* قلت للدكتور ريتشارد حسن، اختصاصي العظام وأنا أرافق حاجَّة كبيرة السن لعلاجها من آلام المفاصل «وفرطقة العُضام».. إنه العمر وتقدم السن.. فهاج الدكتور الهادئ الطباع وحسم ملاحظتي بقوله «حكام الصين وروسيا أعمارهم فوق الثمانين وشغالين زي الحديد.. عُمُر بتاع شنو؟» وكادت الحاجه «تَعرض وتَدُق مَقَص» وتهللت أساريرها وخرجت من العيادة «تَقْدِل» وترمقني بطرف عينها وكأنها تقول لي «سامع كلام الدكتور!!».. الرئيس البشير استلم السلطة وقد تجاوز الأربعين بقليل «عمر النبوة» هو مولود في قرية «الحوارة» التي قضي عليها فيضان 1946م.. وهو اليوم قد تجاوز الستين أي في منتصف العقد السابع من عمره المبارك إن شاء الله.. وقد أمضي ثلث عمره يافعاً وطالباً والثلث الثاني ضابطاً مقاتلاً.. والثلث حاكماً عادلاً ووطنياً غيوراً.. فاق كل من حكم بلادنا شهرة.. فهو أطولهم بقاءً على قمة السلطة وأبهرهم إنجازاً على المستويات كافةً.. وأقواهم شكيمةً وألينهم عريكةً.. قال وهو في قمة مجده وأعلى سلطانه إنَّه لن يكون رئيساً للجمهورية في الإنتخابات القادمة.. وإنَّ المؤتمر العام لحزب المؤتمر الوطني سيختار خليفته في رئاسة الحزب ومن ثمَّ مرَّشحه لرئاسة الجمهورية . * ربَّما نجد العذر للصحافيين وهم يسمعون هذا الكلام الشفَّاف والمباشر للمرة الأولى من «خشم الرئيس لي قَدْ أضانهم» لكن هذا الكلام ليس جديداً على الإطلاق «علىَّ الطلاق» فقد قال به الرئيس مراراً وتكراراً منذ إستشهاد صديقه ورفيق سلاحه ونائبه الأول المشير الزبير عندما إشرأبَّ عنق الشيخ لخلافة الشهيد الزبير، ورفض البشير الفكرة وأقترح على الشيخ أن يقدِّم إستقالته من منصب الرئيس ويتولي الشيخ الترابي منصب الرئيس بالوكالة بإعتباره رئيساً للبرلمان ريثما تُجري إنتخابات أو غيرها من الصيغ.. حكومة إنتقالية .. أو حكومة قومية.. أو مجلس عسكري .. وطرح الرئيس فكرة تنحِّيه عن الرئاسة أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة.. وأبدي رغبته عدة مرات في لقاءات صحفية أو تلفزيونية أو في اجتماعات حزبية أو جلسات خاصة فهو أزهد ما يكون في المنصب الذي شبهه «بالقابض على الجمر» لكن التشبيه الأبلغ هو كالجالس على الجمر!!. * رحَّب الكثيرون بإعلان السيد الرئيس قراره بعدم الترشح لدورة جديدة في رئاسة الجمهورية، وهم بالطبع من كل الفئات بين مؤيدين.. ومعارضين .. وراغبين في التغيير من أجل التغيير .. وفي الجهة المقابلة هناك من أزعجهم هذا الإعلان ومنهم المشفقون والمكنكشون والطبالون «والأرزقيه».. والشامتون. وهذه الفئة الأخيرة لا تستهدف الرئيس وليست لها ملاحظات على شخصه أو أدائه لكنهم يقولون «خلونا نشوف ناس قريعتي راحت.. فلان وعلان ديل حيعملوا شنو بعدما يتنحي الرئيس؟؟».. ومنهم من يجزم بأن الرئيس «شايل المؤتمر الوطني كله على ضهرو» ودليلهم نتيجة الإنتخابات