في الحلقة السابقة تحدثنا عن أهمية قطاع التشييد وما يحتله هذا القطاع من مساحة في التوظيف للقوى العاملة وما يفعله من اعادة تدوير الدخل القومي بين فئات وطبقات المجتمع وكيف أسهمت الشركات الوطنية في تنفيذ الطفرة التنموية في مجال البناء والتشييد والبنيات التحتية التي انتظمت البلاد في الفترة السابقة، وعن التسهيلات المالية التي قدمتها هذه الشركات وأن الحكومة قد تعثرت في الايفاء بإلتزامها تجاه المقاولين مما خلق لهذه الشركات وضعاً صعباً - كما تطرقنا إلى الحزم الاقتصادية الجراحية التي تبنتها الدولة واثرها السالب في كل العقودات المبرمة وعلى الديون المستحقة للمقاولين. وقد طالبنا في نهاية المقال السابق كاتحاد للمقاولين بأن تتكرم الدولة بإيفاء الديون المستحقة للمقاولين وأن تشرع فوراً في ذلك وفق جدولة مناسبة يرتضيها الطرفان. كما نطالب كاتحاد للمقاولين السودانيين وكغرفة قومية للمقاولين باتحاد أصحاب العمل بأن يتم تعديل بنود الأسعار. نسبة لتذبذب الأسعار جراء التضخم والسياسات الاقتصادية نطالب وبشدة بمعالجة قانونية تنص على تعديل أسعار البنود في كل العقود المبرمة سلفاً وادخال نصوص وفق الممارسات والقواعد الهندسية العامة تتيح للمتعاقدين تعديل الأسعار وفق المتغيرات الاقتصادية المتوقعة خصوصاً وان السيد وزير المالية قد نوه بأن الاستقرار المتوقع لأسعار الصرف لن يكون قبل 2014م. ونؤمن أن هذه مطالب مشروعة تستند على أسانيد هندسية وقانونية ومنطقية. فيما يتعلق ببند تعديل الأسعار في العقود الانشائية فإن دليلنا على ذلك نص المادة (3) من القانون المدني لسنة 1984م. (على أن تسترشد المحاكم في تطبيق أحكامه وتفسير الكلمات الواردة فيه وكذلك في حالة غياب النص بالمبادئ الشرعية وتتبع القواعد المنصوص عليها في قانون أصول الأحكام القضائية لسنة 1983م). وتنص الفقرة (أ) من المادة (5) من القانون المدني المذكور على أن الضرر يدفع بقدر الامكان. ٭ ينص البند ثالثاً من المادة (3) من قانون أصول الأحكام القضائية لسنة 1983م على اعتبار ما يجلب المصالح ويدرأ المفاسد وتقدير ذلك بما يتوخى مقاصد الشريعة وأغراض الحياة الشرعية المتكاملة في ظروف الواقع الحاضر وبما لا تلغيه نصوص الشريعة الفرعية. ٭ يقوم الفيديك (FIDIC) وهو الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين بإعداد الشروط النمطية لعقود التشييد وتغطي هذه الشروط العلاقات التي تربط بين أطراف عقد التشييد وهم رب العمل، والمقاول والمهندس الاستشاري ويقوم الفيديك من وقت لآخر بمراجعتها وتعديلها لتواكب التطورات التي تلحق بالعلاقة بين أطراف عقد التشييد. وفي هذا الاطار صدر التعديل طبعة سنة 1999م للشروط العامة لعقد الانشاء وتضمنت موضوع التغييرات والتعديل. ومن بين تلك التعديلات تلك التي بسبب تغيير التكاليف المتعلقة بجدول الكميات المعبأ والمرفق بملحق عقد المناقصة وينص التعديل على أن المبالغ تدفع للمقاول يجب أن يتم تعديلها لتشمل أثر الزيادة أو النقصان بسبب أي ارتفاع أو انخفاض يطرأ على أجور الأيدي العاملة أو على أسعار اللوازم وغيرها من مدخلات الاشغال وإلى المدى الذي يكون فيه التعويض الشامل بسبب أي ارتفاع أو انخفاض في التكلفة غير مغطي في أية مادة في العقد فإن قيمة العقد المقبولة تعتبر إنها تحتوي على مبلغ عوضي للتعويض عن التقلبات الأخرى في الكلفة ويتم احتساب التعديل في المبالغ المستحقة الدفع إلى المقاول وذلك بتقدير قيمتها باستعمال الجداول المناسبة ومن خلال تصديقات شهادات الدفع. كما اقترح النموذج المعدل أن يتضمن عقد المقاولة بنداً يعالج حالة التغيير في سعر الدولار وهي الحالة التي تدفع فيها استحقاقات المقاول بعملة مغايرة للدولار (كحالة المقاولين السودانيين التي تدفع استحقاقاتهم بالعملة المحلية). فأوجب النموذج في هذه الحالة أن يعوض المقاول عما تكبده من خسارة مباشرة ناتجة عن تغيير سعر تبادل هذه العملة مقابل الدولار الأمريكي أو اليورو واشترط النموذج لأداء التعويض ألا يقل الانخفاض عن 5% من القيمة الأساسية لسعر التبادل في موعد التاريخ الأساسي. عليه فالعدالة تقتضي أن يتم تعديل هذه العقود بتضمينها بند تعديل الأسعار وفقاً لما نص عليه نموذج الفيديك الذي اتبعته الحكومة في عقودها مع المقاولين عدا تضمين بند تعديل الأسعار ومن ثم اصدار أمر بتعويض المقاولين عن فروقات الأسعار التي طرأت على مدخلات العمل المتعلقة بتلك العقود وذلك تطبيقاً لنص المادة (118) من قانون المعاملات المدنية وكما نص البند سابعاً من المادة (3) من قانون أصول الأحكام القضائية على توخي العدالة التي تقرها الشرائع السماوية الكريمة وحكم القسط الذي يقدح في الوجدان السليم. ونواصل * سكرتير الشؤون المهنية والقانونية اللجنة التنفيذية لاتحاد المقاولين السودانيين