ريال مدريد وأنشيلوتي يحددان موعد الانفصال    عادل الباز يكتب: المسيّرات… حرب السعودية ومصر!! (2/2)    المسابقات تجيز بعض التعديلات في برمجة دوري الدرجة الأولى بكسلا    المضادات الأرضية التابعة للجيش تصدّت لهجوم بالطيران المسيّر على مواقع في مدينة بورتسودان    ما حقيقة وجود خلية الميليشيا في مستشفى الأمير عثمان دقنة؟    محمد وداعة يكتب: عدوان الامارات .. الحق فى استخدام المادة 51    الولايات المتحدة تدين هجمات المسيرات على بورتسودان وعلى جميع أنحاء السودان    صلاح-الدين-والقدس-5-18    التضامن يصالح أنصاره عبر بوابة الجزيرة بالدامر    اتحاد بورتسودان يزور بعثة نادي السهم الدامر    "آمل أن يتوقف القتال سريعا جدا" أول تعليق من ترامب على ضربات الهند على باكستان    شاهد بالفيديو.. قائد كتائب البراء بن مالك في تصريحات جديدة: (مافي راجل عنده علينا كلمة وأرجل مننا ما شايفين)    بالفيديو.. "جرتق" إبنة الفنان كمال ترباس بالقاهرة يتصدر "الترند".. شاهد تفاعل ورقصات العروس مع فنانة الحفل هدى عربي    بالفيديو.. "جرتق" إبنة الفنان كمال ترباس بالقاهرة يتصدر "الترند".. شاهد تفاعل ورقصات العروس مع فنانة الحفل هدى عربي    شاهد بالفيديو.. شيبة ضرار يردد نشيد الروضة الشهير أمام جمع غفير من الحاضرين: (ماما لبستني الجزمة والشراب مشيت للأفندي أديني كراس) وساخرون: (البلد دي الجاتها تختاها)    شاهد بالصورة.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل تسابيح خاطر تنشر صورة حديثة وتسير على درب زوجها وتغلق باب التعليقات: (لا أرىَ كأسك إلا مِن نصيبي)    إنتر ميلان يطيح ببرشلونة ويصل نهائي دوري أبطال أوروبا    الهند تقصف باكستان بالصواريخ وإسلام آباد تتعهد بالرد    والي الخرطوم يقف على على أعمال تأهيل محطتي مياه بحري و المقرن    ترمب: الحوثيون «استسلموا» والضربات الأميركية على اليمن ستتوقف    من هم هدافو دوري أبطال أوروبا في كل موسم منذ 1992-1993؟    "أبل" تستأنف على قرار يلزمها بتغييرات جذرية في متجرها للتطبيقات    وزير الطاقة: استهداف مستودعات بورتسودان عمل إرهابي    بعقد قصير.. رونالدو قد ينتقل إلى تشيلسي الإنجليزي    ما هي محظورات الحج للنساء؟    شاهد بالصورة والفيديو.. بالزي القومي السوداني ومن فوقه "تشيرت" النادي.. مواطن سوداني يرقص فرحاً بفوز الأهلي السعودي بأبطال آسيا من المدرجات ويخطف الأضواء من المشجعين    توجيه عاجل من وزير الطاقة السوداني بشأن الكهرباء    وقف الرحلات بمطار بن غوريون في اسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وقائع ومشاهد يوم 6/6/2011: (نفير جنوب السودان الثاني بجنوب كردفان)
«الكتمة» (15)

