طالعتنا جريدتكم الصحافة في عددها يوم الإثنين 27/12/2010م بنشر تقرير «تسجيلي» حول سودانير بقلم د. يس الحاج عابدين رئيس لجنة مراجعة وتقييم سودانير تحت عنوان خصخصة سودانير ارقام وحقائق، وكان لابد من التعقيب عليه لما فيه من طمس للحقائق والارقام وخاصة ان د. يس الحاج عابدين قد تقلد عدة مناصب في سودانير، فكان مديرا عاما في اوائل التسعينيات ثم عضوا في مجلس الإدارة والناطق الرسمي باسمه في الفترة من 2004م، وعلى مجئ عارف في 2007م، وله كتاب عن سودانير امسه (الاقلاع .. .الاصلاح) وكان مشاركا في الخصخصة من اولها وحتى تم بيعها لمجموعة عارف في يوليو 2007م. ان موضوع سودانير قد تناوله الرأي العام لاهمية هذا المرفق الاستراتيجي ولم يقتصر الامر على الرأي العام فقط فقد دخل اروقة الاجهزة التشريعية وخاصة لجنة النقل بالمجلس الوطني وغيرها من المسؤولين. - في جريدة ألوان في عدد 7/14 طلبت اللجنة استدعاء وزير المالية و تساءلت عن الاموال التي دفعها عارف والتي بلغت مائة وخمسين مليون دولار وقبل هذه طلبت استدعاء وزير النقل وغيرهم. - في جريدة الاهرام 31/7/2010/م، وفي لقاء وزير المالية الحالي ذكر وزير المالية (ان تدهور الشركة قد بدأ قبل مجئ عارف والحكومة مسؤولة عن تدهورها). - في جريدة الاخبار يوم 7/14 و 7/15 تم لقاء مع مسؤولي عارف ذكروا فيه بأن الاسهم كلها قد آلت الى عارف بعد شراء حصة الفيحاء وبذلك بلغت حصة عارف 70% و 30% للحكومة. - ردا على سؤال عن دفع استحقاقاتهم ذكرت عارف بانها قد دفعت جميع التزاماتها المالية. - وفي هذا اللقاء ذكرت عارف انها تتحمل الخطأ في المال والسمعة وذكرت الاسباب وقالت ان خسارة سودانير يتحملها السودان كلها لقيمتها الوطنية والتاريخية. وكل هذا يؤكد عدم الشفافية وكما ذكر وزير المالية الاسبق ان هذه الصفقة قد تمت بدون شفافية (غمتي) وهذا ما اكده المجلس الوطني والذي طالب بفتح تحقيق كامل حول سودانير وما آلت اليه. ثم سرد ما حدث في سودانير منذ عام 1982م، وفي تقديري ان كل الذي حدث لسودانير لأكثر من ثلاثة عقود في عهد الانظمة الشمولية او الحزبية كان القاسم المشترك لكل هذه الحقب: /1 تشريد العمالة وخاصة الكفاءات والخبرات والتي بنت هذا المرفق عندما كان في عصره الذهبي وهذه الكفاءات هي التي شاركت في بناء الشركات العربية ومنها الاردنية والخليجية مثل السعودية والكويتية وغيرها ،كما ساهمت هذه الكفاءات والخبرات في تأسيس جميع شركات الطيران بالداخل والتي بلغت عشرات الشركات وهذا يؤكد ان العنصر البشري كان المستهدف الاول والاخير وهذا يرجع الى اسباب سياسية وكان التشريد يتم تحت مسميات مختلفة صالح عام - فائض عمالة - الغاء وظيفة ... إلخ. /2 التخبط في تحديد ما تريده هذه الانظمة من سودانير فكان هيكله ثم خصخصة ثم هيكلة ثم خصخصة.... إلخ وعدم الدراسة والتعيينات السياسية من عديمي الكفاءة والخبرة وتقديم الولاء على ا لكفاءة وخاصة في عهد الانقاذ وهذه كلها ساهمت في تدهور هذا المرفق وصولا الى ما آل اليه الآن. وسوف اكتفى بما حدث لسودانير في عام 2004م، لأنه الافظع وكان جريمة بمعنى الكلمة وكما ذكر رئيس اللجنة فقد صدر القرار الجمهوري رقم (337) بتاريخ 2004/7/14م، وتم بموجب هذا القرار بتشريد (1200عامل) في جميع التخصات تحت مسمى الغاء الوظيفة وهذه كلمة حق اريد بها باطل. فالوظيفة لم تُلغَ بل تم تعيين المئات بعد 2004م، وتم تشريد الكفاءات والخبرات وكأنها عملية احلال وبعد التشريد لم ينالوا (حقوقهم كما زعم رئيس اللجنة فقد تم تحويلهم ايضا بقرار جمهوري الى