بعيداً عن الولاءات والانتماءات السياسية والحزبية الضيقة، يتبادر دائما الى ذهني سؤال ملح ويفرض نفسه، وهو منذ استقلال السودان وتسلم اول حكومة وطنية زمام السلطة في البلاد وحتى لحظة كتابة هذه السطور والبشير رئيس للسودان، هل كان هناك رضاء شعبي عن كل الحكومات التي تعاقبت على حكمنا؟ والاجابة من وجهة نظري هي «لا»، أي لا رضاء عن أية حكومة، بل نسب ونلعن الحكومة، ولكن بعد زوالها وخوض تجربة اخرى اكثر فشلاً نتحسر على الحكومة السابقة، وعلى شاكلة «ضيعاناك وضعنا وراك يا أب عاج»، طبعا هذه المقدمة ليس دفاعا عن حكومة المؤتمر الوطني التي اراها من اكثر الحكومات التي تعاقبت على حكم السودان فشلاً، وحاليا أوصلت البلاد الى مفترق طرق ومازالوا متشبثين بالكراسي بالعشرة لدرجة الغرور والعياذ بالله، كيف لا وشخص يتقلب في المناصب«24» سنة ماذا نتوقع منه ؟ فهذا السودان كأنه مصاب بلعنة، وظل اثير الدائرة الخبيثة «ديمقراطية، عسكرية، ديمقراطية وبالعكس» ومع نفس النخب، وكل حكومة تأتي تلعن اختها وتجرمها وتخونها، ويظن فيها الشعب المسكين الخير، فإذا بها أسوأ من سابقتها، فقد جربنا حكم اليساريين والاسلاميين وكلهم فشلوا، حتى بتنا نرى ان السودانيين لا يصلحون للحكم، فهل يحتاج السودان لاستجلاب حكام من الخارج؟، ام نرجع ونطلب من بريطانيا ان تستعمرنا، وهذه المرة الاستعمار يكون بطلب ورغبة منا صادقة. اطلعت على حوار مع رئيس المؤتمر السوداني ابراهيم الشيخ وهو ضمن قوى الاجماع الوطني، وعجبت عندما قال إن الازمة الاقتصادية مقدور عليها.. طيب يا شيخ منتظر ايه؟، الكل يكذب حتى يصل الى السلطة، ولو تأملنا قليلاً في الذين يحاولون الوصول للسلطة عبر كل الوسائل السلمية منها والعسكرية، نجد أنهم من الفاسدين والفاشلين والعاطلين عن أي فكر يمكن أن يقدم هذه البلاد، فيجب ألا نكذب على انفسنا وعلى هذا الشعب المنكوب.. فلا خير ولا رجاء ولا اصلاح يرجى من حكومة المؤتمر الوطني، وهي حكومة ميتة دماغياً وفي انتظار نزع الكراسي من تحتها ليعلن عن وفاتها، ولكن كما قلت فإن البديل ليس أفضل من السابق، وسوف يكون شر خلف لشر سلف، ونكون استبدلنا التعيس بخائب الرجاء. اللهم اصلح حال السودان وقيض له رِجَالاً صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ، رجالاً لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار، انه ولي ذلك والقادر عليه. [email protected]