاهات وعلى كافة الاصعدة ابتداءً من إدارة الولايات الى ساحات المولد النبوي الشريف، هذا الخلل لازم كل الحكومات منذ الاستقلال لكنه في هذه اللحظة استفحل ووضع السودانيين - أي الخلل- أمام خيارين لا ثالث لهما إما ان يكونوا أو لا يكونوا- واذا ما إختاروا الاولى عليهم ان يفكروا في (كيف يكونوا) لأن طريقة تفكيرنا القديمة في السيادة ومناهج الادارة لن تقودنا إلا الى التلاشي (ولن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم). إن البلاد الآن تحتاج الى إنقاذ إداري سريع وعاجل والموقف لا يحتمل التأجيل ساعة وحتى لا اطلق القول على عواهنه سأتناول ثلاثة محاور سيتفق معي كثيرون بأنها في أمس الحاجة الى العلاج الناجع الاولى: ضرورة إعادة مفوضية تخصيص الايرادات أو إنشاء وزارة خزانة- لا يعقل اطلاقاً ان يمتلك السودانيون العلم والدراية والفهم في مجال الاقتصاد وعلومه ويتفرج الجميع على الولاة يتصارعون مع وزير المالية في مخصصات ولاياتهم؟ ونصمت ويصمت الجميع ويتفرج علينا ابناؤنا وهم يقرأون معنا صحف الصباح التي تستعرض صراع الولاة مع وزير المالية وكأنما إنسد الافق أمام الرأى والفكرة والارادة!! لم تحسن إدارة البلاد القائمة الآن التعامل مع أدبيات الحركات المطلبية التي حملت السلاح من أجل العدالة الاجتماعية ومن أجل إرساء قيم ومفاهيم تضبط علاقة السلطة ومؤسساتها وتؤسس لمفاهيم المواطنة وللعلاقة المالية بين المركز والولايات. لو تعاملت الحكومة أو المسؤولون أو المؤتمر الوطني أياً كان المسمى مع الحركات المطلبية بروح المواطنة لتسببت الاتفاقيات المبرمة مع هذه الحركات في عملية تصحيح مسار الجمهورية ولاعطت للمؤتمر الوطني قوة دفع وشراكة حقيقية في تسيير دفة الحكم بمنهج علمي يُعلِّي من دور القانون وسيادته فعلى سبيل المثال أقرت الحكومة في اتفاقية ابوجا على ضرورة إنشاء مفوضية قومية لتخيص الايرادات على أسس ومعايير محددة وقد تم إنشاء هذه المفوضية وتم ترشيح البروفيسور العالم العلامة ابراهيم منعم منصور لرئاستها، وقد حقق لاول مرة في تاريخ السودان تخصيص ميزانية معلومة لكل ولاية على ان تحول مخصصات الولايات بانتظام مرتين في الشهر يومي اربعة عشر وثمانية وعشرون من كل شهر تخيلوا لو استمرت هذه المفوضية في اداء مهامها ولم يتم الغاؤها بجرة قلم كم كنا سننعم بالاستقرار جراء تدفق الاموال الى الولايات بطريقة منهجية مقننة واضحة وشفافة. الآن لا أحد يعلم كيف يتم تحويل حصة الولايات لكن ما يعلمه الجميع إن مفوضية تخصيص الايرادات اصبحت ضرورة قصوى وإن ضرورتها ليس للحركات المطلبية ولا المعارضة ولكن لانضباط كوادر المؤتمر الوطني الذين يتولون إدارة المال وإدارة الولايات؟!! وعلى طريقة الاستاذ اسحق احمد فضل الله- اللهم نسألك ابراهيم منعم منصور لادارة أموالنا اللهم ابراهيم منعم منصور اللهم ابراهيم منعم منصور- اللهم إننا نحتاجه من أجل كرامتنا أمام أبنائنا وأجيالنا ارجو ان يعيد المسؤولون النظر في إعادة مفوضية الايرادات أو حتى وزارة خزانة لتنظيم ما يتبقى من المال العام بعد الاختلاسات. الثانية: إن الشعب السوداني الذي يسكن الرقعة الجغرافية المتبقية من الدولة الوطنية عشية الاستقلال معظمه من المسلمين السُنة وعلى المذهب المالكي وحتى لا ندخل في جدل عن فشل التنظيمات الاسلامية الحركية حتى في تكريس التربية الاسلامية