بعد ان انتهت امس المهلة المحددة من قبل مجلس الامن الدولي وفقا للقرار (2046) بشأن المفاوضات بين السودان ودولة جنوب السودان تكون الدولتان دخلتا منعرجا خطيراً جراء انتهاء المهلة المحددة لانهاء مسلسل المفاوضات الطويل، وربما تكونان ملزمتين الآن وباكثر من أى وقت مضى بتوقيع اتفاق يحقق السلام بين البلدين ، عبر معالجة القضايا العالقة منذ انفصال جنوب السودان قبل أكثر من عام، خاصة وان قرار مجلس الامن (2046) يفرض عقوبات على الجانبين، أو على الجانب الأكثر تقصيراً، والمتسبب في فشل العملية التفاوضية التي كما شهد العالم ما أن تصل إلى حلول، حتى يفجر المفاوضون مفاجأة جديدة، إما بتأجيل توقيع اتفاق، وإما بإرجاء مناقشة إحدى القضايا العالقة. تفاديا لتلك العقوبات واستجابة للضغوط الكثيرة التي يمارسها المجتمع الدولي على الطرفين في كل من (الخرطوم) و(جوبا) فسيلتقي اليوم بالعاصمة الاثيوبية اديس ابابا الرئيسان السوداني المشير عمر البشير والجنوب سوداني سلفاكير ميارديت غداة انتهاء المهلة التي حددها الاتحاد الإفريقي للخرطوم وجوبا، للتوصل إلى تسوية للخلافات بينهما والتي انتهت امس لكن الاتحاد الإفريقي قرر تمديدها حتى الثاني والعشرين من الشهر الجاري، بعد أن أخفق الجانبان في التوصل إلى اتفاق حول كثير من القضايا التي ستقدم الى طاولة الرئيسين في اديس ابابا على رأسها القضية الامنية التي يطالب الجانب السوداني بحلها وجعلها في مقدمة القضايا لجهة انها تؤرق البلدين يليها قضية الحدود والاتفاق على المنطقة العازلة بين الطرفين لحين ترسيم الحدود بشكل واضح بجانب فك الارتباط مع الفرقتين التاسعة والعاشرة المتواجدتين بكل من ولاية جنوب كردفان والنيل الازرق بجانب ايجاد ضمانات بأن تكف جوبا عن دعم مسلحي الحركة الشعبية قطاع الشمال الذين يخوضون تمردا مسلحا ضد الحكومة ، غير ان جوبا لها نظرة غير التي للخرطوم حيث تتمسك بضرورة حسم الملف الاقتصادي خاصة قضية النفط التي لم تتضح الرؤية فيها لانجاح الاتفاق الاطاري الذي ابرم بين مفاوضي الجانبين في الجولة الماضية للمفاوضات ففي الوقت الذي تقول فيه جوبا إنه لن يٌتفق على أموال النفط قبل تسوية قضايا أمنية حدودية، لاسيما أن دولة الجنوب أعلنت أنها مستعدة لدفع 9.10 دولار و7.26 دولار للبرميل الواحد لتصدير النفط عبر خطين للأنابيب يمران عبر السودان، إلى جانب حزمة حجمها 3 مليارات و200 مليون دولار للتعويض عن خسارة معظم احتياطات النفط للجنوب، وعرض سابقا مليارين وستمائة مليون دولار، بينما صرح مسؤولون بأن السودان نفسه خفض طلبه بدفع 15 دولارا للبرميل لكل خط، بعد أن كان يطالب باثنين وثلاثين دولارا، وكان السودان حتى وقت قريب يصر على دفع (36) دولارا للبرميل. وكان سفير السودان لدى اثيوبيا الفريق عبد الرحمن سر الختم قال ان زيارة رئيس الجمهورية لاديس ابابا والمتوقع لها ان تستمر لمدة يومين تأتى فى اطار خارطة الطريق التى وضعها الاتحاد الأفريقى وقرار مجلس الامن 2046 ليتمكن الرئيسان البشير وسلفاكير من البت فى الموضوعات التى لم يصل المتفاوضون لحلول حولها او لمباركة أي اتفاق يصل اليه الطرفان، مشيرا الى انه من المتوقع ان يلتقى رئيس الجمهورية ابان زيارته لاديس ابابا بأعضاء الوفد المفاوض وبعدها يلتقى بالآلية الأفريقية رفيعة المستوى برئاسة امبيكى و يجتمع برئيس الوزراء الاثيوبى هايلى مريام ثم بعدها ستعقد قمة بين البشير وسلفاكير . ويرى المحلل السياسي واستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية بروفيسور حسن الساعوري ان لقاءات القمة بين الرؤساء لا تتم عادة الا بعد ان يتوصل المفاوضون والمستشارون لاتفاق ويبقى على الرئيسين «رتوش» فقط لاكمالها ويذهب الساعوري في حديثه ل(الصحافة) عبر الهاتف امس الى ان القمة التي ستجمع بين الرئيسين البشير وسلفاكير باديس ابابا اليوم تنتظرها تعقيدات كثيرة وليست رتوشاً على رأسها الملف الامني والذي برمته ينتظر رؤية الرئيسين، واستبعد الساعوري التوصل لحلول واتفاق في قمة الرئيسين واصفا اياها بانه لقاء من غير اثر ويرى ان الاتفاق ممكن في حالة واحده هي وجود تنازل كبير من احد الطرفين الذي قال ان لا احداً منهم سيقوم بذلك بالرغم من ان قادة الجنوب ظلوا خلال جولة المفاوضات الحالية يتحدثون على ضرورة التوصل لاتفاق لكنه استبعد ان يتم ذلك الامر.