جاء في هذه الصحيفة في عدد يوم الاربعاء الموافق 2012/7/11م، موضوع تحت العوان اعلاه، وقد ظل تناول موضوع النقل الجوي عامة وفي ما يتعلق بسودانير خاصة طوال الايام السابقة حديث جميع الصحف لما فيه من أهمية لهذا القطاع الذي بدأ ينهار. واتفق تماما مع ما اورده تقريركم بأن شركة الخطوط الجوية قد تأسست عام 1947م، وبعد شركة الخطوط البريطانية التي تأسست عام 1937م، وسودانير من اوائل الشركات العربية والافريقية، وفي ذلك العهد لم يكن معروفا غير الخطوط الإثيوبية والخطوط المصرية، وهي من المؤسسين لاتحاد شركات الطيران العالمية (IATA) وهي ايضا من مؤسسي اتحاد شركات الطيران العربية والافريقية، اذا لهذه المؤسسة قيمة تاريخية وقيمة وطنية، فهي الناقل الوطني الوحيد الذي ظل يخدم قطاع النقل الجوي طوال العقود الستة الماضية، وقد مر الناقل الوطني بعدة تغيرات طوال الحقب السياسية، فقد شهد ازدهارا حتى بداية عهد الرئيس الراحل نميري، ولكن هذا النظام انقلب على الناقل الوطني ولاسباب سياسية، فقد حاول تصفية هذا المرفق في عام 1984م، ولكن فشل وتمت عودة سودانير مع قيام الانتفاضة عام 1985م، وقد حاولت الحكومات الحزبية بعد الانتفاضة بيع هذا الناقل، وتم تشريد المئات، وقد رفضت النقابات هذا البيع، وكان الاضراب الشهير واستمر لمدة ثلاثة اشهر وتم احباط مخطط البيع.. وعند قيام انقلاب الإنقاذ في يونيو 1989م، كانت سودانير تعمل ولها طائرات وارصدة في البنوك وخبرات، وكان يمكن تطوير هذا المرفق ولكن سياسة التخبط والتعيينات السياسية حالت دون ذلك، وكانت أكبر ضربة وجهت لهذا المرفق عام 2004م، عندما تم تشريد المئات وتعيين إدارة ليست لها خبرة في مجال النقل الجوي، فقد جعلت هذا المرفق يعود الى الوراء حتى تقرر بيعه لمجموعة عارف تحت ما يسمى بالخصخصة، وكانت هذه الضربة القاضية، ووجدت عارف هذا المرفق منهاراً تماماً، ولم تكن هذه الشركة آنذاك تملك سوى طائرات خردة، وتم تعيين المئات في وظائف غير أساسية بعد تشريد الخبرات والكفاءات، وكانت هناك مديونية على الشركة بالعملة الصعبة بلغت اكثر من مائة مليون دولار عدا المديونية بالعملة المحلية التي بلغت الملايين، وبالرغم من أن مجموعة عارف قد دفعت مبالغ زهيدة لشراء 70% من الاسهم إلا أنها نتيجة لتكبدها خسارات فادحة كما صرحت ادارتها آنذاك فقد قررت الفرار بجلدها من هذه الورطة وعرضت اسهمها للبيع، ولكن الحكومة قررت إعادة هذه الاسهم بدلاً من أن يتم بيعها الى اجنبي مرة اخرى وكانت خطوة جيدة. وتمت مفاوضات مع مجموعة عارف، وتقرر دفع مبلغ مائة وخمسة وعشرين مليون دولار من المالية لمجموعة عارف لشراء نصيبها، وبذلك بلغت المبالغ التي خسرها الشعب السوداني منذ عام 2004م، وحتى الآن ما يقارب 550 ميون دولار، وهذا المبلغ كان كافياً لإصلاح سودانير، وهي المبالغ والتي دفعتها عارف والمبالغ التي تمت بها إعادة الاسهم من عارف وقيمة ضياع استحقاق الهبوط في مطار لندن. وهذا في انجاز قصير في المراحل التي مر بها الناقل الوطني وحتى اليوم ولما وصل اليه من تدهور نتيجة لسياسة الدولة.. وبخروج الناقل الوطني من النقل الجوي تكون قد وجهت أكبر ضربة للقطاع الجوي بالسودان، وذلك لأن الدولة غير جادة في الحفاظ عليه. وانا ضد الاصوات التي تنادي بتصفية سودانير، وهذا خطأ فادح سوف يدفع السودان ثمناً غالياً له. واتفق تماماً مع القول بأن شركات الطيران الخاصة كانت تنافس الناقل الوطني منافسة غير شريفة، وهذا يرجع الى ضعف رقابة الطيران المدني كما ذكر الاستاذ الكناني، ثم ترك الحبل على الغارب، وهذا ايضا سبب آخر. وقد حاولت الدولة معالجة الوضع المزري بأن تعيد الناقل الوطني الى سيرته الاولى، وتم استرجاع 70% من الأسهم الى السودان، وتم تكوين لجنة من المجلس الوطني هي لجنة النقل لاسترجاع حقوق سودانير من الطيران المدني بعد ان فقدناها نتيجة للخصخصة، واتفق تماما مع الاخ زمراوي بأن يتم الدعم الصريح بحماية الناقل والتحويل عبر البنك المركزي بالسعر التشجيعي، وكذلك مسألة الوقود بأن يباع للشركات الوطنية بالعملة المحلية، وأن يتم استجلاب طائرات حديثة وكسر الحصار بالطائرات الروسية الحديثة، مع الاستفادة من علاقات الدولة الخارجية، لأن الحصار الذي ضُرب على سودانير كان لأسباب سياسية، ولم تكن لها فيه ناقة او جمل منذ عام 1996م، واتفق تماماً مع دعوته لعقد مؤتمر للنقل الجوي بالسودان لحل المشكلات التي تواجه هذا القطاع الاستراتيجي، وأن يكون تحت إشراف رئاسة الجمهورية، ودعوة جميع الخبراء في هذا المجال للخروج من هذه الازمة قبل فوات الأوان. والله ولي التوفيق. * معاشي سودانير عام 2004م