كانت عملية سد فجوة الأنشطة الانسانية التى تقوم بها تلك المنظمات تشكل تحدياً وطنياً فريداً لأجهزتنا الحكومية ومنظماتنا الوطنية ، فتلك المنظمات المطرودة كانت تضطلع بالجزء الأكبر من مهام صحة البيئة وبرامج الرعاية الصحية الأولية وتوفير المياه لأكبر معسكرات النزوح بولايات دارفور الثلاث ، كان مطلوباً منا القيام بالأنشطة التى تقوم بها تلك المنظمات فى ظل تربص من كل العالم الغربي لاثبات فرضية أنه القادر الأوحد على القيام بتلك الأعمال وبالتالى علينا دفع فاتورة التغاضي عن الأنشطة الأخرى الماسة بسيادة وأمن الدولة القومي ... وجه التحدى يتمثل فى أن الجزء الأكبر من تلك الأنشطة هو أعمال الصرف الصحي بتلك المعسكرات المكتظة بالنازحين، اذ كان مطلوباً حفر وتفريغ حوالى 300 ألف مرحاض وتوفير المياه لما يقارب ال 800 ألف نازح ، علاوة على توفير أمصال التطعيم لهم ضد السحائي حيث ظهرت بعض الاصابات وسط النازحين ، فضلاً عن اقامة ما يقارب ال 280 مركز رعاية صحية أولية يتلقى فيها الآلاف من الأطفال والأمهات خدمات التغذية الاضافية والرعاية الصحية ، علماً بأن موسم الأمطار لذلك العام بولايات دارفور كان شحيحاً كما أن الحر كان قائظاً ، وهو أمر له انعكاساته على الوضع الصحى وعلى استهلاك المياه ، والحال كذلك فقد أشرعت وكالات الأمم المتحدة عن سنانها وبرعت فى رسم السيناريوهات القاتمة عن مآلات الوضع الانساني الذي سينشأ عقب طرد تلك المنظمات ، توقعت تلك السيناريوهات حدوث حالات وبائية فى المجال الصحي بسبب حالات الاصابة بالسحائي التى تم رصدها ، ومن ثم توقعت ما سيحدث من حالات اصابة ووفيات تبعاً لذلك ، كما أشارت توقعاتها الى انهيار معدلات سوء التغذية وسط الأطفال والأمهات الذين يعتمدون على مراكز تغذية اضافية ، وزيادة حالات الموت بسبب شح المياه ، لذلك كان تقرير الفريق الانساني للأمم المتحدة بالسودان عن المآلات المتوقعة فيلماً استثنائياً للرعب تعجز عقول أعتى كتاب ومخرجي هوليوود عن انتاجه ، بالمقابل شكل لنا ذلك فى الفريق الوطنى الانساني تحدياً لكرامتنا الوطنية فاما أن نقبل تلك المنظمات بسمها ودسمها أو تحدث تلك الكارثة الانسانية ... والذي زاد الأمر قتامة وفاقم من الضغط هو بدء الآلة الاعلامية الغربية فى تناول المآلات ليس المتوقع حدوثها ولكن المؤكد حدوثها حسب تناول ذلك الاعلام المنحاز . تصدى لتلك المهمة نفر متميز أرى من الواجب الاشارة اليهم ، فتاريخنا الوطني يذخر بالملاحم الوطنية التى يلفها النسيان فى الغالب الأعم وأحسب أن هذه واحدة منها ... كان فريقنا الوطنى لادارة الأزمة يتكون من مفوض العون الانساني حسبو محمد عبد الرحمن ، ود. كمال عبد القادر وكيل وزارة الصحة والمهندس عمار مدير الهيئة القومية للمياه ، والمهندس مضوى ابراهيم المنسق القومى لبرنامج المياه واصحاح البيئة ، السفير محمد عبد الله ادريس من وزارة الخارجية، ود. سراج الدين عبد الغفار ممثلاً للمنظمات الطوعية الوطنية، وطاقم رئاسة وزارة الشئون الانسانية الذي ضم كمال عوض مدير التخطيط والسياسات بالوزارة والسفير أمانويل مدير ادارة التعاون الدولى بالوزارة «وزير رئاسة الجمهورية بحكومة جنوب السودان الحالى» ، ومندوبي جهاز الأمن والاستخبارات اللواء / حسن مصطفى واللواء / جمال عمر ، ومدير الجمارك اللواء شرطة / سيف الدين ، وصف طويل من الجنود المجهولين الذين لا يحس أحد بدخولهم أو خروجهم من الأطباء والمهندسين والاداريين وضباط الصحة ومنسوبي مفوضية العون الانساني والمنظمات الطوعية الوطنية.
