في جلسة ساخنة شهدتها القاعة الخضراء وضمت عددا من الوزراء «الميدانيين» على حد وصف رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان والذين بدأوا بالتوافد الي باحة البرلمان منذ العاشرة صباحا حيث كان اول الواصلين الي القاعة وزير النفط عوض الجاز تلاه وزير المعادن كمال عبداللطيف ثم وزير الزراعة اسماعيل المتعافي واخيرا وزير السدود أسامة عبدالله توافدوا للادلاء بدلوهم في جلسة استماع خصصتها اللجنة الاقتصادية بالتعاون مع لجنة الشؤون الاجتماعية للحديث حول البرنامج الاقتصادي الاسعافي الثلاثي. بدأ وزير الزراعة حديثه حول الموسم الزراعي الحالي والبشريات الايجابية للمحاصيل التي جرت زراعتها هذا العام وتوقعاته بانتاجية عالية خاصة المحاصيل النقدية مثل القمح والذرة التي قال ان اسعارها ارتفعت بصورة واضحة بعد اعلان رئيس الجمهورية فتح بابها للتصدير ، لكنه سرعان ماعاد الي الشكوي من محصول القطن الذي قال ان العام الماضي مثل عام المجد للمحصول بعد انتاج كميات كبيرة منه وبيعه باسعار مغرية، بيد ان تلك اللهجة المتفائلة لم تستمر طويلا بعد ان كشف وزير الزراعة بان ما حدث لشركة الاقطان كانت له تداعيات كبيرة على زراعة هذا المحصول بل وتسببت في تدهوره مرة اخري بعد ان قفز في العام الماضي الي قمة المحاصيل النقدية. ويبدو ان فتح باب الشكاوى من قبل المتعافي حفز وزير النفط على السير في ذات الدرب بعد ان بدأ حديثه بذات نهج الثناء والشكر الذي بدأ به المتعافي بيد ان الجاز لم يستمر فيه طويلا بعد ان كشف عن وجود كميات كبيرة من النفط بالاراضي السودانية والذي يبشر بتحسين الوضع، لكنه رهن ذلك بتوفير الامن، والذي قال انه من المشكلات التي تواجه انتاج النفط بعدد من الولايات خاصة ولاية جنوب كردفان وشرق دارفور، واضاف ان من المشكلات الكبيرة كيفية الاستفادة من الشركاء في النفط السوداني ورد مالهم خلال الفترة الماضية التي توقف فيها انتاج النفط بسبب الاعتداءات المتكررة على حقوله خاصة الاعتداء على منطقة «هجليج» ، وذهب الجاز الي ان تلك الاعتداءات كان لها اثر سالب على اندفاع الشركاء لتمويل العملية الانتاجية بقطاع النفط السوداني ، لجهة ان مطلوبات الشركاء المالية في هذا القطاع اضحت كبيرة بسبب التهديدات الامنية التي واجهت قطاع النفط وانتاجه وهذا ما دفع بعض الشركاء والشركات للخروج من القطاع وتردد الاخرون جراء الاضرار التي لحقت بهم ، وابدي الجاز تفاؤلا كبيرا بوجود كميات كبيرة من النفط ، وقال ان ذلك التفاؤل شابه الحذر لعدم توفر الامن والاستقرار بمناطق النفط وهو الامر الذي يهدد استخراجه والاستفادة منه بسبب التفلتات الكبيرة التي تشهدها المناطق الساخنة والتي بها اكبر الحقول النفطية الامر الذي اثر سلبا على المستثمرين ، وتابع ان الامتدادات الجديدة لحقول النفط التي تنوي وزارة النفط العمل فيها تعتبر معبرا للسلاح والحركات المسلحة الامر الذي يكلف الحكومة ممثلة في القوات النظامية المزيد من الجهد حتي لا يتأثر هذا القطاع، الجاز الذي تابع بث شكواه قال ان معظم نشاطهم في الوزارة صار منصبا في كيفية تأمين حقول النفط والمربعات المتوقع انتاجها الامر الذي اسهم في تجاهل النشاط في العمليات الفنية من استكشاف وغيرها من العمليات، لكنه عاد واكد ان تلك الشكاوى التي سردها لم يكن الهدف منها تخويف احد، مطالبا في الوقت ذاته النواب البرلمانيين الذين يمثلون تلك المناطق بضرورة الجلوس الي اهاليهم وتنويرهم بعدم الاعتداء على المستثمرين والمنشآت النفطية التي تعمل بتلك المناطق. وزير النفط لم يترك اتفاق