أتت قمة المؤتمر الإسلامى هذه المرة فى ظروف مختلفة تماماً واوضاع معقدة فى المنطقة عقب افرازات ثورة الربيع العربى وتعقيد الأوضاع فى سوريا والصومال واليمن والتجاذبات الحادة والعنيفة فى مالى، الا انها رغم ذلك شهدت اهتماماً كبيراً من الدول الأعضاء وتمثيل عريض على المستوى الرئاسى الذى ضم هذه المرة عددا من الرؤساء «المنتخبين» فى دول المنطقة التى شهدت مداً قوياً لصحوة التيارات الإسلامية وسعيها نحو الحكم. حيث شدد البيان الختامى للقمة على تعطيل عضوية سوريا في منظمة المؤتمر الإسلامي هذا الى جانب قضايا أخرى اخذت مساحتها من أهمها الحالة الانسانية لمسلمي بورما، اضافة الى بعض الملفات الاعتيادية التي تتعلق بالشأن الفلسطيني و العراقي و اليمني ، ودعا الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين احسان أوغلو فى تصريحات صحفية الى ضرورة وحدة الأمة الإسلامية ورحب بالنتائج المحرزة في تطبيق «البرنامج العشري» الصادر عن قمة مكةالمكرمة السابقة لعام 2005م الذي يستند على مبادئ الاعتدال والتحديث والتضامن في العمل، وبصفة خاصة اعتماد ميثاق واسم جديد للمنظمة، وانشاء الهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الانسان، ومنظمة تنمية المرأة، وادارة الشؤون الانسانية بالأمانة العامة، ومنظمة العلوم والتكنولوجيا والابتكار وطالب الدول الأعضاء بتكثيف مشاركتها في تنفيذ البرامج المتضمنة في البرنامج العشري، وتعزيز تعاونها في اطار منظمة التعاون الإسلامي من خلال التوقيع والمصادقة على الاتفاقيات والمعاهدات متعددة الأطراف في اطار المنظمة من اجل ادخالها حيز التنفيذ، وأشار أوغلو الى أن منظمة التعاون الإسلامي هي أول من بادر الى دعوة القيادة السورية للاستجابة لمطالب الشعب السوري المشروعة في التغيير والاصلاح التي عبر عنها سلمية وعفوية. ويعول عدد من المراقبين على نتائج القمة المتعلقة بسوريا باعتبارها وسيلة ضغط اخرى على نظام بشار الأسد بخاصة وأنها شهدت لوحدها أعلى تمثيل رئاسي لرؤساء الدول الإسلامية صاحبة العضوية في منظمة المؤتمر الإسلامي في كل القمم الإسلامية السابقة، هذا الى جانب التوافق التام في كل القضايا المطروحة خاصة فيما يتعلق بالملف السوري، والجهود المشتركة للتعامل مع الحالة الانسانية لمسلمي بورما، وعكس التيار تماماً سعت ايران لاجهاض مخرجات القمة المتعلقة بسوريا حيث اعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية رامين مهمانبرست، في مؤتمر صحفي بطهران امس ان بلاده ترفض اقتراح عدد من الدول بتعليق عضوية دمشق في مؤتمر التعاون الإسلامي، وقال يجب مناقشة الوضع في المنطقة والأخذ بعين الاعتبار المصالح العليا للعالم الإسلامي على رأس جدول اعمال اللقاء ، واضاف نحن لن نوافق تحت أي شرط على طلب تجميد عضوية سورية ونعتبره خطوة غير صحيحة. الخبير الدبلوماسى عبدالرحمن ابو خريس يقول ان منظمة المؤتمر الإسلامى تعانى من اشكالات عديدة فى داخلها وهو ما يفسر عدم تأثيرها على قضايا العالم الإسلامى وتركها مفتوحة لتقاطعات المجتمع الدولى. وقال ابو خريس ل «الصحافة» لم يصدر عن المنظمة اى فعل يحسب لها فيما يتعلق بقضايا الدول الاعضاء بداية بالعراق واليمن وليبيا ودول الربيع العربى او القضايا فى العالم الإسلامى المختلفة، ويرى ابوخريس ان معارضة ايران طبيعية نسبة لمواقفها المعلنة والواضحة تجاه سوريا، وقال ان موقف المنظمة بتعليق عضوية سوريا لايخرج من كونه قرار معنوى، خاصة اذا نظرنا الى ان انشطة المنظمة تركز على التعاون الاقتصادى مع استصحاب ان التعاون التجارى بين سوريا وايران يفوق التعاون مع دول المنظمة، ووصف ابوخريس قرار المنظمة بتعليق عضوية سوريا بغير الموفق وقال فى هذه الفترة يجب ان تقف المنظمة مع الشعب السورى باعتباره المتضرر وتقدم مساعدتها له. وفى ذات الاتجاه يمضى المحلل السياسى الدكتور الحاج حمد محمد خير ويقول كان اجدى للمنظمة ان تبتعد عن خط المواجهه وتقف فى جانب المصالحة خاصة وان سوريا تواجه تقاطعات ودول خارجية، وقال الحاج حمد ل «الصحافة» ان مقاطعة القمة لسوريا اصبحت بمثابة «دعوة حق اريد بها باطل» بحسبان ان هذه الخطوات تصب فى مصلحة اسرائيل باعتبارها المستفيد الأول من تأزم الأوضاع فى سوريا، ووصف حاج حمد اداء المنظمة بالضعيف والبعيد عن قضايا العالم الإسلامى الحقيقية، مشيرا الى انه كان الاجدى ان تطالب المنظمة بتدخل مجلس الأمن تحت الفصل السابع لحماية المسلمين فى بورما ، واضاف المحلل: الا ان قادة هذه الدول الإسلامية تحكمهم مصالح البقاء على كراسيهم مع تآمر الغرب معهم.