منذ البدايات فإن قيام دولة اسرائيل ظل حلما يراود الصهيونية. وفى العام 1948 عندما نشبت الحرب فى فلسطين بين العرب والصهاينة، كان السودان فى خندق واحد مع الفلسطينيين فى هذه الحرب، قال المناضل شوقى الاسد:» كانت الكتيبة القومية السودانية تحارب هناك خاصة فى منطقة الفالوجا مع القائد جمال عبدالناصر وعند قيام الدولة العبرية بعد احتلال الصهاينة اليهود لفلسطين كانت الدول العربية جميعها مع خط النضال الفلسطينى، وهذه الحرب هى التى اشعلت فتيل الثورة المصرية عام 1952 بقيادة عبدالناصر. ثم استقل السودان ونال حريته والملاحظ منذ استقلال السودان وحتى اللحظة كانت كل الحكومات السودانية ديمقراطية او انتقالية او عسكرية تقف مع خط النضال العربى الفلسطينى لتحرير فلسطين، وهذه محمدة لهذه الحكومات كلها وللشعب السودانى. وفى العام 1968 عام النكسة للعرب توجه جمال عبدالناصر الى الخرطوم حيث اصبح القائد المنهزم القائد المنتصر، وكانت اللاءات الثلاثة، ثم كانت حرب الاستنزاف. ولقد شاركت قوات الجيش السودانى فى هذه الحرب ومن الشراك الحربية كان الضابط السودانى سعد بحر يأتى بشباك البطيخ ويرمى بها فى قناة السويس وعندما يراها الجنود الاسرائيليون بالضفة الاخرى يظنونها جنوداً سابحين فيطلقون النار عليها، وهنا يكتشف السودانيون موقعهم فيمطرونهم بالرصاص. والشعب السودانى كله وحكوماته حتى اللحظة يمدون المقاومة بالمال والعتاد - وآخر الزمان _ واعنى به الزمن غير الجميل هذا، يأتى احد السودانيين ليقول (نطبع مع اسرائيل) كأنه احد اخوان يوسف الذين رموه فى الجب، وهذا يريدنا ان نرمى بالقضية الفلسطينية فى (الجب الصهيونى) فيا للعار ! .. ويكتب الاستاذ يوسف الجلال فى صحيفة الأحداث يوم 09/04/2012م (التطبيع مع اسرائيل ....) اذن هى الرغبة التى جهر بها والى القضارف القيادى بالمؤتمر الوطنى كرم الله عباس الداعية الى التطبيع مع اسرائيل. لكن امين الاعلام بالمؤتمر الوطنى بدرالدين احمد ابراهيم سارع الى نفى وجود تيار داخل حزبه يطمع الى ردم الهوة بين دعاة المشروع الحضارى واصحاب مشروع التهويد الاستيطانى الاقصائى. ويكتب الاستاذ شوقى عبدالحليم فى صحيفة الاحداث يوم 13/04/2012 م (كرم الله عباس .... إثارة الجدل)، ولعل اشهر تصريحاته كانت حول التطبيع مع اسرائيل عندما قال (ان العلاقة معها لا تمثل مشكلة كبيرة والاسلام لم ينه عنها). وفى صحيفة الصحافة الاسبوع الماضى قال (اننا نطبع مع الصين الملحدة ولا نطبع مع اهل الكتاب فى اسرائيل؟) بداية نقول ان الذى يحكم اسرائيل ليس اليهود الذين يؤمنون بديانة سيدنا موسى عليه السلام، بل تحكمها (الصهيونية) التى تخطط للحكم من النيل الى الفرات (من النيل الى الفرات ارضك يا اسرائيل) والصهيونى هو كل من أمن باقامة دولة لليهود فى فلسطين او ساعد على ذلك، فبلفور وهو الذى اعطى اليهود (وعد بلفور 1917م) فهو صهيونى لكنه مسيحى انجليزى وثيودورهرتزل، مؤسس اول مؤتمر صهيونى يهودى فى سويسرا (بازل) 1897م واهم بنوده هى قيام دولة صهيونية يهودية فى فلسطين هو صهيونى يهودى. وهناك من المسلمين الصهاينة الذين يدعمون دولة اسرائيل. إذن فان دولة اسرائيل هى دولة استعمارية عنصرية استيطانية صهيونية احتلت ارض المسلمين، وعلى المسلمين قتالهم حتى اخراجهم من ارض المسلمين. لقد قامت دولة اسرائيل على مذهب (الصهيونية السياسية) ولم تأتِ من التقاليد والديانة اليهودية غير المحرفة، لكنه نبع من موجة القومية والاستعمار الغربى فى القرن التاسع عشر. وتتخذ الصهيونية السياسية من الديانة اليهودية قناعاً تتخفى من ورائه، وذريعة تتذرع بها، والصهيونية نوع من العنصرية ومن القومية ومن الاستعمار وكذلك دولة اسرائيل. قال تعالى:» انما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم فى الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم ان تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون» الآية 9 سورة الممتحنة. اما يهود الشتات فى العالم ( الدياسبورا) الذين لا يؤمنون بقيام دولة اسرائيل فهؤلاء نؤمن بما انزل اليهم من كتب ورسل. (آمن الرسول بما انزل اليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ... ) الآية 285 سورة البقرة. أما الصين الشعبية فهى دولة اشتراكية بها عدة ديانات منها الاسلام وان السودان يتعامل معها اقتصادياً وتكنولوجياً، تبادل منافع، ولقد اهدتنا الصين فى الشهر الماضى 250 عربة من مصانعها ولهم دينهم ولنا ديننا (لكم دينكم ولى دين)، الآية 6 سورة الكافرون، و (ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان ..) صدق الله العظيم. * باحث علوم سياسية أكاديمية السودان للعلوم