سد الفجوة
لقد فعلها هؤلاء، لقد تم سد الفجوة بل تفوقوا باحرازهم لمعدلات أداء أفضل من تلك التى كانت تقدمها تلك المنظمات ، وأشير هنا الى طرفة فلقد كنت أصحو وأنام على عدد المراحيض التى تم حفرها او تلك التى تم تفريغها «300 ألف مرحاض خلال شهر» ويبدو أن ابنتى الكبرى وعندما أيقظتنى من النوم فى أحد الأيام «هلوست» متمتماً «حفرتوا كم مرحاض» فبادرت الى سؤال والدتها ببراءة عن حقيقة مهنة والدها .
كان يوم 8 مايو يوماً استثنائياً ففى ذلك اليوم كان هناك اجتماعان مهميا حول اجراءات الحكومة لسد فجوة المنظمات المطرودة ، الأول مع وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الانسانية السيد جون هولمز وفريق عمله ، والثاني مع المبعوث الأمريكي الخاص للسودان الجنرال أسكوت غرايشون حول ذات الأمر ، كانت الاجتماعات عبارة عن مناظرة بل مبارزة للاجابة على سؤال هل استطاعت الحكومة سد الفجوة وفقاً لنتائج المسح الميداني المشترك بين الحكومة والأمم المتحدة؟.
فى سبيل الاجابة على هذا السؤال لم يكتف المبعوثون بتقارير فرق المسح الميداني، بل قاما بأنفسهما بزيارة ولايات دارفور ... وبالتالى فقد كانت الاجابة وفقاً لتقارير المسح الميداني وزيارتهما بالايجاب ... لقد كان ذلك نصراً وطنياً ومعنوياً كبيراً قررت على اثره أن أقفل هاتفى وأخلد لبعض الراحة بالمنزل ، وقبل أن أفعل وصل مندوب من مكتب الرئيس الى المنزل ليبلغنى بأننى يجب أن أودى صلاة العشاء بمنزل السيد الرئيس ... خمنت بأنه قد يكون مطلوباً منى احاطة الرئيس بنتائج أعمال ذلك اليوم مع المبعوث الأممى والمبعوث الأمريكي، وأعددت أوراقي ومحاضر الاجتماعات وتوجهت الى مقر اقامة الرئيس ، بالصالون وجدت عدداً من الاخوة الأفاضل، بروفسيور الزبير بشير طه ، الفريق أول عبد الرحمن سر الختم ، د. عبد الرحمن الخضر ، د. فيصل حسن ابراهيم ، الأستاذ عمر سليمان آدم ، وبعد السلام والتأمل للحظات فى ذلك الجمع قطع تأملاتي دخول شيخ العرب الأستاذ محمد أحمد أبوكلابيش وسلم على الجميع وألقى بسؤال «هوى يا جماعة أنتو الرئيس عاوزنا لشنو؟» وأضاف مندهشاً مثلى عن سبب جمع هذه المجموعة على صعيد واحد وكان ذلك ذات السؤال الدائر فى ذهنى، فقد فكرت مراراً فى الرابط بين هذه المجموعة ... كان سؤال أبو كلابيش كعادته فى الدعابة مزيجاً من استخدام أبيات الشعر أو الدوبيت أو القرآن فاستدل بالآية القرآنية من سورة الجن «وانا لا ندرى أشر أريد بمن فى الأرض ...» صدق الله العظيم .