الصندوق القومي للتأمينات والذي قام بدوره بتطبيق قانون آخر اضر بحقوقهم وبلغ الحد الادنى للمعاش حوالي خمسين جنيها والذين لم يبلغوا السن القانونية للمعاش تمت تسوية حقوقهم بمكافأة نهاية الخدمة فقد وقع عليهم ضرر اكبر جراء تطبيق هذا القانون وتقدم المفصولون بمذكرة الى رئاسة الجمهورية في موكب يوم 2005/12/13م، امام مجلس الوزراء ولم يتم الرد على هذه المذكرة حتى اليوم ،ودخلت هذه القضية اروقة المحاكم وصولا حتى المحكمة الدستورية العليا حتى الآن. اما التعويض فقد قدم وزير المالية السابق حسنة وقدرها مرتب ثلاثة اشهر وهذه اكبر اهانة لحقت بالذين افنوا عمرهم في خدمة هذا المرفق وساهموا في تأسيس هذا المرفق طوال عقود حتى طالته ايدي الخراب والدمار الى ان وصل الى ما هو عليه الآن وهذا فيما يتعلق بالحقوق باختصار.! تكلم رئيس اللجنة عن العدالة وعن المحاسبة وعن دولة القانون وهذا كان بعيدا عن ما حدث في سودانير فقد طبق قانون الغابة وهذا حدث في عهد الادارة والتي وصفها بأنها ادارة مميزة وهذا ايضا مخالف للحقيقة فقد تدهورت الشركة كما ذكر ايضا وزير المالية الحالي في عهده تم تعيين ا لمئات في وظائف غير اساسية وبلغ عدد العاملين في الشركة حوالي الفي عامل ولهذا السبب طلبت عارف فك الشراكة كما ان المديونية بلغت اكثر من مائة مليون دولار علما بأن رئيس اللجنة ذكر ان وزارة المالية قد سددت كافة الديون قبل 2004م، فمن اين اتت هذه الديون؟! هنالك ايضا لغط حول الاصول فقد ذكر رئيس اللجنة بأن تقييم الاصول هو 115 مليون دولار وسودانير تمتلك اكثرمن مائتي الف متر مربع ارض وما بها من عقارات في داخل وخارج السودان وكان يدعي المدير الاسبق اللواء م/ نصر الدين انه يمتلك ا كثر من اربعين طائرة واذا تم خصم هذه الديون التي ذكرتها ماذا تبقى من اصول سودانير...؟!! وهنالك سؤال آخر لماذا تم وضع شرط لعارف بعدم الاستفادة من الكفاءات والخبرات لتطوير الشركة والدولة تعلم ان هنالك مئات التعيينات التي تمت في وظائف غير اساسية بعد عام 2004 وبعد تشريد الكثير من الكفاءات والخبرات التي يمكن ان تستفيد منها سودانير وحرمت منها واستفادت منها الشركات المنافسة في الداخل. تم تقديم جدول للارباح والخسائر في الفترة من 2003م، وحتى 2007م، وهذا الجدول مبهم واختلط فيه الحابل بالنابل انا قد ذكرت بأن المديونية بلغت حتى عام 2007م، اكثر من مائة مليون دولار فمن اين تأتي الارباح...؟! ختاما: ان في تقديري مطلوب من هذه اللجنة ان تقدم كل شئ بشفافية وبدون مجاملة لأحد وعدم طمس الحقائق وان تراعي المسؤولية امام الله وامام الوطن وعلى لجنة النقل بالمجلس الوطني الممسكة بهذا الملف جيدا ان لا تضيع الفرصة الاخيرة في انقاذ هذا المرفق لما له من قيمة وطنية وتاريخية فالخطوط الجوية تأسست عام 1947م، وكانت من اكبر الشركات العربية والافريقية وظلت ممثلة في جميع منظمات الطيران الدولية والاقليمية وحتى الآن وطوال هذه العقود قدمت الكثير من الكفاءات والخبرات التي ساهمت في تطوير قطاع النقل الجوي بالداخل وساهمت ايضا بهذه الكفاءات والخبرات في تأسيس شركات الطيران بالداخل والتي بلغت عشرات الشركات وكانت جسرا بين الجنوب والشمال في نقل الغذاء والدواء، وظلت وما زالت تنقل المرضى للعلاج بالخارج والطلاب للجامعات بالخارج وهذا قليل من كثير من الذي قدمته لهذا الوطن. وهذا جهد متواضع وفق حقائق وارقام لتنوير الرأي العام وموضوع سودانير شائك ومعقد لا يمكن التعرض لملفه في هذا التعقيب المتواضع. والله ولي التوفيق * معاشي من مفصولي الشركة عام 2004م