بين عضويتها الصفوية ناهيك عن انزالها للقواعد لخلق تيار فكري إسلامي تربوي متجانس دعونا عوضاً عن ذلك ان نتفق على ضرورة إيجاد مؤسسة دينية رسمية تضبط الفتوى ولا نقتصر على ذلك بل نقوم برصد مستوى الخلاف بين أفراد الأمة وتقييم البنيات المعرفية للافراد وتأكيد مرجعية القرآن والسُنة وغرس حسن الظن المتبادل بين الجماعات المتنوعة. لقد آن الأوان للسودانيين كي يمتلكوا مؤسسة دينية مستقلة يديرها رجال متمكنون من ناحية العلوم الشرعية التي حاذوها وفقاً للمناهج والأسس المتعارف عليها وهذا يتطلب ايجاد مفتي للجمهورية لكي يعاد الاعتبار للفكر الاسلامي الذي يكرم الانسان ويكفل حريته ويحرر السودانيين من الابتزاز بالعاطفة الدينية الذي كلفهم الكثير. مفتي للجمهورية تنطبق عليه الشروط المعروفة في العالم المسلم الذي كرس حياته لنيل العلوم الشرعية من منابعه الصافية أما الذين امضوا حياتهم ينهلون من العلوم في السوربون او اكسفورد أو الخرطوم اجتهدوا في تثقيف أنفسهم بالعلوم الاسلامية فإنهم- وقد اثبت الزمان ذلك عملياً- لن يكونوا مرجعية للأمة التي لها مضابطها ومناهجها التي توارثتها عبر آلاف السنين. إن الشعب السوداني الذي يجاهد الآن جهاداً اكبر واصغر أيها العلماء الاجلاء ايها المسؤولون وولاة الامر إن هذا الشعب يحتاج الى مفتي عالم فقيه صادق لا تشغله عن علومه الشرعية سياسة أو جاه أو لقب أو إعلام- عالم من صلب هذا الشعب الصابر المصابر يرى فيه السودانيون جميعا سمتهم يرون فيه حياءهم الفطري السليم يرون فيه رجلاً يخفض جناح الذل رحمة بالمسلمين ويرون فيه مجاهداً شديد البأس على من ينال من عقيدتهم يرون فيه ما رأوا من ايمان وورع وطمأنينة في عيون آبائهم واجدادهم وامهاتهم هل هذا كثير على الشعب السوداني الذي ذاق الويل من استغلال عاطفته الدينية في المشاريع السياسية الخاصة؟!. الثالث: أخبار الجرائد عن الفساد في صباح يوم واحد تكفي لتعيين رقيب إداري مستقل يعينه البرلمان او رئاسة الجمهورية ليمثل مصالح الجماهير أو الشعب أو الناس ( والله انا ما قاطعة الشك هل نحن جماهير ولا شعب ولا ناس ساكت المهم الرقيب الاداري اصبح وجوده ضرورياً لمراقبة الخدمات الادارية التي بلغت درجة من السوء يندي لها الجبين) لقد وصل حتى الى تزييف محاضر التحقيق كما في قضية مستشفى بحري التي أعيت الفهم والاستيعاب (أنظر السوداني ص 3- عدد الاربعاء 1 فبراير 2102م تحقيق الاستاذ الطاهر ساتي) وبالرغم من أن مناطق كثيرة في السودان لم تعرف ماهو الاسعاف بالاكسجين ولا يوجد فيها مستشفيات من اصلو إلا ان ما حدث في حوادث مستشفى بحري دليل على أننا نعاني من غياب الحس الانساني المسؤول الهميم مما يجعل وجود الرقيب الاداري أمراً مهماً للغاية. أما قضية البرادو التي وردت حكايتها مفصلة بجريدة السوداني الصادرة في يوم الثلاثاء 13 يناير 1202 ص 11 فقد جعلتني أغير رأيي واطالب برقيب اداري على المستوى القومي ورقيب اداري على كل ولاية ورقيب اداري على كل مؤسسة ورقيب اداري على كل رقيب اداري. اللهم أنت الرقيب الشاهد الحي القيوم تدرك الابصار ولا تدركك الابصار اللهم نشكو اليك ضعف قوتنا وقلة حيلتنا وهواننا بين الأمم ادركنا برحمتك يا أرحم الراحمين. لكن وطني كما قال الشاعر: برغم النزيف الذي يعتريه برغم السهام الدفينة فيه يظل القتيل على مابه.. أجلَّ وأكبر.. من قاتليه