عاوزنك تمشي والي جنوب كردفان
على العموم فقد كان الرئيس يجلس فى مكتب مجاور للصالون ومن يذهب للقائه يخرج بباب آخر ولا يعود لزملائه ، وكنت الأخير فى الدخول على الرئيس وبعد التحايا والسؤال عن الأحوال ألقى بتكليفه قائلاً :« عاوزنك تمشى جنوب كردفان» تساءلت مباشرة ان شاء الله خير ... فلقد تخيلتها مأمورية مثل تلك المأموريات القصيرة والسريعة التى نسافر فيها لاحتواء موقف معين يتصل باتفاقية السلام ومن ثم العودة فصحح مفهومى سريعاً قائلاً «عاوزنك تمشى والي» ... كان الخبر مفاجئاً تماماً وبدأت فى التحاور معه بشأن ذلك وأسوق الحجج الداعمة لوجهة نظرى ، وللحق فقد تقبل كل حديثي بصدر رحب وبعد حين نظر الى ساعته قائلاً «يا زول الله يعينك الخبر خلاص بيكون اتذاع فى التلفزيون» الأمر الذي يعنى أن سبق السيف العزل ... للحق فقد وجدت بعد خروجي من مقر اقامة الرئيس ومقابلتى فى ذات الليلة للأخ عمر سليمان الوالى وقتئذ دعماً معنوياً وتشجيعاً مكننى من احتمال المفاجئة التى لم أكن متحسباً لها .
يظل الأستاذ عمر سليمان واحدا من أميز من أنجبتهم الحركة الاسلامية فى التزام سلوكها وتمثل قيمها واحتمال شقاء تكاليفها والتعفف عن مغانمها، تتوفر فى شخصيته قدرة عالية من الحكمة والصبر والقدرة على التحليل الجيد للأمور واستبصارها، لقد كنت قريباً منه فى فترة توليه لمهمة الحكم بالولاية وعايشت عن كثب مقدار ما بذله من جهد وما تحمله من أذى ، لقد استبشعت تماماً فكرة أن أخلفه فهو الأكبر سناً والأوسع تجربة والأكثر حكمةً وعلماً ... بيد أنه وكعادته نظر الى الأمر بمنظور مختلف اذ قال لى : «أنا سعيد بأن تكون أنت من يخلفنى فى ادارة الولاية ... فالمرء يكون سعيداً عندما يرى اخوته الأصغر منه يستلمون منه الراية ويتقدمون بها الى الأمام » ... لقد خففت أحاديثه تلك الليلة كثيراً عنى ... فتوكلت على الحى القيوم وطفقت أبحث عن الحلو وقد كان بالولاية فهاتفته وأتفقنا على أن نلتقى بالخرطوم لننظر معاً فى كيف ندير الأمور ...
اجتماع مع الحلو
اجتمعت والحلو بمقر وزارة الشئون الانسانية فى العاشر من مايو 2009م بعد انقطاع دام حوالى أربع سنوات ، فلقد كانت آخر مرة تقابلنا فيها فى عزاء الراحل د. جون قرنق بفندق القرين فليدج وغادر بعدها مباشرة الى أمريكا ... حضر لقاءنا الأول مالك عقار وكانت نصيحته لنا الاثنين «انتو اتحاربتو بما فيهو الكفاية زمن الحرب ، وتحاورتوا بما فيه الكفاية زمن المفاوضات منذ مفاوضات وقف اطلاق النار بسويسرا وخلال جولات التفاوض بكينيا ، أمشوا اشتغلوا مع بعض ونفذوا ما اتفقتوا عليه فى الاتفاقية ، وما تتوقعوا لو اختلفتوا بجيكم حجاز لأنه الليلة أنا خلاص ما شايف فى سبب أنه لجنة ازالة العقبات حيكون عندها شغل ، فأنا سأركز على أعمالها فى النيل الأزرق مع كرمنو وانتوا أكلو ناركم فى الجبال»!!!!!!!!!!
