كيف يتم إقرار تسوية سلمية للصراع في جبال النوبة ؟ هذا السؤال طرح نفسه بقوة امام العديد من أبناء جبال النوبة من الطرفين اولئك المنتمون الى حزب المؤتمر الوطني والآخرين الذين يحتفظون بوجهات نظر مغايرة في المعارضة والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني المستقلة والمحايدة ، ان ابناء المنطقة وكافة ابناء ولاية جنوب كردفان ينظرون الى عملية إعادة إنشاء ولاية غرب كردفان باعتبارها عملية واضحة تستهدف قطع الطريق امام الحلول السلمية للصراع في جنوب كردفان وهي عملية الغرض منها خلط الاوراق كما عبر عن ذلك العديد من المتحدثين في منبر سونا الاسبوع الماضي . ولكن مطلع الاسبوع الحالي تحركت قضية جبال النوبة باتجاه مغاير فقد طرح د. نافع علي نافع مساعد رئيس الجمهورية مبادرة حكومية للسلام تتمثل في قيام ابناء النوبة بمهمة إقناع الحركة الشعبية قطاع الشمال بترك القتال والجلوس للتفاوض مع الحكومة للوصول الى تسوية سلمية او بالعدم استمرار القتال وبالتالي انعدام السلام والاستقرار ، واللافت في هذه المبادرة الشبيهة بالمبادرة الرامية الى الحاق الحركات المسلحة باتفاقية الدوحة اللافت فيها ان نافع وضع شرطين مسبقين تمثلا في وضع السلاح وبالعدم تغيير قيادة الحركة الشعبية قطاع الشمال وهما شرطان تعجيزيان لا يمكن ان يصنعا سلاماً وبالتالي لم يتجاوب العديد من ابناء المنطقة مع المبادرة لانها ببساطة تطلب ممن لا يملك ان يهب ما يملكه الآخرون وهو طلب غريب فالسلام تصنعه الارادة السياسية للحكومة وللحركات التي تحمل السلاح وفق اجندة توفيقية وليس شروط إذعان يفرضها طرف على الآخر. ومن الواضح ان مساعد رئيس الجمهورية يخلط بين مطالب القوى السياسية المعارضة والجبهة الثورية المسلحة وبين مطالب أبناء جبال النوبة فتحالف المعارضة يطالب بإسقاط النظام وابناء الجبال في الحركة كان سقف مطالبهم اعادة الانتخابات وتطبيق مبدأ حكم ابناء الولاية لولايتهم لا اقل ولا اكثر ولكن المماطلة والتسويف وخلط الاوراق افضيا بمشكلة جبال النوبة الى التطور التدريجي والتفاقم ليصبح سقف مطالب حملة السلاح من ابناء الجبال هو ذات مطلب القوى السودانية المعارضة فكيف يتسنى للمدنيين من ابناء جبال النوبة خارج خط القوات الحكومية او قوات الحركة ان يفرضا تغيير قيادة الحركة واجلاس الجميع الى مائدة المفاوضات ؟ وماهي الضمانات التي يملكها المدنيون العزل المغلوب على امرهم ليقنعوا بها قوات الحركة وهم انفسهم يتعرضون للقصف الصاروخي في كادقلي ؟. إن المراقبين يرون أن حل مشكلة جبال النوبة واضح وضوح الشمس في كبد السماء ولن يكون هنالك حل عسكري للأزمة وانما سينتظر الجميع المزيد من التعقيدات على الصعيدين العسكري والإنساني حتى تخرج الامور عن السيطرة بحكم المنطق وضرورات القانون الدولي وعندها فقط يتذكر الطرفان ان الوقت كان كافياً في السابق للجلوس وتقديم التنازلات من هنا وهناك لإعادة الامن والاستقرار للمنطقة وايقاف الضرر الواقع على المدنيين الابرياء جراء القتال الدائر ، ان الحل يمكن ان يكون عبر آلية وطنية يمثل فيها الجميع الحكومة وحزبها الحاكم والحركة الشعبية وابناء المنطقة في الادارات الاهلية وفي منظمات المجتمع المدني المستقلة والمحايدة ويمكن بعد ذلك الاستعانة بضامن اقليمي كالاتحاد الافريقي وآلياته رفيعة المستوى او ضامن دولي يقره طرفا النزاع ، خلاف ذلك سيستمر الصراع كما قال مساعد رئيس الجمهورية . ان تحكيم صوت العقل والحكمة يقتضي عدم بذل الكلام على عواهنه وإشتراط المستحيل في امور جليلة مثل قضية الحرب والسلام في ظل الاوضاع المضطربة لحكومة السودان ، ان السلام اخذ ورد ولا يمكن ان يكون قسرياً خصوصاً اذا كان الطرف الآخر يطرح قضايا مطلبية عادلة تتعلق بالخدمات والعلاقة مع المركز وحتى لا يتم خلط الاوراق على السلطة ان تفرق بين مطالب المعارضة السودانية بإسقاط النظام وبين مطلوبات الإصلاح السياسي الشامل دون تجزئة او تبعيض .