دفعه عشقه للموسيقى الى الالتحاق بالمعهد العالى للموسيقى والمسرح، وبعد تخرجه اتجه الى التدريس، حيث يعمل حالياً استاذاً لمادة الصوت فى كلية الدراما والموسيقى بجامعة السودان، وقدم العديد من الاعمال الموسيقية، وشارك فى مهرجانات داخلية وخارجية.. التقيناه بالتنسيق مع الاعلامى الشاب مصعب فضل، وكان هذا الحوار حول الصوت والموسيقى وملامح تجربته الفنية، وكانت هذه الحصيلة من الافادات حول جملة من القضايا. ٭ صورة مقربة: تلقيت دراستى الابتدائية بمدرسة الدناقلة جنوب ببحري، ومنها انتقلت الى الاميرية المتوسطة، ثم امدرمان الثانوية، وبعدها كان التحاقى بالمعهد العالى للموسيقى والمسرح «كلية الموسيقى والدراما» حالياً. ٭ بدءاً هل كان اتجاهك الى معهد الموسيقى بدافع الرغبة ام مجرد صدفة؟ كانت رغبة خالصة، ومنذ الطفولة كنت ارقب البصات الخاصة بترحيل طلاب المعهد وهم يرتدون الزى الرسمي الخاص بالمعهد، واحلم بأن يوفقنى الله فى تحقيق رغبتى فى الانضمام اليهم، ودراسة فنون الموسيقى بقاعات المعهد الذى كان يمثل احدى المنارات الاكاديمية الفريدة فى ذلك الوقت. ٭ ولكن دراسة الموسيقى لم تكن ضمن تطلعات الاسر فى ذلك الزمان؟ نعم ذلك صحيح وقد واجهت اعتراضا لمدة «6» أشهر من الأسرة حرصاً على المستوى الأكاديمي الذي كنت أتفوق به، وكان اهلى يرغبون فى ان ادرس مجالاً آخر، لكن احساسي الموسيقي انتصر، وهو الذي دفعني الى الاتجاه نحو هذا التخصص. ٭ من اى المداخل نفذت إلى الإذاعة والتلفزيون؟ عن طريق مجموعة «ألحان» غنائية قمت بتسجيلها الى الاذاعة السودانية اثناء ممارسة نشاطى بنادى الاتحاد البحراوي، وبعدها التقيت بعدد من المغنين في عام 1991م، وتزامن ذلك مع انضمامى الى مجموعة نمارق، ويومها كنت أدرس بالسنة الاولى فى كلية الموسيقى والدراما بشمبات. ٭ بمن تأثرت؟ لم أتأثر بأحد، ولكن اللحن دائماً هو الذي يتأثر به الناس.. فعندما تسمع الاذن الالحان الموسيقية سرعان ما يتجه القلب لتلك الاوتار التي تعزف.. لكنني تأثرت بالالحان التي تشبعني. ٭ ما هي أبرز الأعمال الموسيقية التي قدمتك الى الجمهور؟ معظم مشاركاتي كانت مع مجموعة نمارق الغنائية، ولدي الكثير من الأعمال التى لم تر النور بعد، وشاركت في كل مهرجانات الموسيقى المحلية والعالمية التي اقيمت في السودان منذ عام 1991 الى 1997م. وعلى النطاق الخارجي فقد شاركت في مهرجان بابل وبعض الحفلات للجاليات في العراق والاردن في التسعينيات، وآخر مشاركاتي كانت مهرجان اغنية الطفل الاول بالخرطوم مع كورال مدرسة الميرغنية وتواصل المشوار. ٭ كيف ترى حال الموسيقى في السودان؟ هناك بعض الإشراقات على مستوى الفرق والمجموعات من خلال الحفلات أو أجهزة الإعلام، وبفضل التأهيل الاكاديمي والاستماع الجيد من قبل الجمهور والنقد البناء بدأ التميز والطابع والنكهة السودانية تفرض سيطرتها. ٭ ما هو انطباعك عن أغاني الشباب اليوم؟ هنالك «بعض الصالح والطالح» كما ان البعض يجاري الاغاني المنتشرة في العالم لأجل الكسب المادي، وهناك ما هو هادف، وأرى ان بعض الشباب قد التزم بما يرضي اذواق العامة. ٭ الالحان السودانية فشلت فى استمالة المتلقى العربى؟ الالحان السودانية من اميز الالحان، وليس عربياً فحسب بل عالميا. ولكنها لم تستطع الوصول وتحقق الانتشار الخارجى نسبة لعدم القدرة على صناعة وتصدير الأغنية السودانية وإخراجها وإنتاجها بالمقدرات والمهارات العالمية، واعتقد أننا نقترب من ذلك الآن. ٭ لمن تستمع؟ لكل كلمة ولحن جميل، ولكل ما هو اقرب لدواخلي واحساسي، واقصف من كل بستان زهرة من الالحان التى تشجينى، وحديقة الفن السودانى زاخرة باعذب الكلمات والالحان الخالدة. ٭ جينات الصوت البشري هل تورث؟ أعتقد أن الفن عموماً هو المنحة الإلهية الوحيدة التي لا يستطيع الفرد ان يرثها .. ويمكنني القول أن المتابعة اللصيقة داخل الاسرة الفنية قد ينتج عنها موروث. ٭ ما هو رأيك في أصوات أبناء الفنانين الذين اتجهوا للغناء؟ بعضهم قد يطل فى جلباب أبيه بحكم شهرته وتميز والده وهذا لن يستمر كثيراً.. والآخر استطاع بناء اسم وهرم ذاتي يستند عليه في مسيرته الفني .. وهنالك العديد من الشباب الذين تميزوا امثال منتصر سيد خليفة وغسان الماحي سليمان وغيرهم. ٭ كيف يستطيع المغني معالجة عيوب الصوت أثناء الغناء؟ بالتدريب والتمارين المستمرة، ومحاولة الابتعاد عن كل ما قد يؤذي الحنجرة.. فهي سلاح المغني .. وينبغي الابتعاد عن المكيفات التي تؤثر مستقبلاً على سلامة الصوت. ٭ هل يشيخ الصوت ويفرض على الفنان التوقف عن الغناء؟ استطيع ان اقول وبثقة تامة إن الصوت قد يشوش ولكنه لا يشيخ .. فتراكم الخبرات الحسية لا حدود لها، والمقدرات التي يحصل عليها المغني لا تنفد بسهولة الا اذا لم تجد الرعاية اللازمة. ٭ ما هو رأيك بصفتك متخصصاً في أصوات كبار المطربين؟ البعض منهم قد راح يستلف أصواتاً لا تليق باسمه وشهرته، والكثير من تلك الاسماء ظل شامخاً لا يأبه .. فالمتميز محمد وردي اسم لا يصدأ.. وعبد الكريم الكابلي لا يَقْْدَم .. ومحمد الامين باقٍ بتفرده.. وحمد الريح يسكن اعماق المستمع. ٭ ما هو تقييمك للمناهج التى تدرس بالكلية.. وهل هى مواكبة ام تحتاج الى تجديد؟ أعتقد أن الكلية دائماً ما تلجأ لأساليب التدريس الحديثة، واستقطاب المهارات والمقدرات الاخرى والخبراء من الموسيقيين الاجانب والسودانيين، وعقد ورش التدريب للطلاب داخل الكلية ٭ ما هو أميز صوت نسائى سودانى بالساحة الفنية الآن؟ لا استطيع ان اقيم اميز الاصوات، لأن الساحة الفنية فيها عشرات الاصوات المتميزة.. ويبقى الملتزم بضوابط الفن عندي هو الاميز دائماً. ٭ تقليد الأصوات ظاهرة سلبية أم ايجابية؟ ربما لجأ بعض الشباب لاستعارة واستلاف الاصوات بغرض الشهرة وغير ذلك، وهذا غير مقبول.. والبعض اتخذه وسيلة لاقتحام كل الاسماع وفرض الذاتية بعد ذلك، ولا انصح باستعارة وتقليد الآخر لأن ذلك قد يؤثر في اسم المقلد. ٭ هل تتحكم طبيعة الصوت في اختيار نمط الأغنية؟ الاحساس بالنغم والايقاع هما السلطة الوحيدة التي تسمح للفنان بالانسجام وحب الاداء، وأي صوت ناجح يمكن أن يتشكل كيفما اراد النص واللحن وبحسب الإمكانات الفردية للمؤدي. ٭ الصوت البشري هل ينافس الآلة الموسيقية؟ لا تستطيع الآلة منافسة الصوت البشري بسبب امكاناتها المحدودة، فالصوت البشري قادر على أن يذهب الى درجات موسيقية ابعد من تلك التى تصل اليها الآلة. ولدينا في السودان نماذج ممن تحدوا الآلة في الاداء واستقطاب اذن المستمع. ٭ نصائح ذهبية الى جيل الشباب؟ عليهم بمعرفة اهدافهم، والاستماع لكل لحن موسيقي وعربي وعالمي، والاهتمام بالكلمة واللحن، والاهتمام بجميع الآلات الموسيقية وليس الاورغ فقط، وإجراء التدريبات الصوتية، والابتعاد عن التقليد، وإبراز المقدرات الفردية، والاعتزاز باللحن السوداني. والسودان بلد متعدد الثقافات والأجناس مما يتيح لنا فرصة اغتنام ألحان متعددة.