تواصلت اجتماعاتنا بالخرطوم مع الحلو واتفقنا على برنامج عمل من أربعة أهداف هى :
«1» بناء السلام .
«2» الاستقرار الأمني .
«3» تهيئة الولاية للانتخابات .
«4» الوحدة .
تصحيح مفاهيم مغلوطة
فبشأن هدف بناء السلام اتفقنا على ضرورة تصحيح كثير من المفاهيم المغلوطة بشأنها والتبشير بالاتفاقية بشكل صحيح وعلى رأس تلك المفاهيم المغلوطة المفهوم المتداول حول «المشورة الشعبية» ، مع العمل على انزال الاتفاقية لأرض الواقع بشكل يحسه أهل الولاية ، ناقشنا الشراكة بوصفها عملية ضرورية وحيوية لانفاذ الاتفاقية واتفقنا على ضرورة تعزيزها وتقويتها ببناء آليات العمل المشترك بدءاً بعقد اجتماعات راتبة للأجهزة القيادية الحزبية للحزبين بالولاية ، وضعنا هدف الادماج من ضمن الأهداف الرئيسة فى اطار هدف بناء السلام واتفقنا على ضرورة ازالة ما يسمى بالمناطق المقفولة ، وأن نقوم بمبادرة جريئة باعلان كاودا كعاصمة سياسية ثالثة بالولاية تنتقل اليها حكومة الولاية لادارة شئون الولاية منها حتى نهدم تماماً تابو العزلة والانغلاق، وحتى نشمل كل المناطق بنشاط الحكومة اعتمدنا مفهوم الحكومة الجوالة التى تعقد اجتماعاتها الراتبة فى محليات الولاية المختلفة، ولتعزيز الانفتاح رأينا ضرورة أن تتمدد شبكات الطرق فى كل أنحاء الولاية ومعها شبكات الاتصال لكل الشركات العاملة فى مجال الاتصالات، وبشأن التنمية كان توجهنا أن نعقد مؤتمراً على غرار مؤتمرات أركويت ندعو لها كل شركاء التنمية الوطنيين والأجانب لانجاز خطة تنمية يشارك الجميع فى تخطيطها وتنفيذها ومتابعتها .
مجلس الحكماء
وسعياً لمزيد من الانفتاح على القوى السياسية الأخرى رأينا تشكيل مجلس لحكماء الولاية يضم كل الطيف السياسي والاجتماعي للولاية ومن سبقونا فى حكم الولاية من حكام ومحافظين وولاة، علاوة على رموز الولاية فى مجالات القوات المسلحة والشرطة والادارة والقضاء والأكاديميين والسفراء وأهل الابداع والفن والرياضة والاعلام، فضمت تشكيلة المجلس الأستاذ المسرحى مكى سنادة الذي نشأ وترعرع بجبال النوبة ود. عبد القادر سالم والأستاذ المبدع جراهام عبد القادر والمدرب برهان تيه، والصحفى الأستاذ يوسف عبد المنان، كان تجمعاً ممثلاً بحق لنخبة جنوب كردفان فى كل المجالات ولقد شهد رئيس الجمهورية أولى جلسات انعقاده بقاعة الصداقة بالخرطوم وخاطب جلساته الختامية نائب رئيس الجمهورية الأستاذ على عثمان محمد طه .
