الحزن مرسوم علي الغيوم والأشجار والستائر وأنت سافرت ولم تسافر فأنت في رائحة الأرض وفي تفتح الأزاهر في صوت كل موجة وصوت كل طائر في كتب الأطفال في الحروف و الدفاتر في صدر كل مؤمن وسيف كل ثائر عندي خطاب عاجل إليك ... لكنني لكنني يا سيدي ... تسحقني مشاعري يأيها المعلم الكبير كم حزننا كبير كم جرحنا كبير من قصيدة للشاعر نزار قباني في رثاء القائد جمال عبد الناصر ضيف علي الخلد والجنات قد نزلا وطيف بر من الآمال قد رحلا وكنز بذل وإيثار وبدر سنا ماغاب عن أفقه يوماً ولا أفلا والنبل والصدق والاخلاق عدته ماحاد عن سوحها يوماً ولا انتقلا رفاق دربك حول القبر قد ذرفوا دمع الوفاء فأدمي الطرف والمقلا لو رد سهم الردي عن صاحب واخ ردته عنك رجال الفت رجلا لقيت ربك عفاً طاهراً ورعاً وعشت للحق ركناً شامخاً جبلا فانعم بجنات رضوان سعيت لها واسعد بافيائها واهنأ بها نزلا من قصيدة للشاعر المهندس ابراهيم عمر الامين في رثاء اخي عبد الوهاب خليفه خوجلي ... بابكر قائدنا .. حبيبنا واريناك الثري في صباح ذلك الثلاثاء الحزين - وارينا التبر في التراب - وعدنا للمدينة لنجدك في كل مكان في المدينه في المساجد في المنتديات في المجالس في ورش العمل في حي العمارات الذي وهبت حياتك له. في مفوضية حقوق غير المسلمين فقد كنت ربانها وقائدها وحكيمها ليتك رأيت القمص بيشاي الانطوني عضو المفوضيه في كلمة صادقة ابكت الجميع وان دل ذلك علي شيئ فانما يدل علي انك قد غرست روح التعايش الديني بين الجميع. في تشييعك وتأبينك رأيت كل ألوان الطيف السودان بحاله ينعيك ويبكيك زحفت قريتك الوديعة ود بلال جميعها الي الخرطوم ليتك رأيت إمام مسجدهم يذرف الدمع عليك وقد ابكانا جميعاً فقد كنت ضوء القبيله ومعشوقها. كل من حضر العزاء كان يعتقد انك صديقه الشخصي فقد حباك الله بالقبول. أخي بابكر معرفتنا قديمة ايام كنت مهندساً في الاشغال بمدينة الأبيض وقد كنا نحن طلاباً . لقد كنت نجماً من نجوم المدينة في ذلك الزمن الجميل وكنا نراك في منزلنا مع اشقائى الكبار فالأسرة جميعها تحبك وتذكرك بالخير ومرت الايام والسنون ودارت الايام دورتها الى ان التقينا في مفوضية حقوق غير المسلمين التي اختارت الدوله لها خيرة الرجال وقد توطدت العلاقة بيننا في الاربعة سنوات الماضيه تعلمت منك فيها الكثير فقد كنت نموذجاً للوفاء والنقاء والطهر وعفة اليد واللسان . كانت تجمعنا في الامسيات غرفتك الصغيرة المتواضعه خارج منزلك الكبير الذي تركته لتستقبل فيها أحبابك وعارفى فضلك ومن داخلها تحل مشاكل الجميع بحكمه ورآى سديد وكانت الحاجة الكريمه حرمكم المصون تغمرنا بالشاى بالحليب واللقيمات ، كم هي حزينة هذه الغرفة الآن . فجيعتنا فيك كبيرة ابا طارق وخالد وابتسام واخواتها وارجو ان تطمئن اننا نحملهم في حدقات عيوننا . اخي بابكر نم قرير العين في رحاب الله فقد أعطيت وأوفيت . الحديث عنك يحتاج الى مجلدات فقد كنت نموذجاً للإنسان وانا لفقدك لمحزونون ايها الطيف الذي عبرعنا سريعاً . ولانملك الا نرفع الاكف بالدعاء الى الله عليك بالرحمة والمغفرة حتى نلقاك في رحابه وانا لله وانا اليه راجعون . الخرطوم 21/6/2011م