كثير من القضايا التي اثرت بدرجة كبيرة على الوضع الاقتصادي في السودان على الرغم من ان هذا العام يبشر بانتاج وفير من المحاصيل الا ان البعض يرى انه لن يسهم في خفض الاسعار لاسباب عديدة كما اثرت النزاعات على الوضع ككل ويرى الخبير في تنمية المجتمع الدكتور ميرغني بن عوف ان التوصل الى حلول لما يجري الان لن يحدث ما لم يتم اشراك المجتمع في اتخاذ القرارات للوقوف على ارائه في هذا الاطار وكيفية احداث التنمية المطلوبة اجرينا معه هذا الحوار وخرجنا منه بهذه الحصيلة : هذا العام من المتوقع ان يكون هناك انتاج وفير من الحبوب الغذائية كيف يمكن ان يسهم هذا في خفض اسعار السلع؟ هذا العام الخريف مبشر ومن المتوقع ان تتوفر سلع غذائية خاصة الخضروات واللحوم وكما ان هذا الخريف جاء بعد ثلاث سنوات من تذبذب الامطار وعدم استقرار المناطق المنتجة خاصة مناطق الثروة الحيوانية ولكن على الرغم من ان هذه تعتبر ظاهرة ايجابية لا نتوقع ان تكون سببا لانخفاض الاسعار لان ادارة الندرة والوفرة في السودان تعاني من مشكلات متراكمة و متعددة ولا ترغب في اي محاولة لرفع المعاناة عن المواطن وهذا ناتج عن مشكلات عديدة خاصة الجفاف الذي حدث في الماضي والمتوقع الحدوث في المستقبل بالاضافة للتصدعات البيئية وعدم توفر المراعي والمياه وتردي التربة الامر الذي قلل من انتاجية اللحوم و يضاف لذلك زيادة اسعار المحروقات ومدخلات الانتاج وضعف الخدمات خاصة لصغار المزارعين والرعاة وذوي الدخل المحدود. تحدثت عن اثر النزاعات على مناطق الانتاج، هل لها الاثر الذي يمكن ان يكون مدمرا للمناطق التي تدور فيها؟ تبقى النزاعات وما تسببه من خلل في استقرار الموارد و انتاجها تبقى عبئا يثقل على المواطن من ناحية الاكتفاء و توفر الفائض لبيعه في اسواق المحاصيل واللحوم الهزيلة وغير المراقبة من جهة الحكومة والمستهلك او حتى المنتج كما ان المجتمعات الريفية المنتجة للغذاء تعاني من عدم قدرتها على التنظيم المؤسسي او اكتساب المعارف التكنولوجية او جذب التمويل لتحريك اقتصادياته. وكيف اثرت كل هذه الاشكالات على الوضع الاقتصادي الان ؟ نتيجة لكل هذه المشاكل بالاضافة لمشكلة النزوح التي ادت لتكدس الاسر في المناطق الآمنة نسبيا الامر الذي يزيد الضغط على الموارد الطبيعية وعلى البشر وقد تزايدت اعداد الاسر التي ترعاها النساء من 12% عام 1993 الى 28% عام 2008 ما يؤكد ان هناك انهيارا واضحا في تركيبة الاسرة وفي مصادر دخلها وفي ادارة شؤون الحياة اليومية من صحة وتعليم و انتاج لهذه الاسباب لم نتقدم في مجال تحقيق اهداف الالفية للتنمية التي ستنتهي عام 2015 لم نجد اي تطور يذكر الا في مجال الاتصالات وهو بكل حسناته ساهم كثيرا في زيادة حدة الفقر ما اثر على ميزانية الاسرة خاصة اطفال المدارس. تحدث عن كثير من الاشياء اثرت بدرجة كبيرة وادت الى ان يصل الوضع الى ما هو عليه الان لكن الحكومة تبنت البرامج الثلاثي للمعالجات الاقتصادية كيف اسهم في اصلاح الاوضاع؟ على الرغم من ان الحكومة قد بشرت بالكثير من المعالجات لهذه الازمات المتراكمة الا ان هذه المعالجات جميعها وبلا استثناء لم تقدم خدمة تذكر للقطاعات المستهدفة وذلك للاسباب المتكررة المتمثلة في سوء التقدير والتخطيط والادارة والتنفيذ والرقابة ما جعل جميع هذه المعالجات تقع في اطار «اطفاء الحرائق» لكنها لم تنجح في هذا الاطار كذلك فتحت هذه التدخلات والمعالجات ابوابا مشرعة للفوضى التجارية اذا لم نقل الفساد. اذن كيف يمكن ان تتم المعالجات؟ في ظل هذا الوضع الراهن لا يمكن التنبوء باي خلاص في المستقبل المنظور الا بالعودة مرة اخرى لاشراك المجتمعات في اتخاذ القرارات التي تناسبها ووضع الصيغ والآليات التي تمكنهم من التكيف مع مجمل الاوضاع لابد ان نخرج جميعا من دائرة القاء التهم على بعضنا البعض كما ان هناك ثقة مفقودة تماما بين المواطن ومتخذي القرار باعتبار انهم من جهة لم يشاركوا في وضع القرارات ومن جهة اخرى لم يروا اي محاسن لها وتبقى وعودا فارغة المعنى ولا نرى في هذه الوعود فائدة للحكومة او لمتخذي القرارات او المواطنين طالما انها ستكشف قصور التنفيذ وتزيد من فقدان الثقة بين المواطن والحكومة ونحن هنا نتحدث عن اكثر من 60% من الشعب السوداني يحاولون الهروب من حالة الريف الراهنة والنزوح الى المدن حيث لا عمل لهم الا الاعمال الهامشية وهنا تجدر الاشارة لعدد بائعات الشاي والاطعمة في شوارع الخرطوم الذي يزيد عن نصف المليون وما هو الا دليل على سوء السياسات والتنفيذ وربما سوء القصد. انت الان رسمت صورة قاتمة للوضع الاقتصادي في السودان لكن كانت هناك بعض الاشراقات خاصة استخراج البترول والان الذهب الا ترى انها اسهمت في تحسين الاو ضاع؟ هنا اشير الى ان الدولة السودانية كانت تعتمد في ماضيها على زراعة وثروة حيوانية ممعنة في التقليدية على الرغم من ذلك كان ميزان المدفوعات ايجابيا في عام 1970 وبعد ذلك توفر البترول بمبالغ كبيرة ولم يتحسن الحال واخيرا توفر الذهب وظل الحال كما هو اذ تركزت مجهودات الحكومة على توفير البنية التحتية اكثر بكثير من حاجة المواطن حيث تم اهمال معيشته بدرجة كبيرة وتجارب الشعوب تؤكد ان البلد الذي لا يستطيع ان يدخر مواطنوه لا يمكن ان تحدث فيه تنمية باي مستوى على الرغم انه كانت هناك تجارب سابقة فيما يتعلق بالادخار خاصة صندوق توفير البريد لكل السودانيين. بما انك خبير في مجال تنمية المجتمات حدثنا في هذا الاطار؟ نقوم في مجال تنمية المجتمعات ببناء القدرات واكساب المهارات التكنولوجية الجديدة التدريب التنظيمي على التأثير في متخذي القرار وبناء الاجماع وادارة المؤسسات الصغيرة وتدريب على تسويق المنتجات بالاضافة لوضع الاستراتيجيات والخطط والبرامج وعمل الدراسات الاقتصادية والاجتماعية والمسوحات وعمل تقييم للمشاريع. تتحدث الحكومة الان عن مشروع التمويل الاصغر كيف ترى نجاح هذا المشروع؟ البطالة في السودان وصلت الى 25% وهذا المعلن حكوميا ولكن في الحقيقة وصلت الى 40% من جملة المجموعات النشطة اقتصاديا وبين الخريجين وصلت الى 60% واذا كانت هناك اموال حقيقية مرصودة للتمويل الاصغر فان المبلغ المخصص غير كاف ويعتبر اهدارا للموارد.