على نحو ما يحدث في ختام أفلام هوليوود أتت الشرطة أمس الاول لتحتجز النجم السينمائي العالمي جورج كلوني ، الذي كان وكعادته في كل الأعمال السينمائية التي شارك فيها البطل الأول لكنه كان بطلاً لفلم من الواقع هذه المرة مسرحه أمام مباني السفارة السودانية في واشنطن ، اذ تم وضع النجم العالمي رهن الاعتقال ، وفي صحبته عدد من الناشطين في منظمة « كفاية « من بينهم جورج برندر قاست بالاضافة الى والده الصحافي نك كلوني ، وذلك خلال تنظيمهم تظاهرة احتجاجية أمام السفارة السودانية في واشنطن احتجاجاً على تردي الاوضاع الانسانية في جنوب كردفان، وقاد اصرار نجم هوليوود على مواصلة التظاهر الى اعتقاله من قبل الشرطة الدبلوماسية بتهمة العصيان المدني بعد أن تخطى أخر الخطوط المؤدية الى داخل حرم السفارة السودانية، ما يعني انتهاك القانون الأمريكي الذي سنه المشرع لحماية البعثات الدبلوماسية داخل الولاياتالمتحدة وتوفير الحصانة لها . أما داخل مبني السفاره فقد سادت حالة من التقوقع نحو الذات حيال ما يحدث في الخارج وكأنهم اعتادوا على مثل تلك التظاهرات الحقوقية، حيث تظل ردة الفعل واحدة - الصمت - وعدم مخاطبة المتظاهرين لا فرق لديهم ان كان يقودها نجم مشهور أو عضو في الكونغرس ، وما أن خفتت الأصوات في الخارج صاغ المكتب الاعلامي التابع للسفارة السودانية بياناً اتهم فيه جورج كلوني بتسخير نجوميته في صناعة رأي عام أمريكي ضد السودان ووصفه بأنه أعد لسيناريو ضد السودان بخبرته الطويلة في مجال الفن، وأضاف « كلوني بعد فوزه بجائزة « غولدن غلوب « قبل أسابيع يريد أن يحقق نجومية أخرى على حساب السودان « وكما جاء في بيان السفارة الذي تحصلت « الصحافة » على نسخة منه فان الحكومة لا مانع لديها من المشاركة البناءة في خدمة القضايا الانسانية وهو ما يبدو أنه عكس أهداف كلوني الذي تسلل مرة أخرى الى جنوب كردفان. واعتبر بيان السفارة الأفلام الوثائقية التي استعان فيها بافادة شخص او شخصين مجرد افتراءات لا أساس لها من الصحة . وبدا لافتاً أن لجوء كلوني للتظاهر وان كان سلمياً جاء بعد أقل من 48 ساعة من لقاء جمعه والرئيس الأمريكي باراك أوباما المشغول هذه الأيام بحمى الانتخابات المقبلة ما يشي بأن الناشط الحقوقي ربما لم يجد أذناً صاغية من أعلى رأس في حكومته وهو الذي جاء محملاً بالأخبار الانسانية التي تعكس الواقع الانساني المر الذي يعيشه سكان المناطق الحدودية في جنوب كردفان عقب زيارته الثانية لجنوب السودان التي زار خلالها المناطق الحدودية بين جنوب السودان وجمهورية السودان للوقوف على الأحوال هناك ، كما زار معسكرات اللاجئين خاصة معسكر ايدا بولاية الوحدة . ورغم الفترة الزمنية القصيرة التي سمحت له فيها شرطة واشنطن بممارسة هوايته المفضلة الا وهي الوقوف امام عدسات الكاميرات الاّ أنه أوصل فيها رسالته الى العالم حيث نقل عنه عبر الشاشات البلورية حديثه عن وجود حملات قتل، وترهيب، وتهجير، وتجويع متكررة ضد مدنيين نفذتها القوات المسلحة السودانية منذ اندلاع الصراع في ولاية جنوب كردفان، وكان كلوني قد عاد من زيارته الأخيرة الي جنوب كردفان في التاسع من مارس الحالى بأفلام فيديو صور من خلالها معاناة المواطنين على الحدود جنوب كردفان . بينما تناقلت قنوات التلفزة الأمريكية صورة كلوني والابتسامة لا تفارقه فهو يرى أن السودان لا يحظى باهتمام اعلامي كبير لكنه يعرف كيف يجذب الاعلام . وكان الممثل العالمي قد قال الاسبوع الماضي أمام مجلس العلاقات الخارجية ان القوات المسلحة السودانية ترتكب جرائم حرب ضد المدنيين في جنوب البلاد الجديد. في المقابل تنظر الحكومة الى الأمر في سياق حملة جماعات الضغط التي تكثر في داخل الولاياتالمتحدة متخذة من السودان هدفاً مباشراًَ، وحسب الخارجية السودانية فان التظاهرة التي قادها جورج كلوني وعدد من أعضاء الكونغرس الامريكي تأتي في اطار تبني جماعة « كفاية « لحملة ضغط منظمة على الادارة الأمريكية بهدف الضغط على الخرطوم حتى تسمح بفتح ممرات انسانية للمنظمات الدولية العاملة في مجال الاغاثة وهو الشئ الذي ترفضه الحكومة من منطلق أن ذلك الغذاء يصل الى المتمردين الخارجين على الدولة وليس للمحتاجين، ويقول المتحدث باسم وزارة الخارجية العبيد مروح في حديثه ل« الصحافة» ان الاغاثة الدولية تصل الى المتمردين وانه حتى ان وجد من يعوزها من المواطنين فهم موجودون في قبضة الحركات المتمردة كرهائن أو ما شابه «. ووصف تظاهرة كلوني بأنها عبارة عن توزيع جيد للأدوار بين جماعات الضغط التي نشطت ضد الحكومة الحالية في الخرطوم وعلى رأسهم مجموعة « السود» التي تريد أن تخلق من دولة جنوب السودان « طفل أمريكا المدلل» مثلما سبق وخلق اليهود من اسرائيل ذلك الكيان المحبب لدى واشنطن . وأشار المروح الى أنه وحتى تحقق تلك اللوبيات أهدافها ينبغي لها أن تضعف من الدولة - السودان - التي من المحتمل أن يكون لديها أطماع في الدولة الوليدة كما يزعمون. وفي السياق فقد كشفت الخرطوم عن تعهدات قطعتها الادارة الأمريكية لقيادات الجبهة الثورية تهدف الى تقديم دعم لوجستي لما أسمتها ثورة المهمشين في دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق وذلك عبر قيادة حملة اعلامية كبيرة في كافة المنابر الاعلامية العالمية وذلك وفق ما ورد على لسان ، مسؤول القسم السياسي بسفارة أمريكا بجوبا ، وهو ما اعتبرته الحكومة أكبر دليل على تناقض البيت الأبيض تجاه السودان ودعم استقراره ، معتبرة أن تلك التصريحات تأتي في سياق ما تعهدت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون بممارسة واشنطن ضغوط مختلفة ضد السودان.