بشأن تهيئة الولاية للانتخابات فلقد انعقد اتفاقنا على ضرورة أن نبتدر حملة توعية واسعة وسط مواطني الولاية بشأن القصد الذي استهدفته اتفاقية السلام بنصها على أن تعقد انتخابات عامة فى العام الرابع من الاتفاقية بأن القصد الرئيس هو استبدال البندقية كأداة للصراع السياسي بالصوت الانتخابي ، واتفقنا على أن نربط ذلك المفهوم بتقاليد وقيم من الثقافة المحلية المستمدة من رياضة «المصارعة» ... فالمصارعة تقوم على تحضيرات وتجهيزات تبذلها قبيلة المصارع فى اعداده نفسياً وغذائياً لتمثيل القبيلة وتقوم بتدشين حملة الدعاية عبر أشخاص مختصين يسمون «بالسّبارة» يتحدثون عن قدرات مصارعهم وامكانياته، وعندما يلتقي المتصارعان فى الحلبة يمتنع عليهما استخدام أى نوع من الأسلحة فقط أيديهم وبشكل معين ويتخلون عن ملابسهم الا ما يستر العورة امعاناً فى الشفافية، من ينتصر يمد يده للمهزوم لرفعه من الأرض .
تداخل مجتمعي
أما بشأن هدف الوحدة فقد فصلنا فيه بأبعاده المختلفة، فاستهدفنا بالوحدة فى بعدها الولائي أن نعيد التعايش والوحدة لمجتمع الولاية وفقاً لأعرافه السابقة التى ابتدعت صيغة التحالفات القبلية بين القبائل، واستهدفنا أيضاً بهذا الهدف اعادة دمج الولاية على صعيد واحد بدلاً عن وضع الكنتونات السابق على خلفية خطوط الحرب السابقة، ونظرنا لهدف الوحدة الوطنية لكل السودان وخاصة علاقة شمال السودان بجنوبه باعتبارها صمام أمان للاستقرار والسلام فوضعنا لأنفسنا برنامجا عمليا يستهدف ولايات التمازج بتنمية العلاقات بين ولاياتها وتحقيق أعلى درجات التكامل والربط، وتقوية وتعزيز أواصر التداخل المجتمعى ثقافياً واقتصادياً، ولقد وجدت هذه الفكرة صدىً طيباً لدى نائب رئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه الذي كان يفكر فى الاتجاه ذاته فتحمس لها ودعمها، وكانت تلك الفكرة أيضاً راسخة فى ذهن الأخ / د.لوال دينق وزير الدولة للمالية وقتها والأستاذ يحيى حسين أمين صندوق دعم الوحدة، لقد حاولنا أن نعطى تلك الفكرة التى تعتبر ماركة مسجلة لحوارات «الأستاذ علي عثمان ود. جون قرنق» فى نيفاشا أبعاداً جديدة وأن نسعى لانزالها لتكون واقعاً عملياً فى شكل برامج عمل وأنشطة فاستضافت الولاية لاحقاً المؤتمر الأول لولايات التمازج العشر فى 27 فبراير 2010م .
لقد نظرنا لتلك الفكرة وذلك المنبر من واقع كون جنوب كردفان تمثل القنطرة لوحدة السودان بحكم الحدود الممتدة والأطول لجنوب كردفان مع ولايات الجنوب ، فالولاية تتمتع بأطول شريط حدودى مع الجنوب «حوالى السبعمائة كيلومتر» فهى تجاور ولايات شمال بحر الغزال وواراب والوحدة وأعالى النيل ... فتتأثر دونما شك بمآلات الوحدة والانفصال .
تلك هى الأفكار التى اتفقنا عليها كبرنامج عمل لادارة الشراكة فى مرحلتها الجديدة ، تواضعنا على منهج عمل لانفاذ تلك الأهداف يستند على ضرورة أن نقدم الأنموذج فى وحدة الكلمة واللسان بخطاب سياسي موحد يستند الى الاتفاقية وروح الشراكة ، بتلك الأهداف الكبيرة هبطنا كادقلى معاً فى منتصف مايو يرافقنا رهط كبير من قيادات الولاية وأحسن الوالي عمر سليمان استقبالنا بحشد جماهيري كبير خاطبناه بأهدافنا ورؤيتنا للمستقبل . كيف سارت الأمور من بعد ذلك على الأرض فذلك موضوع حلقتنا القادمة يوم الأحد بمشيئة الله .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.