حذرت مجموعات الأزمات الدولية من أن السودان وجنوب السودان يتجهان لحرب شاملة،والتي لا يمكن تستفيد منها ايهما،مشيرة الى ان تصاعد حدة الخطاب السياسي الغاضب ودعم المتمردين من قبل الطرفين،ستجر البلدين الى مواجهات مباشرة بين القوات المسلحة والجيش الشعبي. وطالبت المجموعة الدولية،في آخر تقرير لها أمس، مجلس الامن الدولي والدول المجاورة للبلدين واميركا والصين ودول الخليج بالتدخل للضغط على الطرفين لوقف العدائيات واقناعهما للجلوس لطاولة المفاوضات. ورأت ان الاولوية القصوى يجب ان تكون لوقف اطلاق نار شامل بين البلدين،عبر ترتيبات امنية ،ومن ثم النظر في مشكلتي النيل الازرق وجنوب كردفان،بالاضافة الى حل القضايا العالقة من تنفيذ اتفاق السلام الشامل،واخيرا اجراء اصلاحات داخلية في البلدين. واشارت المجموعة الى ان المعارك الاخيرة كانت نتاج عوامل كثيرة بينها عوامل عسكرية، بما في ذلك مجموعات مختلفة من قوات المعارضة الشمالية وميليشيات، شنت قتالا بالوكالة ،ونزاعات حدودية،بجانب عدم وجود اتفاقات مسبقة حول ترتيبات اقتصادية ومالية بين البلدين،موضحة ان الخرطوم «صادرت» نفط الجنوب ،بينما بالمقابل قررت جوبا وقف ضخ البترول عبر الشمال،والهجمات المتقطعة على الحدود بين البلدين من الطرفين،والقصف الجوي من قبل الحكومة السودانية،وقالت المجموعة ان كل هذا يحدث وسط تسليح الخرطوم لمتمردي الجنوب ،ودعم جوبا لقوات الحركة الشعبية في جنوب كردفان والنيل الازرق بجانب دعمها للجبهة الثورية التي تعمل لاسقاط الحكومة السودانية ورأت المجموعة ان القوات المسلحة التي تسعى للحد من عمليات قوات الحركة الشعبية قطاع الشمال،بدأت تقصف معسكرات لاجئين في بعض المدن الجنوبية ،وهاجمت اخيرا بانتيو واكدت ان الامور تتزايد تعقيداً بوجود متشددين من الطرفين يعملون على منع استمرار المفاوضات بين البلدين،كما نجحوا في تعطيل لقاء الرئيسين عمر البشير وسلفاكير الذي كان مقررا له الثالث من ابريل الماضي وحذرت المجموعة من ان حكومة الخرطوم التي فقدت معظم مواردها من البترول بانفصال الجنوب،والمحاصرة سياسيا واقتصاديا،وتقع تحت ضغط الربيع العربي،لن تتحمل اطلاقا خسارة اخرى مثل احتلال هجليج التي تنتج نصف ما تبقى لها من النفط البالغ 115 ألف برميل واعتبرت ان معركة «عض الاصابع» بين البلدين ستنتهي بكارثة للطرفين «اذا انتظر كل منهما الآخر ليبدأ بالصراخ» وقالت ان هناك شكوكا من ان الرئيس سلفاكير سعى من خلال احتلال هجليج لاحداث ثورة شعبية في السودان،ولكسر ظهر المؤتمر الوطني،مبينة ان سلفاكير لم يفكر في عواقب ازاحة البشير من السلطة،باعتبار ان السودان ليس مثل مصر،تنقصه التشريعات التي تمهد لانتقال السلطة بسلاسة،وان هناك جهات مسلحة كثيرة تنتظر سقوط الحكومة للدخول الى الخرطوم،بينما هناك مناطق طرفية اخرى من المستحيل ضبطها بعد ازاحة الحكومة الحالية. ولفتت المجموعة الى ان سلفاكير والحركة