لا يختلف أى مسلم فى أهمية الدور الذى يلعبه المسجد فى المجتمع ، سواء من ناحية دينية بأن يكون مهيأ لإقامة الصلوات الخمس وتفقيه الناس وتوعيتهم وتبصيرهم بأمور دينهم، أو من ناحية اجتماعية فى توطيد العلاقات من خلال التقاء الناس خمس مرات فى اليوم، وخدمة المجتمع فى أفراحه وأتراحه عبر توفير بعض المعينات التى تخفف على الأسر. وفي الكثير من المدن السودانية ظل المسجد يقوم بدور مهم فى مجتمعاتها لا تستطيع أية جهة أن تقوم به، ولعل مدينة الدويم من المدن التى يعتبر المسجد فيها نقطة انطلاق للكثير من الأعمال والخدمات لجليلة، بل عمل على تفعيل الكثير من الأعمال الإنسانية والاجتماعية. وبما أن المسجد يقوم بكل هذه المهام المهمة التى لا يمكن لمسلم أن يستغنى عنها فى حياته، كان لا بد من وجود كيان ما يهتم به ويعمل على المحافظة عليه وعلى ممتلكاته، وهو ما نسميه حالياً بلجان المساجد التى تقوم بواجب كبير تجاه المساجد، خاصة أنه في السنوات الأخيرة أصبحت بعض المساجد وبحكم المتغيرات التى حدثت تحتاج إلى من يهتم بها ويوظف إمكاناتها ومواقعها بالصورة التى تجعل منه مكاناً جاذباً. ويرى الكثير من الناس أن هنالك لجاناً نجحت فى النهوض بالمساجد التى تشرف عليها، سواء من ناحية المبانى بتغييرها للأفضل أو صيانتها وإنشاء إضافات مثل المظلات حتى تستوعب أكبر عدد من المصلين، وذلك سواء بجهود اللجنة أو عبر استقطابها للدعم من الخيرين، كما أن بعض أعضاء اللجان يتكفلون أحياناً بميزانيات الصيانة والتأهيل سنويا من حر مالهم. ولكن هل كل اللجان تتفانى فى خدمة المساجد؟ الإجابة عن هذا السؤال كانت عبر رصد «الصحافة» لأداء عدد من لجان المساجد ومن خلال استفسار مسؤول رفيع بالأوقاف عن تقييم أداء اللجان، حيث كشف رصد «الصحافة» عن تقاعس بعض اللجان عن القيام بدورها واكتفائها بالشكوى دون أن تسعى لطرق مختلف الأبواب لإعمار المساجد التى كلفت بتسيير أعبائها، كما أن هنالك لجاناً سلط بعض أعضائها أطماعهم ونفوسهم الوضيعة وأخذوا يعتدون على إيرادتها التى تدرها المشروعات الاستثمارية بها دون وازع من دين أو ضمير. المسؤول الذى استفسرته «الصحافة» كشف عن تجاوزات خطيرة لبعض اللجان، حيث ذكر أن هنالك لجاناً لا هم لأعضائها وحسب قوله سوى السعى للاسترزاق والتكسب بطريقة غير شرعية، وأضاف أن عدداً من أعضاء لجنة مسجد معروف وتاريخى بالمدينة ظلوا يستغلون وجودهم بلجنة المسجد لجنى الأموال، رغم أن منهم من هو فى وضع مادى مريح، وأكد أن هذا المسجد يجد عناية خاصة من الأوقاف، مشيراً إلى أنها تدفع له قيمة الكهرباء وتقدم إعانات شهرية لستة أشخاص يعملون فيه، وقال إن اللجنة ورغم ذلك وضعت صناديق لجمع تبرعات المصلين لشراء الكهرباء، بحجة أن ما تدفعه الأوقاف غير كافٍ، وتساءل أين تذهب أموال هذه الصناديق؟ وكشف عن أمر آخر وهو أن بعض أعضاء اللجنة ظلوا يطالبون كل فترة بمبالغ لإجراء صيانات وتذهب الأموال إلى غير رجعة، وأكد أنهم لا يقدمون أى شىء للمسجد، فحتى الاحتياجات البسيطة مثل مصابيح الإنارة تشتريها الأوقاف. أحد اللصيقين باللجنة المذكورة أعلاه، أكد ل «الصحافة» أن بعض أعضاء اللجنة طلبوا من مدير الأوقاف بالدويم منحهم دكاكين من مشروع الدكاكين المقترح تنفيذه، وقال إن أحد أعضاء اللجنة تصدى لهم وطلب منهم تقديم استقالاتهم من اللجنة، مستنكراً تصرفهم ووصفه بالانتهازى والفساد الصريح. الكثير من المواطنين استغربوا السلوك الغريب لبعض أعضاء لجان المساجد وتوظيفهم لوجودهم داخل اللجان للحصول على أموال وتحقيق مصالح وضيعة، ناسين أنهم أعضاء فى لجنة يستوجب لمن يعمل ضمن منظومتها أن يتصف بالأمانة والزهد، لأنها لجان لخدمة الدين كما ذكروا، وطالب عدد من المصلين بحل أية لجنة لا يساهم أعضاؤها أو يستغلون وجودهم لمآرب شخصية. الكثير من المتابعين لشأن المساجد بالدويم طالبوا الأوقاف بأن تعيد النظر فى اللجان الموجودة، حيث أكدوا أنها تحتاج إلى إعادة صياغة، مشيرين إلى أن هنالك لجاناً تساقط معظم أعضائها بسبب الهجرة أو الوفاة، وأن من تبقى استغل الوضع وهيمن على كل ما يتعلق بعمل اللجنة لخدمة نفسه، فى الوقت الذى تكون فيه المساجد فى أمس الحاجة للأموال التى يُعتدى عليها.