السيدة الفضلى سعاد عبد الرازق تحية طيبة الموضوع: كيفية تصحيح الشهادة السودانية ونظرية الجزر التربيعي سيادة الوزيرة، إلحاقاً لخطابي الأول، في ذات الصحيفة، والخاص بضرورة إعادة صياغة المنهج الديني حتى يجيء مناسباً مع الطالب مراعى فيه ما على الطالب من دروس أخرى ومراعى فيه سنه حتى تجيء الاحكام الدينية متوائمة مما يساعده على فهمها وهضمها.. وخطابي هذا بشأن الشهادة النهائية التي تجيء متوجة للطالب ومؤهلة له للمجال الجامعي. والثانية أن الجامعات تعتمد اعتماداً كلياً وجزئياً على الخامة الواردة اليها من التعليم الثانوي، وتعتبر الشهادة هي الرخصة التي تمكن الطالب من ولوج المجال الجامعي. والثابت أيضاً أن الجامعات هي أماكن تهيئ مجالها ومهامها للتأهيل للمهن العلمية المختلفة من ذات المادة التي قامت وزارتكم بإعدادها الاعداد الامثل، او هكذا يفترض.. خامة ناضجة.. صافية.. خالية من الشوائب.. مجيدة للغتين العربية والانجليزية.. خامة قامت بتكميلها الدراسة الثانوية على مختلف فتراتها.. وعندئذٍ يبدأ دور الجامعات.. وتبدأ بهذا الطالب الناضج.. فيتم إعداده.. طبيباً، محامياً، مهندساً، الى آخر المهن التي يحتاجها مجتمعنا. والسؤال الذي يفرض نفسه.. أين للجامعات بذلك الطالب؟! وبعبارة أكثر وضوحاً هل قدمت وزارة التربية والتعليم للجامعات هذه النوعية الصالحة لتلقي الجرعات الجامعية. وحسب رأينا فإن الوزارة قامت بذلك الدور حتى أوائل السبعينيات، حيث كانت العددية محصورة، وجاءوا للجامعات بعد تخرجهم في المرحلة الثانوية بشهادات ذات قيمة عالية صقلت عقولهم بحيث هيأتها وأعدتها بحالة تمكنهم من الإحاطة بكل دروب المهن العلمية.. وأشرف على ذلك اساتذة اجلاء مازالت اسماؤهم محفورة في القلوب، بدءاً من الكتاب ومروراً بالابتدائي وانتهاءً بالثانوي، فمن منا ينسى الشيخ محمد علي حمد في مرحلة الكتاب.. ومن منا ينسى صالح بحيري وأحمد محمد صالح.. ومن منا ينسى عبد الله الطيب.. فهم جواهر مضيئة لكل المراحل التعليمية.. وهكذا الآن الحال قبل السلم التعليمي الذي اطل علينا في اوائل السبعينيات وقد اعاننا نزولا لا صعودا!! اما بعد تلك المرحلة فقد بدأت الجامعات تحس بضعف الخامة الواردة اليها.. وتقصياً لاسباب ذلك التدني فإنها راجعة الى الكيفية التي يعالج بها تصحيح اوراق تلك الشهادة.. حيث عرفنا من القائمين بذلك التصحيح أن الأمر بشأنه تحكمه قاعدة ثلاثية الشعب.. اولاها ان مادتي اللغة الانجليزية والرياضيات يحرز الطالب درجة النجاح حتى وان كان راسباً فيها، وذلك بمعالجة الامر بما يسمى بالجزر التربيعي للدرجة المحرزة والتي قد تصل الى درجة 15% ثم يضرب جزرها في عشرة ويترتب على ذلك تعديل درجات الآخرين بذات النسبة صعودا!! وثانيها، انه اذا اجمع المصححون على صعوبة اسئلة اي مادة من المواد الاخرى فإنها تعالج بما يسمى الدفع اي Push (الزق).. أي تضاف له درجات على سبيل الهبة!! خلاصة القول إن الطلبة يدخلون المجال الجامعي بشهادات ان صح ما ذكرناه بشأن تصحيحها، فإنها يصدق عليها القول إنها شهادة مضروبة.. أي طلبة جاءت عقولهم خالية تماماً من أهم المواد. وتداركاً لذلك الخلل فرض على الجامعات ما يسمى بالمتطلبات الجامعة «لغة انجليزية ولغة عربية وثقافة إسلامية» تقوم الجامعة بتدريسها، أي عملية ترقيع على حساب الساعات المقررة للمواد الجامعية الاصلية.. فاعترى الضعف ليس الطالب وحده، بل الجامعة ذاتها.. وانقلبت الجامعات الى مدارس ثانوية، ولا تندهش وانت في فنائها ان تسمع الطلبة يرددون مع استاذهم نطق بعض الكلمات الانجليزية!! وما نريد أن نوضحه أن دور الجامعة يحاكي دور صائغ الذهب، فهو مبدع وخلاق، فإن كانت الخامة التي في يده ذهباً خالياً من الشوائب فينصرف كل وقته للتشكيل والابداع!! أما إن كان ما عليه تشكيله يتوجب عليه تنقيته وتصفيته فإن ذلك يفت من عضده ويقلل من ابداعه نظراً للجهد المبذول في التصفية والتنقية.. وهل الجامعة الا ذلك الصائغ؟! فتكليف الجامعة بالترقيع والترميم واصلاح عمل ليس داخلاً في مجالها، يعتبر وقتاً ضائعاً تتضرر منه المواد الجامعية الأخرى.. وفي النهاية تتضرر منه البلاد بأجمعها؟ خلاصة القول إن ما سردناه في شأن التصحيح مجرد اقوال سماعية.. نسأل الله ألا تكون صحيحة، وعلى فرض صحتها فإن الأمر يحتاج الى تقرير من مؤتمركم حتى يعاد للشهادة السودانية اعتبارها.. أي يعود الأمر الى ما قبل السلم التعليمي الذي جاءنا في السبعينيات وساعدنا على الهبوط لا الصعود.. والامر كله لله.