اديس ابابا الاخير بشأن النفط مع حكومة الجنوب يمر دون التعليق عليه مطالبا بتطبيق الاتفاق مع الجنوب، وقال ان وزارته وكل اجهزة الدولة مطالبين بترتيب انفسهم لعودة تدفق النفط الجنوبي عبر انابيب الشمال، وتابع ان تدفق النفط والدولتين في حالة سلام يعزز ديمومة هذا الامر. الوزير الثالث في ترتيب وزراء القطاع الاقتصادي الذين تحدثوا للبرلمان امس كان وزير المعادن كمال عبداللطيف الذي كشف عن تنسيق يجري مع بنك السودان لضبط التعامل مع وكلاء شراء الذهب وبسط سيطرة الدولة عبر ادارة الذهب لتحجيم التهريب ورفع كميات الشراء ومحاربة المضاربات، الامر الذي اسهم في ان يرتفع الصادر خلال الفترة الماضية الي «36» طنا من الرابط المطلوب والبالغ «50» طنا بعائدات وصلت الي مليار وسبعمائه مليون دولار ، وكشف عبد اللطيف ان وزارته وقعت «122» اتفاقية امتياز مع الشركات للتنقيب عن الذهب غير ان الحكومة عادت والغت الاتفاق مع «37» شركة قال عبد اللطيف انه ثبت عدم جديتها وقدرتها على العمل ليثبت العدد على «85» شركة تعمل الان بمستويات ومراحل متفاوتة ما بين الاستكشاف وتجميع العينات واعداد الدراسات، وتابع ان هناك «4» شركات من ال«85» شركة استطاعت الولوج الي مرحلة الانتاج. ذات الشكاوى التي كشف عنها وزراء القطاع الاقتصادي الذين سبقوا وزير المعادن بثها عبداللطيف للبرلمان وهي الاعتداءات المتكررة من قبل الاهالي على شركات التعدين واعاقة عملها لكنه قال ان وزارته وبفضل التنسيق والنشاط المكثف مع جهاز الامن والمخابرات الوطني والشرطة استطاعوا توفير الامن وبسطه في كل مواقع التعدين التقليدي ومواقع الشركات الكبري بهدف الفصل بين المعدنين التقليديين والشركات الكبري لوقف التعديات التي كانت تشتكي منها الشركات. غير ان وزير المعادن عاد واكد ان وزارته خلال الفترة المقبلة ستعمل على تنويع المعادن للخروج من الاعتماد على المعدن الواحد «الذهب» بالعمل على تخريط الاراضي السودانية واستكشاف المزيد من الاحتياطات المعدنية بعد ان اصبح السودان الدولة الثالثة في انتاج الذهب في افريقيا بعد جنوب افريقيا وانقولا . وزير الكهرباء والسدود أسامة عبدالله سار على نهج من سبقوه من الوزراء حيث اكد ان وزارته استطاعت القفز خطوات كبيرة الي الامام، الامر الذي اسهم في ان يشهد الامداد الكهربائي استقرارا غير مشهود خلال السنين الماضية بجانب التحسن في الخدمات المقدمة لشبكات التوليد الكهربائي، مشيرا الي ان الطاقة المولدة مائيا ستزيد بنسبة 50% بعد تعلية خزان الروصيرص غير انه عاد واكد على توقف العمل في محطة الفولة والتي تعمل بالتوليد الغازي بسبب ايقاف الصين للتمويل جراء عدم الايفاء بالمطلوبات المالية، الامر الذي ادي لخروج المقاول من المشروع بصورة نهائية وفسخه للعقد من طرف واحد، وتابع ان محطة بورتسودان والتي تعمل بالتوليد الحراري تواجه عقبات كبيرة في التمويل ، لكنه اشار الي ان العمل يجري لتفادي هذه المشاكل، كما توقع دخول وحدة من محطة ام دبيكرات نهاية العام الجاري . تلك الشكاوى دفعت رئيس المجلس الوطني أحمد ابراهيم الطاهر الى القول ان الأزمة التي مرت بها البلاد خلال العام الحالي كانت كبيرة ولكن بفضل التعاون استطاعت البلاد تجاوز بعض تلك العقبات مشيرا الي ان هنالك تحديات ماتزال تتربص بالموازنة الحالية، بيد ان الطاهر شن هجوما شرسا على بعض الوزراء وقال « نحن لا نتربص باحد من الوزراء كما يظن البعض» ، وتابع « من يعمل عملا جيدا نسعي في البرلمان لمساندته ولكن من يخرج ويرغب في العمل منفردا دون اجهزة الدولة سنقوم بضبطه وحسمه» ..