من المهم أن تفهم وزارة الطاقة «الاتحادية» ان هنالك تلاعبا في أسعار الغاز يتم قبل ان تصل انبوبة الغاز الي ايدي الوكلاء الذين يبيعونها بدورهم الي تجار التوزيع في الاحياء بعد وضع تكلفة الترحيل والارباح ، واذا كان هنالك إعلان رسمي من الحكومة يحدد سعر انبوبة الغاز بمبلغ 13 جنيها، فإن تجار التجزئة يقسمون بالله العظيم انهم يستلمون الانبوبة من الموزع الذي يلعب دور الوسيط بين الحكومة والمواطنين بمبلغ 14.5 جنيه اي بزيادة جنيه ونصف ليقوم التاجر بدوره بوضع تكلفة الترحيل زائداً الربح ليصبح سعر الغاز الذي يتلقاه المواطن المسكين سبعة عشر جنيهاً مع تبعاتها من الغش في العبوة . اذن الدولة ماتزال تصنع الوكلاء والسماسرة من كل حدب وصوب وترمي بهم علي افواه الطرقات ليقوموا بينها وبين الجماهير ولا تريد التعامل المباشر مع الجمهور فيما تتواصل الدعاية والاعلان من السلطات « الولائية » عن مراكز توزيع السلع الضرورية ونقاط بيع الغاز ، انه اسلوب قديم وانتهازي ومكشوف فإما ان تتحكم الدولة في توزيع الغاز بالسعر المحدد قبل ذهاب النفط الي دولة الجنوب او تضع حداً لأزلامها الذين يتدخلون في تعبئة السكر والغاز ومياه الصحة بعد ان قضي داعموهم الاساسيين علي هيئة توفير المياه وكافة خدمات الصحة والتعليم ، ليس من الذكاء ان تنادي الدولة بتخفيض اسعار الضروريات في الوقت الذي تستنسخ فيه كل يوم المزيد من الوسطاء وتضع بين أيديهم كافة الامتيازات والصلاحيات تحت ستار العطاءات والتوكيلات ليتحكموا في قوت الشعب ، لقد رأيتم كيف فعل هذا الاسلوب فعلته في الاقتصاد الوطني حينما فتح الباب للصرافات الخاصة عبر دفع أمنيات مالية للبنك المركزي واصبحت تقف بين المواطن وبين الحكومة في استلام النقد الاجنبي ، انه اسلوب مرفوض لانه يبيع الخدمة المفترض تقديمها عبر الدولة للمواطن لجهات خاصة وحملة توكيلات، ومن هذا الباب استحكم الفساد الذي يتغلغل الآن في كافة الاتجاهات فمن بيده القلم يستطيع التحكم في منع هذا ومنح ذاك نظير « جعل » معلوم . انا اعتقد ان المواطن يعيش تحت حصار محكم من الانتهازيين والنفعيين فهو لا يستطيع الحصول علي الخدمات الاساسية الا عبر الدفع من حر ماله لهؤلاء فالعلاج الناجع لا يتوفر الا في المشافي الخاصة التي بدأت تتكاثر منذ ان تخلت الحكومة عن المستشفيات الاتحادية لصالح حكومة الولاية ، والتعليم اصبح لا يتوفر الا في المدارس الخاصة، والسلع الضرورية مثل السكر والغاز اصبحت مرهونة لشركات التعبئة وحملة التوكيلات ، بل حتي مناسك الحج والعمرة تدخلت الحكومة عبر اياديها لتفرض علي عباد الرحمن اجراءات واتاوات ووكالات سفر محددة وفق « جعل معلوم » بغيره لا يستطيع « المسلمون في الارض » آداء شعائر الله ، وحينما اقتنعت رئاسة الجمهورية بخطل ما يسمي بهيئة الحج والعمرة والقت ما فيها وتخلت خرج علينا من يريد تحويل المكاسب الحرام المتحققة من تلك الهيئة الي نافذة جديدة بمسمي جديد ، ان من تعود علي جني المليارات بطريقة سهلة وباردة يصعب عليه التخلي عن تلك المكاسب حتي وإن علم انها ستدخله نار جهنم ، انها حرب منظمة وتمكين للقلة للتحكم في رقاب الغالبية العظمي من السودانيين وهو انحراف بائن في قيام الحكومة بما يليها من أمانة التكليف ، ولذلك ومن اجل الاصلاح يتعين علي الدولة ان تضع يدها علي الخدمات الضرورية للمواطنين وتضمن حمايتها والرقابة الدقيقة عليها ، ان الدولة تمتلك اجهزة رقابية عديدة وتصرف عليها المليارات فلماذا لا تفعّلها في حماية الأمن الغذائي والخدمات ؟