حبوبتنا ست ظريفة وحكيمة وروحها شبابية، ولو عاوز تجننها قول ليها ياحبوبة! .. عشان كدا جرت العادة كلنا نقول ليها (يا يمه)، من أمي (رحمة الله عليها) لحدي ولدي (ربنا يحفظو) .. وأغلبية الناس ال عرفناهم وعاشرناهم يا شافوها أو اتمنوا يشوفوها، بسبب بصمتها الواضحة في أسلوب كلامنا، وطريقة تصرفاتنا، وذوقنا في الأكل والألوان ال بنحب نلبسها (ربنا يخليها لينا) ..! جرت العادة كل ما تزورنا أو نزورها نسألها عن أولادها وقرايبها وجيرانها، وتكون بداية ردها دائما (في أمنن وأمان حامدين وشاكرين)، ثم تسرد علينا أخبارهم من فرح وكره، وماذا فعلت الدنيا بهم (قسموا بيتهم بالمحكمة ..الأب طلع معاش .. الأولاد ممتحنين .. أخوهم مسكوه ب شيكات.. إلخ ..)، ثم تختم الكلام وهي ترد بلسان حالهم (الحمد لله على كل حال) ..! الحالة الوحيدة التي تختلف فيها طريقة ردها هي عندما نسألها عن إحدى المطلقات أو العوانس، هنا تاخد ليها تنهيدة بالإنابة عن المسئول عنها، وبصوت منخفض ومبتئس تقول حبوبة (فلانة قاعدة تمام .. فحل الضبان ماقال ليها سلام!) .. ثم تاخد ليها (صَنَّة)، وبعدها تبدأ في عد الإنجازات والنجاحات التي حققتها العزباء أوالعانس (ركَّبت السراميك في بيت أهلها كلو .. مسفرة أمها الحج السنه دي .. اشترت لأخوها أمجاد بدل القعدة ساكت.. ناس الشغل رسلوها مأمورية برا البلد .. إلخ ..)، ثم تختم حبوبة كلامها ب (ما شاء الله .. مسكينة لكن .. الله يديها ولد الحلال) ..! معقول يايمه ؟! .. كل الناس بخير وفي (أمنن وأمان) برغم كل المشاكل والمصايب، والنسوان ديل مسكينات برغم كل النجاح والتفوق الوصلن ليهو؟!.. عشان مافي فحل ضبان ولافحل جعران قال ليهن سلام؟! .. ويا سلام على تفخيم الفحولة حتى لو كانت من صفات أقذر الحشرات، وتبخيس العطاء والإثمار عشان الحالة الإجتماعية عزابية ..؟! طيب نقول حبوبتنا ست عفوية وبسيطة وتلقت كل مراحلها التعليمية في مدرسة الحياة ونظرتها الضيقة وحكمها الجائر على عزوبية المرأة وجدارة فحل الضبان ناتج عن حسن نية .. لكن للأسف الشديد يشاطرها هذا الرأي فئة كبيرة من شرائح المجتمع الراقي نسبياً من ناحية الثقافة والتعليم .. وعلى العكس من (حبوبة) تنتج نظرة المجتمع عن حقارة وسوء نية متعمد ..! وحتى لوكانت نظرة المجتمع ازدواجية وفيها شيئ من التحقير والتعاطف بعض الأحيان، فالمحصلة واحدة لأن كلتا الحالين يكون فيهما استضعاف للشخص المعني .. وعلى الرغم من كون الزواج والطلا ق يندرجان تحت قائمة الأقدار (زي الموت والولادة تماماً إلا أن المجتمع يصر على تجريم المرأة وينسب فشل العلاقة الزوجية لها، فيتهمونها بالدلع وقلة الصبر .. ويمكن أن يصل الأمر لوصفها بالسمكة التي شبعت فخرجت من البحر (ياحليلكم من حقها) ..! والحقيقة التي يجهلها القليل بينما هي واضحة وضوح الشمس للكثيرين هي أن هؤلاء النسوة تهششن عن وجوههن أسراب من الذباب والبعوض ويفعصن في الأرض كثيراً من فحول الصراصير والجنادب .. فكيف لامرأة ثارت على ظلم فحل سابق وخرجت من سجن الهوان مجروحه تنزف دمعاً ودماً - إلى سجن كلام الناس تعيش فيه ساكتة وصابرة وتعمل باجتهاد وتحصد النجاح وتعطي بدون حساب - أن يقال عليها مسكينة، وهي في كل يوم تزداد شأناً وقيمة ؟! .. كيف لها أن تقترن بعد ذلك كله بفحل ضبان ..؟! إليكم بعض نماذج الفحول التي تتهافت على المسكينات (راجل مرة عاوز يغير جو .. جاهل يملك ثروة ضخمة ولا يملك أي مؤهل آخر غير الانتماء لعالم الذكور .. عاوز يربي عيالو ويعيش يومين حلوين على حساب المسكينة .. من هواة جمع التحف الجميلة في مرحلة الشيخوخة.. إلخ ..) .. طبعاً لكل قاعدة شواذ .. وأخيراً شكراً لمجتمع الفحول، وخصوصاً «فحل الضبان» ..!