«الميرغني الي جوبا قريبا».. جملة كثيرا ما ترددت لكنها لم تتحقق علي ارض الواقع ولو لمرة واحدة منذ توقيع اتفاقية السلام الشامل في العام 2005م، فبرغم ان رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل محمد عثمان الميرغني عرف بعلاقاته الجيدة مع الحركة الشعبية ومؤسسها د. جون قرنق قبل توقيع اتفاقية السلام الشامل واثناء العمل معا داخل منظومة التجمع الوطني الديمقراطي في مصر وارتريا، وربما قبل ذلك بكثير مما توجه الطرفان باتفاقية الميرغني قرنق في العام 1988م. ولكل هذا فالتساؤلات تذهب الى : هل تصدق الزيارة المرتقبة لرئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي وزعيم طائفة الختمية لدولة جنوب السودان؟ ام لا. ربما ترتبط الاجابة بملابسات الاعلان عن العزم، فقد اعلن عضو هيئة قيادة الحزب ميرغني مساعد في تصريحات صحفية امس الاول ما يؤكد قرب وصول مولانا جوبا بعد طول انتظار، وهو ما وجد من البعض القبول، ووجد من البعض الاخر التحفظ، حيث لم يستبعد وزير شئون مجلس الوزراء والقيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي أحمد سعد عمر ان يقوم الميرغني بزيارة الي جوبا، اذ انها كانت مدرجة في السابق في برنامجه كرد على دعوة مقدمة من رئيس الحركة الشعبية سلفاكير ميارديت، الا انها لم تتم في موعدها لاسباب مختلفة، واشار أحمد سعد الى انه ليس من المستبعد في اطار سعي الميرغني الدؤوب لتحقيق السلام والوحدة ان يقوم بهذه الزيارة الان ، وتابع أحمد سعد ل» الصحافة»: الهم الداخلي للحزب لن يؤخر مولانا عن العمل من اجل تحقيق السلام ما بين الخرطوموجوبا، بخاصة وانه لابد من بذل كافة المساعي من اجل تقريب وجهات النظر بين الدولتين. واكد الوزير علي ان زيارة الميرغني ستصب بشكل كبير في مصلحة الوطن. غير ان القيادي الاتحادي الاخر الدكتور علي السيد لا يبدو متفقا مع الوزير في حديثه معنا، فقد رأى الدكتور بان الوقت قد فات علي زيارة الميرغني لدولة جنوب السودان، واضاف السيد عبر الهاتف ل «الصحافة» بان الحزب ظل يطالب رئيسه مرارا بالذهاب الى جوبا، لكنه لم يقم بالزيارة، وهو ما يجعل منها في هذا التوقيت غير ذات جدوي خاصة وان الاتحادي «الاصل» يمر حاليا بظروف تحتاج من الجميع تضافر الجهود لوضع حلول واضحة لقضايا كثيرة. واشار الدكتور علي السيد الى ان هنالك قضايا عديدة تستوجب جهد رئيس الحزب ولها الاولوية، ثم تساءل قائلا :هل قام الميرغني بزيارات للولايات الشمالية حتي يقرر فجأة ان يزور دولة جنوب السودان. ونفي القيادي الاتحادي ان يكون امر تلك الزيارة قد نوقش في دوائر الحزب، مرجحا ان يكون قرار الزيارة قد اتخذ من مولانا منفردا بدون الرجوع لمؤسسات حزبه. على ان السيد ذهب الى ان الحزب الاتحادي اضحى الان في حاجة ماسة لامر ترتيب للمؤتمر العام للحزب وهو ما يستدعي الاهتمام وايلاء الاهمية القصوى، لافتا الى ان رئيس الحزب هو رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر مما يتطلب وجوده المستمر للعمل من اجل قيامه في الموعد المحدد والمضروب له في يناير القادم، مبديا تخوفا واضحا من ان تساهم كل من الزيارة وملابساتها في تأخير المؤتمر العام. فيما ينظر المحلل السياسي الدكتور صلاح الدومة لامر هذه الزيارة من زاوية مختلفة، فالدومة يرى ان الزيارة لن تخرج عن اطار التحالف القائم وغير المعلن بين حزب المؤتمر الوطني والسيد الميرغني. واعرب المحلل السياسي عن توقعاته بان يكون الاعلان عن الزيارة قد تم بايعاز من المؤتمر الوطني بخاصة وان الميرغني تربطه علاقات جيدة مع الجنوبيين والحركة الشعبية ومؤسسها الراحل جون قرنق، كما انه يتمتع بعلاقات طيبة مع رئيسها الحالي سلفاكير ميارديت، وكل ذلك قد يصب في المساهمة في تحسين العلاقات ما بين الدولتين، لكن الدومة عاد وقال: ومهما يكن من اراء فان زيارة الميرغني لجوبا تأخذ حيزا واهتماما كبيرا من الجانبين في الشمال والجنوب لما للرجل من نفوذ بتزعمه لاحدي اكبر طائفتين في السودان.