الأخيرة «والشجرة» رمز الرئيس وبالتالي فقد صوَّت معظم الناخبين للشجرة وهم بالكاد يعرفون مرشحيهم!! إلا من رحم ربي وقليلٌ ما هُمْ.. لكن واقع الحال يقول إن المؤتمر الوطني حزب موطأ الأكناف وشجرته أصلها ثابت وفرعها في السماء، وإنه حزب يمور بالأفكار ويتسم بالوحدة في التنوع أو التنوع في الوحدة.. وتتتالي فيه الأجيال من الطلاب والشباب إلي القيادات الوسيطة إلي القيادات العليا إلي الشيوخ والمرجعيات وعناصره تتخلل النسيج الإجتماعي للوطن حيث تتلاشي القبلية والجهويات، وإن بدت المحاصصات والترضيات في بعض تعييناته وتوزيع مناصبه.. فالقبيلة ليست شراً محضاً.. وقد عقد الرسول الكريم الألوية والرايات لبني فلان وبني علان.. ويبقي التحدي وقبوله على عاتق المؤتمر الوطني ليوافق على رغبة الرئيس في التنحي ويصعِّد لسدة القيادة من صفوفه من يراه أهلاً لقيادة الحزب والدولة في المرحلة المقبلة، فيكون بذلك حزب مؤسسات لا يعنيه اسم الرئيس الذي سيحكم باسم الحزب، ويلتزم بالمؤسسية ولا يحيد عن الثوابت كائناً من كان. عسكرياً كان أم مدنياً. من التحالف النيلي «بحسب توصيف د. عبد اللطيف سعيد» أو من كردفان أو من دارفور أو الشرق أو الوسط.. وأجد في نفسي ميلاً لترشيح د. الحاج آدم يوسف لمنصب الرئيس.. لعدة إعتبارات لا تحتاج إلى متون وحواشٍ. * السيد الرئيس البشير سليم العقل.. صحيح البدن.. غزير العلم واسع التجربة.. شجاع القلب.. قوي الإيمان يصلح لأن يستمر بعد تحرره من المنصب الرئاسي حكيماً لهذه الأمة مثلما كان زعيماً لها.. وسيكون هو الزعيم الوحيد على مرَّ تاريخ بلادنا الذي يخلي موقعه الرفيع بلا ثورة شعبية أو إنقلاب عسكري أو فشل في الإنتخابات.. وسيبقى حزبه حاكماً لدورات قادمة، وسيكرس مبدأ التداول السلمي للسلطة فعلاً لا قولاً، وسيقدم نموذجاً يحتذى دون أن يقعده المرض أو عامل السن، فضابط المظَّلات لا يشكو إلا من «ألم الركبة» نتيجة القفز المتتالي بالمظلة، ويصلي قائماً ويصوم دائماً ويمارس الرياضة يومياً ويجلس في حِلَق العلم أسبوعياً، ويواصل اجتماعياته أفراحاً وأتراحاً.. ثمَّ إن الشريعة لم تحدد لمن يلي أمر المسلمين سقفاً لولايته ولا عُمراً لشخصه ما دام قادراً على الوفاء بمتطلبات المنصب.. بيد أننَّا في زمان يأتي فيه «الربيع بعدالخريف».. وإنها لأمانة وهي يوم القيامة خزيٌ وندامة إلا من أدَّاها بحقها.. * أراد الزملاء في الرأي العام الغراء تهنئتي بقدوم حفيدتي «سامية» تيمناً بوالدة والدها ابني «مجاهد» «فظنُّوا وليس كل الظن إثم» ان «سامية» هو اسم والدتي وطفق «المرجفون» يتصلون على هاتفي قائلين «عليك الله إنت أمك اسمها سامية!؟ يكون اسمها بخيته ولَّا نفيسة» ونكايةً في صديقي حسن صديق أثبت له ولكم أن أمي اسمها «هُدى» تيمناً بالسيدة/هدي هانم شعراوي، رائدة تحرير المرأة في مصر . لو ما عجبكم!! وهذا هو المفروض