٭ برحيل الشاعر سيد احمد الحاردلو فقدت البلاد شاعراً كبيراً ظل طوال مسيرته قريباً من روح البسطاء، وكان دائماً متفائلاً بغد أجمل ومستقبل أخضر للسودان وللعروبة وللانسانية جمعاء. ٭ برحيل الشاعر سيد احمد الحاردلو انطمرت في الثرى قمة عليا من قمم الشعر والابداع، وبعده سنكون اشد فقراً وعوزاً واشد حاجة الى شاعر يرسم شعراً وإبداعاً نهتدي به في مسيرتنا الثقافية والمعرفية. ٭ لقد ألقى فقده الجليل أعباءً ثقالاً على الشعراء السودانيين ليملأوا الساحة الرحبة الفسيحة التي خلفها غيابه المؤلم، حيث كتب الحاردلو القصيدة الفصيحة التي وصلت إلى الإنسان العربي فأحبه، وهو بهذا العمل الإبداعي قد نشر في العالم العربي عموما سيرة شعبنا الرائعة، وهي سيرة لم تفارق يراعه الرشيق منذ أن كان يمارس عمله الدبلوماسي سفيراً لبلاده في اليمن.. وفي الجوانب الانسانية والوطنية، فقد حكى المعلمون عنه في تلك الفترة بأنه كان يخف سريعاً للوصول لأي معلم سوداني في جبال ووديان اليمن. ٭ كلما قرأت قصائده بالعامية والفصحى تأكد لي أن لهذا الشاعر موهبة فذة جعلت الحروف ترفرف بأجنحة من ضوء، وتعمر الكون بآلاء المعرفة والفن والجمال. ٭ وإنسانيته انعكست في شعره الذي ربطه بالبسطاء فأحبه البسطاء، فالإلفة والمحبة هي كلمة السر في مشروعه الشعري والجمالي. ٭ صحيح أننا فقدنا الحاردلو الشاعر، ولكن يبقى عزاؤنا أن قصائده تشكل أرشيفا للوجود الحميم الذي يستمد بقاءه من بساطة أثرت في بناء المشاهد.. ٭ وهو ببساطته استطاع أن يوثق توثيقاً تلقائياً للوجود الحميم في المجتمع السوداني. ٭ ظل الحاردلو يكتب بحروف تدعوك للقراءة التي تولد المتعة والدهشة. ٭ إن كل قصائده تعتبر تعبيراً صادقاً عما يختلج في دواخله من أفراح وأحزان وآمال وطموحات واحباطات، حيث كتب عدداً من الدواوين الشعرية أبرزها (غداً نلتقي، مقدمات، كتاب مفتوح إلى حضرة الإمام، بكائية على بحر القلزم، خربشات على دفتر الوطن، الخرطوم.. يا حبيبتي).. وعندما اطلعت على بعض هذه الدواوين تأكد لي أن الحاردلو أصل مسكون بالإبداع كالجذر المسكون بالفرع.. فانشقت من روحه ابداعات يحملها كل شخص متذوق للفن في أعماق ذاته. ٭ في فترة من الفترات عزفت عن قراءة الشعر لأنني استمعت للشعراء يمارسون صراخاً يملأ الشوارع تمجيداً للأسماء وسحقا للأشياء... وأمثال هؤلاء يمارسون قولاً فاسداً حتى أصبح الصمم رغبة كما قال المتنبي، إلا أنني في ذات الوقت ظللت احترم الحاردلو واقرأ له لأنه يرفض الانسياق وراء ما هو باطل أساساً.. مثلما ظل يؤكد أن الإبداع ابتكار لمزيد من الغوص في عالم الإنسان.. وهكذا كانت قصائد الحاردلو في نهر اللغة والإنسان مثل سفينة تعانق اللجة فيما تحتضن الضفاف. ٭ يستحق الحاردلو أن نحتفي به حتى بعد موته لأنه بيت للضوء سقفه السماء وتخومه الكون. ٭ عزيزنا الراحل المقيم سيد أحمد الحاردلو نحن بك فخورون، وفخورون بأن بعض ما أورثته لنا من إبداع وجد في التاريخ مكاناً له مع إبداعات أبو الطيب المتنبي وغيره من أعلام الأمة. ٭ لقد توجت يا الحاردلو في مملكتك.. مملكة الشعر.. مملكة الأعمال الباقية والخالدة. ٭ لقد كان الحاردلو شاعراً ودبلوماسياً وصحافياً ومثقفاً واسع الثقافة بالاطلاع، لأنه أدرك أن القراءة تمنح المرء أفقاً غير محدود للتأمل. ٭ وموهبته أهلته للوصول لهذه المكانة المميزة التي احتلها بين الشعراء، وذات الموهبة اهلته ليصبح دبلوماسياً وسفيراً ناجحاً.. ٭ الحاردلو الإنسان ظل تجسيداً لكل ما هو جميل، وظل يعكس ذلك في قصائده الرائعة التي حفرت في ذاكرة التاريخ مع سفر أيوب.. فيكفي انه كتب «يا بلدي يا حبوب». ٭ ومولده ونشأته بقرية ناوا بالولاية الشمالية مكناه من صلة وثيقة وحميمة بالبسطاء والثقافة التي جعلت منه شاعراً ودبلوماسياً يكتب الشعر والحكايات وتجارب الأيام بما فيها من إبداع وحكمة ومشاعر. ٭ وحزني على رحيل هذا المبدع لا يوصف، وأدعو الله أن يتقبله مع الأبرار. ٭٭ خارج النص: يشهد مشروع الرهد الزراعي تدهوراً إدارياً مؤلماً تخطى المزارعين ليشمل موظفي مراكز الأقطان الذين لم يصرفوا مرتباتهم منذ شهر أبريل.. إضافة إلى أن الخيارات الثلاثة التي وضعتها الادارة امام المزارعين تحتاج إلى مراجعة، إذ لا يمكن أن يكون إيجار الفدان بمبلغ «250» جنيهاً.. أما محاولات تخريب المشروع.. فهذا نعكسه للرأي العام لاحقاً.