الشعبية،عرضتا نفسيهما للخطورة البالغة بقرار ايقاف ضخ النفط،مبينة ان 98% من ميزانية حكومة الجنوب ترتكز على النفط،ما يعني اختفاء الركيزة الاساسية،وان الاحتياطي من المال مهما كان لن يكفي الا لبضعة اشهر،ما يضطر حكومة الجنوب اللجوء الى اجراءات «وحشية» بتقليص ميزانية الجيش الشعبي «وهي قوات هشة مكونة من خصوم سابقين» ويمكن ان تصبح لقمة سائغة للخرطوم التي لديها تاريخ طويل في دعم المتمردين»وبقليل من المال يمكن ان تستميلهم» لاحداث عدم استقرار في كل الجنوب التي تعاني اصلا من ضعف المؤسسات وموقف مالي اضعف. وقالت المجموعة ان الخرطوموجوبا تحتاجان الى ممارسة ضبط النفس،والاخذ في الاعتبار بدقة نتائج اية عملية قد يقدما عليها،محذرة من ان وقف المفاوضات واللجوء للعمليات العسكرية سيؤذي الطرفين،ولفتت الى ان البلدين،يعانيان من مشاكل داخلية،وان اية حرب ستدمر اقتصادهما تدميرا كاملاً وان اي نصر عسكري سيكون محدوداً،ودعت الطرفين الى البحث عن الاستقرار والتعاون الاقتصادي بينهما واشارت الى ان عقوداً من عدم الثقة تمنع الطرفين من المبادرة للدخول في مفاوضات بنية حسنة،ينتصر فيها الجانبان،وفي مثل هذه الاجواء يتعين على مجلس الامن الدولي ان يتدخل لحماية الامن والسلم الدوليين،ويتعين عليه ان يحرك كل طاقاته لاعادة الطرفين للمفاوضات والقبول بآلية للمراقبة والتحقق من الشكاوى حول الاعتداءات الحدودية،بجانب تشجيعهما لانفاذ اتفاق مراقبة الحدود عبر قوات الاممالمتحدة الموجودة في ابيي «يونسيفا» واوصت المجموعة بتفعيل آلية المراقبة للتحقق من دعاوى الطرفين ،بجانب مراقبة انسحاب الجيش الشعبي من هجليج،والتحقق من دعاوى القصف الجوي للاراضي الجنوبية،ويتعين ان تكون الآلية مرنة ولها القدرة على الحركة السريعة وعزت المجموعة الاسباب الرئيسية للنزاع بين الطرفين الى عدم التطبيق الكامل لاتفاق السلام الشامل،وذلك بالغاء المشورة الشعبية بولايتي النيل الازرق وجنوب كردفان،والنزاعات الحدودية،بالاضافة الى عدم حسم تبعية منطقة ابيي،وباقي القضايا الخلافية العالقة منذ الانفصال،كما ان الجانبين عليهما الوصول لاتفاق حول عمل مشترك لاستخراج النفط،والاتفاق على اسس اقتصادية،والمواطنة والجنسية. ونوهت المجموعة الى ان انتهاج سياسة حافة الهاوية قد مضت وان على الطرفين العودة للمفاوضات لتجاوز الخلافات،»والا فان اي اتفاق لوقف اطلاق النار سينهار قبل توقيعه». وطالبت مجلس الامن بالتحرك بسرعة للضغط على الرئيسين للجلوس للمفاوضات لوقف اطلاق النار،استنادا على الاتفاق الموقع بين الطرفين في التاسع والعشرين من يونيو 2011 الخاص بسحب القوات (10) كيلومترات جنوبا وشمالا، ومذكرة التفاهم الموقع بينهما في العاشر من فبراير والمتعلقة بوقف العدائيات والتعاون،بجانب التوصل لاتفاق حول ولايتي النيل الازرق وجنوب كردفان مرتكزاً على الاتفاق الاطاري الموقع في 24 يونيو 2011 ومراقبته بآلية المراقبة والتحقق.