٭ التداعيات التي صاحبت إعلان نتائج الانتخابات تقتضي منا جميعاً مراجعة المسارات المختلفة المتعلقة بالمصير السوداني والسيناريوهات المعدة من قبل قوى محلية واقليمية ودولية. والامر لا يتعلق بفوز هذا الحزب او ذاك أو هزيمة هذا الاتجاه او ذاك.. ولكن الامر يتعلق بمصير السودان كله بين بقائه كيانا موحداً او انفصالا تبقى له تبعاته على طرفي المعادلة السودانية شمالا وجنوبا. والامر يتطلب من المثقفين شمالا وجنوبا شرقا وغربا ووسطا قراءة المتغيرات التي حلت بالساحة السودانية، واستيعاب الدروس والعبر، وليس لي من مقارنة أعقدها الا وتذكرت ملوك الطوائف في الاندلس.. والمواطن السوداني العادي في الشمال والجنوب وفي الاماكن البعيدة عن المراكز الحضارية، التي اصطلح على تسميتها بالهامش، وهي لم تكن هامشا في تاريخ السودان بالمعنى الذي يستخدم حاليا، فمن هذا الهامش جاء من الولاية الشمالية الامام المهدي، ومن ديار التعايشة في دارفور قريبا من حدود السودان مع جمهورية افريقيا الوسطى جاء الخليفة عبد الله التعايشي الذي حكم السودان لفترة لم يتجاوزها من الرؤساء سوى نميري والبشير . ومن اقصى الشرق جاء الامير عثمان دقنة رجل المهام الصعبة . ومن هذا الهامش جاءت زعامة علي عبد اللطيف لثورة اللواء الأبيض (4291) والامثلة كثيرة في مختلف مجالات الحياة: في السياسة والفن والرياضة والاقتصاد. والذي يريده المواطن السوداني ان يحس بالامان في بلده، وان يقهر ذلك الخوف من المجهول وما تخبئه الايام.. وأول الطريق الى ذلك تنزيل مفهوم المواطنة الى أرض الواقع. وان نعي ان حرية التعبير وحرية النشر وحرية الوصول الى المعلومات هي حق طبيعي للانسان وان حرية التنظيم ليست حقاً للمواطن فحسب، ولكنها واجب تيسر الدولة بمفهومها الواسع. وخير للدولة أن تعمل وتتعامل مع منظمات ارتضاها بعض مواطنيها من أن تتجاهل هذه المنظمات، أو تسعى الى اضعافها وتفتيتها. وفي مقدمة ذلك الذين لهم رأي آخر ورؤى مختلفة، وهذه هي طبيعة هذا العصر الذي حاول ان يقدم لنا ثقافة احترام الرأي الآخر.. وحق الآخر أن يكون آخر..