ينبغي ألا يمر تدافع المغتربين، وهم يستبقون إلى مراكز التصويت ويمنحون أعلى الدرجات لرمز «الشجرة» الذي توشح به مرشح المؤتمر الوطني لرئاسة الجمهورية «المواطن» عمر حسن أحمد البشير، «مرور الكرام»، فالغالبية الساحقة منحت أصواتها لرمز الشجرة رغم، الجهود المستميتة التي بُذلت من قبل جهات سعت سعياً حثيثاً لخلق تعبئة مضادة ل «الشجرة»، حتى أن نفراً من المعارضين ذهبوا إلى الأودية والجبال يحرضون رعاة الإبل على ألا يصوتوا إلى رمز «الشجرة»، غير أن الرد كان عجيباً عندما أقبل رعاة الإبل قبل أساتذة الجامعات، وهم يعبرون عن أفراحهم بأن منحوا أصواتهم للمواطن عمر البشير برضاء ورغبة أكيدة، لقناعتهم بأن غداً أفضل سيتحقق بإذن الله تعالى، وبالتالي خاب ظن وأمل «نفر قليل» جنَّد نفسه للتخذيل في أوساط المغتربين بأن تصويتهم للبشير يعني «استدامة الضرائب»، وطول سنوات البعد عن الوطن، الخ قائمة «التخذيل»، ولكن كانت للمغتربين آراء أعمق وأبعد، وهم يمنحون رمز «الشجرة» أعلى الأصوات التي فاقت نسبتها ال «95%». إن ما قدمه معشر المغتربين معروف وجميل يجب أن يقابل بمعروف أكبر وجميل وأبقى، بأن تلتفت القيادة المنتخبة، لهموم واهتمامات المغتربين، وخاصة الشرائح «المستضعفة» التي فارقت الأهل والأحباب من أجل توفير لقمة العيش والتعليم والعلاج للأبناء، في رحلة طال أمدها دون أن تسفر عن أي نجاح.. نعم يتوجب على القيادة المنتخبة أن يكون لها خطاب جديد تجاه المغتربين الذين ضربوا في الأرض منذ زمن بعيد يبتغون الرزق الحلال، فيما لم يجدوا من الدولة إلا القليل جداً، وهي صورة لا بد أن تعدل في العهد الجديد. وعندما نقول ينبغي على الحكومة ومرشح المؤتمر الوطني الذي منحه معشر المغتربين تفويضاً عريضاً أن يلتفتوا للمغتربين، لا نعني أن هذه الأصوات نريد أن يكون لها مقابل من الحكومة، وإنما من واجب الحكومة أن تهتم بالمغتربين الذين يعاني أغلبهم ويلات الغربة، وهم يقفون عاجزين عن العودة إلى الوطن، وهم «كسيرو الجناح». ونريد من القيادة الجديدة أن تبشر معشر المغتربين بمستقبل أفضل داخل الوطن، وأن توفر لهم الوظائف التي تستوعب الكوادر المؤهلة ذات الخبرات الطويلة، وأن تقدم المساعدة اللازمة لمن تقطعت بهم السبل في الديار البعيدة، وأن تجعل عنوان المرحلة القادمة «عودة جاذبة للمغتربين»، حتى يسعدوا في وطنهم، يفرحون ويحزنون، ولكن لا يحملون هم «الكفيل» أو العجز عن تأمين تذاكر العودة إلى الوطن.