السوق السوداني تمرد منذ شهور وصار بلا رقيب،لا رقابة رسمية أو شعبية عدا اجتهادات من جمعية حماية المستهلك،وباتت الأسعار تزيد بمتوالية هندسية،حدثني أحد أصحاب البقالات الكبيرة أن شركة زادت أسعار منتجاتها ثلاث مرات في أسبوع واحد،بعض المحتكرين يتحكمون في أسعار بعض السلع،قانون منع الاحتكار في اجازة مفتوحة،المطففون والمرابون يتبخترون مستغلين الظروف الاقتصادية لتحقيق المزيد من الأرباح على حساب الكادحين والبائسين الذين يخرجون من بيوتهم خماصا ويغدون بأيادٍ بيضاء. تفاجأت خلال مطالعتي للصحف أمس أن هناك وزيرا للتنمية الاقتصادية وحماية المستهلك في ولاية الخرطوم اسمه علي الجيلاني فضل، يتحدث في الزميلة "الاهرام اليوم" عن اجراءات لحسم الممارسات الخاطئة ويتوعد المتلاعبين بقوت المواطن بعقوبات رادعة،ويعد ..سنفعل وسنفعل،أبشر بطول سلامة أيها الوزير ،والى متى ينتظركم شعبكم الصابر. سياسة التحرير لا تعني الفوضى والاحتكار،شركات تعبئة السكر التي أوقفتم عددا منها ما جدواها أيها الوزير؟.انها وسيط تزيد الأعباء وتتكسب بلا جهد ،لا تمنحوها أي جوال سكر،أوقفوها كلها لا حاجة اليها،اذا كان ثمة جهد فادعموا مؤسسات المجتمع المدني لمراقبة الأسواق وحماية حقوق المستهلك عبر تشريعات تمنح تلك المؤسسات دورا فاعلا ، وكثفوا الاعلام لتبصير المواطن بحقوقه،وأقيموا جهازا للرقابة يطلع بقراءة مبكر لحركة السوق ورسم سياسات تساعد في ضبطه ومنع انفلاته،وتكافح صنع الندرة والاحتكار. وفي ظل موجة الغلاء والمصاعب الاقتصادية والمتاعب المعيشية يطالب نائب الرئيس الدكتور الحاج آدم المواطنين ب "ربط البطون"،لا اعتقد أخي النائب أن البطون تحتمل مزيدا من الربط وشد الأحزمة،فابحثوا عن سبيل لتمزيق تلك الأحزمة،بعد أن يقتنع المواطن أنكم حزمتم بطونكم وتقشفتم وضربتم القدوة في خفض الانفاق الى الحد الأدنى في جهاز الدولة المترهل أولا عبر تقليص الجهاز التنفيذي. هل يعقل أن يكون هناك مؤسسة رئاسة ومجلس وزراء يتجاوز عددهم تسعين مسؤولا،وحكومات ولايات يصعب احصاء عدد مسؤوليها؟!. بلا تعليق قال الكاتب توماس فريدمان في صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية إن الربيع العربي لم يتفتح سوى عن عدد قليل من القادة العرب، وشدّد على أنه لا يعني أولئك الذين يفوزون بالانتخابات فحسب، بل أولئك الذين يتمتعون بوزن وشرعية لمخاطبة الشعوب. كما تساءل أيضا عن السبب وراء قلة القادة العرب الذين يقولون الحقيقة لشعوبهم حتى بعد البركان السياسي الذي اجتاح العالم العربي، ولفت النظر إلى أن هذه المشكلة لا تقتصر على العالم العربي، بل تمتد إلى أميركا وحتى أوروبا، ورأى أن العالم بأسره يعاني إلى حد كبير من أزمة قيادة، ولكنه شدّد على أن الأزمة تبدو أعمق في العالم العربي. ويرى فريدمان أن سبب ذلك يعود بشكل جزئي إلى أن الانتخابات الديمقراطية لم تنته بعد في بلدان مثل مصر واليمن، بينما لم تبدأ بعد في بلدان مثل ليبيا وسوريا. لكن هذه الأسباب هي أسباب تقنية، وهناك ما هو أعظم، ويعتقد أن سبب أزمة القيادة في العالم العربي هو افتقاره إلى الطبقة الوسطى. ويريد فريدمان أن يجئ قادة عرب يعترفون بأن الرأسمالية التي دخلت إلى العالم العربي في العقدين الماضيين أدخلت معها الفساد الحكومي، ولكن في نفس الوقت يجب أن يكون أولئك القادة مقتنعين بأن الحل هو ليس بترك الرأسمالية والعودة إلى ما يعرف بالاشتراكية العربية، ولكن الحل هو في تطبيق الرأسمالية بشكل أفضل في العالم العربي.