من المهم جداً ان تتعاطى الحكومة مع ملف حقوق الانسان بالكثير من الجدية بعد انشاء المفوضية القومية لحقوق الانسان، وينتظر المراقبون نتائج زيارة الخبير المستقل لحقوق الانسان النيجيري البروفيسر مسعود بدرين الذي تمت تسميته من قبل المجلس الدولي لحقوق الانسان بعد قبول استقالة الخبير المستقل السابق محمد عثمان شاندي ..هذه الزيارة هي الاولى للرجل بعد تسلمه لمهامه، ومن المهم ان تكون زيارة ناجحة بمعايير المجلس والخبراء بحيث يتسنى له الاجتماع بالجهات الرسمية والجهات الطوعية المعنية بملف حقوق الانسان.. ويرى المراقبون ان لقاء الخبير بمنظمات المجتمع المدني لا تقل اهمية عن مقابلة الجهات الرسمية له باعتبار ان ملف حقوق الانسان في السودان لا يهم السلطة وانما يخضع لتقارير منظمات المجتمع المدني والخبراء وبالتالي تصبح عملية التكتم على زيارة الخبير المستقل وضرب حاجز بينه وبين منظمات المجتمع المدني مؤشر غير جيد لحالة الحقوق في السودان. لقد درجت العديد من الجهات الرسمية والمنظمات شبه الحكومية على فرض رؤية احادية من خلال مقابلة الخبير المستقل وتسليمه ما يفترض انها تقارير عن التقدم المضطرد في مجال حقوق الانسان في السودان ..لقد تابع المراقبون هذا المسلك حينما تم تسليم الخبير المستقل «المستقيل» كتيبا يحتوي على احتياجات السودان المفترضة لتلقي الدعم الفني من المجلس الدولي لحقوق الانسان بحسب القرار الصادر من المجلس في دورته رقم 18 في هذا الخصوص وبحسب المراقبين فإن كتيب الاحتياجات لم تشارك في صياغته منظمات المجتمع المدني وانما قامت جهات حزبية بصياغة الكتيب نيابة عن جميع المنظمات السودانية وبدون استشارتها الامر الذي اعتبره المراقبون تغولاً على العمل الطوعي وإقصاءً للآخرين من عملية وضع الاولويات وصياغة الاحتياجات الفعلية للسودان وللمنظمات السودانية من اجل تعزيز حالة حقوق الانسان. تلك امور تمت في عهد الخبير السابق وبما انها لم تفض الى شيء، فمن المهم جداً ان تعمل جميع الاطراف المهتمة بتعزيز حقوق الانسان على تلافي العمل المنفرد والعزم على تعزيز الحقوق ورفع القدرات بحيث تنعكس ايجاباً على قضايا هذا الملف الشائك الملئ بالمشكلات خصوصا على صعيد تطورات حالة الحقوق في الفترة القليلة الماضية التي اعقبت قرار المجلس الدولي، فقد شهدت الحريات الصحافية تراجعاً كبيراً قد لا يكون متاحاً تفصيله الآن عوضاً عن بقية القضايا المتصلة بالملف التي افردت لها المنظمات الدولية ذات العضوية و الصفة الاستشارية في المجلس مثل «أمنستي انترناشيونال» مساحات واسعة لا يمكن السيطرة عليها بالترتيبات المعهودة. وزارة العدل كانت اولى الجهات التي قصدها الخبير المستقل الجديد باعتبار انها الوزارة المعنية بالتشريعات التي تؤثر على حقوق الانسان وبما ان السودان قد وافق عبر بعثته في جنيف على الكثير من توصيات الآلية الدورية للمراجعة الشاملة - تتبع للمفوضية السامية لحقوق الانسان - على المصادقة على قوانين تعزز حالة الحقوق وتغيير عدد من القوانين فإنه يمكن تفسير زيارة الخبير المستقل بانها تجئ للتأكد من احراز السودان لاي تقدم في هذا الخصوص ومع ذلك فإن هذا السبب الجوهري لن يمنع المجلس الدولي من تقديم الدعم الفني المطلوب وكلما كانت الخرطوم جادة في تحويل اقوالها الى افعال تعزز حالة حقوق الانسان كلما ازدهرت العلاقة بينها وبين المجلس الدولي. ان الاصلاحات القانونية يجب ان تكون اكثر ايقاعاً بحيث تواكب مستلزمات الدعم الفني المقرر للسودان وبحيث يتم تغيير والغاء كافة القوانين التي باتت متخلفة ولا تواكب التطور الذي يشهده العالم كما ان اشراك منظمات المجتمع المدني في عمليات التوعية ونشر ثقافة حقوق الانسان تعتبر الخطوة الجادة نحو بناء مجتمع معافي يعرف حقوقه ويحميها بسلطة القانون وإلى ان تنسجم الخطوات كافة باتجاه تعزيز حالة حقوق الانسان بالسودان علينا ان نرحب بالخبير المستقل الجديد ونفسح له المجال لمقابلة منظمات المجتمع المدني والمهتمين كافة الذين يمكن ان يشكلوا اضافة ويساهموا في تعزيز حقوق الانسان. [email protected]