نداءات استغاثة أطلقها أهالي الولاية الشمالية في كل من ( السليم وكريمة والقولد ومروي والدبة وأوربي والخويه وملودا ) وغيرها من المناطق الزراعية التي حطت على محصولاتهم الشتوية اسراب من الجراد الصحراوي قضت على ثمار مجهوداتهم ، ولكن على ما يبدو ان عنصر المفاجأة لم يكن لدى المواطنين البسطاء فقط فغياب المعلومات حتى لدى الجهات المسئولة وغفلتها او تغافلها عن موقف الجراد الذي تحركت اسرابه من منطقة جبل عوينات في الحدود الليبية الى المناطق الحدودية من مصر العربية ومن ثم اتجاهه شرقا ناحية ولاية البحر الاحمر قبل ان يقضي على ثمار مجهودات المزارعين في الولاية الشمالية، كل هذه الرحلة التي دخل فيها الجراد السودان منذ شهري نوفمبر وديسمبر ، يرسم علامات استفهام كبرى تدخل كل الجهات تحت دائرة الغياب وعدم متابعة الموقف في ظل انطلاقة الموسم الشتوي بالولاية الشمالية فأين نشاطات منظمة دلكو الاقليمية لشرق افريقيا لمكافحة الجراد الصحراوي ورصدها للموقف ؟ وكيف غابت وزارة الزراعة ممثلة في ادارات وقاية النباتات لتترك القضية الى ان تصبح امرا واقعا يحتاج الى معالجة . مجموعة من مواطني الولاية الشمالية بمختلف المناطق التي حطت عليها اسراب الجراد تهافتوا الى وسائل الاعلام ليعكسوا واقع الحال الذي صاروا عليه ، واتصل عدد منهم ب(الصحافة) كما بادرت بتحري المعلومات من مصادرها وكان لسان حال الشكوى يجمعهم بعد ان رأوا بأم اعينهم مجهودهم يضيع هباء نتيجة اسراب الجراد التي قضت على محاصيل التمور والفول المصري والبرسيم بل امتدت حتى الى اشجار المسكيت وسعف النخيل . وقال رئيس اللجنة الشعبية لمنطقة ارقي التابعة لمحلية الدبة عبدالمنعم خليفة أحمدون، ان الجراد التهم اكثر من 20 ألف فدان من التمور والقمح، في يومين وقال ل(الصحافة) انهم اضطروا الى احراق بعض المزارع في محاولة للقضاء على الجراد لكنهم فشلوا، ولفت الى ان الجراد هاجم المنطقة بكميات ضخمة ، موضحا ان الجراد انتشر حتى فى كبرى الدبة والتهم حتى سعف النخيل. وفي حديث احد المهندسين الزراعيين (للصحافة ) افاد بان عدم التنسيق والمتابعة بين الجهات المعنية هو السبب وراء دخول الجراد بهذه الكميات داخل الولاية الشمالية وتحدث الي الخطر المستقبلي المتوقع من وجود ( بيض) الجراد في المنطقة مما قد ينذر بوجود الآفة في الموسم القادم . وباعتباره الجهة المعنية بمتابعة وعكس واقع الزراعة بالبلاد اتصلت (الصحافة) بنائب رئيس اتحاد عام مزارعي السودان غريق كمبال حتى تستجلي منه الامر حيث قال ( للصحافة ) ان وصول الجراد كان متوقعا في هذا التوقيت مما كان يستوجب ان يواجه بمكافحة قوية واضاف ان دخوله منطقة حوض النيل سيخلف بالتأكيد خسائر كبيرة . وقال ان الوارد له من معلومات ان ادارة الوقاية قد احكمت السيطرة على انتشار الجراد ولكنه لا يلم بكل التفاصيل . وباتصال ( الصحافة ) بمدير وقاية النباتات التابعة لوزارة الزراعة الاتحادية ، هاجم خضر جبريل مسئول الادارة الصحافة ورفض ان يدلي بأية معلومات من واقع مسئوليته كمدير لوقاية النباتات ، وكان موقفه هذا بناءً لما نشرته الصحيفة من نقد على لسان احد المسئولين السابقين بشأن أن ادارته تحتاج الى اعادة تنظيم، وانها لا تحمل أي افكار تجاه الوقاية والمكافحة، وان وجود الادارة بالمركز يخلق ضعفا في المتابعة والتجاوب مع بلاغات الآفات، وبرر المصدر حديثه بالقول ان ادارة الوقاية احيانا تستجيب للبلاغات في بعض الولايات بشأن الآفات بعد عشرة ايام، ورأى انه لا بد من اتباع ادارة الوقاية الى الولايات او اعطائهم صلاحيات اوسع لسرعة الاستجابة ، وقال جبريل في حديثه ( للصحافة ) انه غير معني بما يتم نشره ورفض ان يدلي بأية معلومات عن موقف الجراد وموقف الادارة ومدى مكافحتها ومعالجتها للموقف . ولعل ما يرسم دائرة من الاستفهامات ما اعلنه مدير وقاية النباتات في نهايات شهر يناير الماضي في تصريح لوكالة السودان للانباء عن حصول السودان على طائرة رش كانت قد عملت فى ذلك التوقيت في ساحل البحر الأحمر ضمن الحملة الشتوية ، وان جملة المساحة التي تغطيها المكافحة جوا وأرضا 25 ألفا و399هكتارا ، وان المنظمة أرسلت طائرة الرش وهى فعالة جدا حيث تساوى ستة أضعاف مثيلاتها السودانية ، وان السودان وبحكم انتمائه لهذه المنظمة ويدفع السودان 400 ألف دولار سنويا هذا بحسب افادة خضر جبريل (لسونا) ، ولعل ما تجد الاشارة له هنا ان منظمة دلكو تضم السودان ، والصومال ، وإثيوبيا ، وإريتريا ، وكينيا ، وأوغندا، وتنزانيا وجنوب السودان ، مناط بها مكافحة الجراد الصحراوى والزرزور وذبابة التس تسي. وعلى الرغم من أن وزير الزراعة بالولاية الشمالية عادل جعفر قد اعلن علي سيطرة الوزارة على مناطق الاصابة عبر عمليات الرش وان نسبة السيطرة تمت بنسبة 95% من مناطق الإصابة بعد قيام عمليات الرش الجوية والأرضية للمكافحة بالمبيدات ، بعد ان شكلت الولاية غرفة عمليات عملت بصورة مستمرة لمتابعة عمليات المكافحة في كل من محليات (مروي، الدبة، القولد)، باعتبارها أكثر المناطق تأثراً بأسراب الجراد، الا ان وزير الزراعة أوضح أن نسبة الضرر الواقع على المحاصيل بسيطة مقارنة مع الاسراب التي دخلت الولاية وانها لم تصل الى مستوى التلف الكامل، وارجع ذلك لوصول الفول المصري إلى مرحلة الحصاد ووجود أشواك في سنابل القمح عملت على حمايته من التهام الجراد ، مؤكدا ان نسبة الضرر قليلة بالمقارنة مع الأسراب التي دخلت الولاية وقال جعفر ان المركز دعم الولاية بحوالي 25 طناً من المبيدات وصلت في الوقت المناسب ، بالاضافة الى استخدامها لمخزونها من المبيدات لعمليات المكافحة الارضية كما نفى جعفر حدوث اي تقصير تجاه التعامل مع سرب الجراد، واعلن عن تكوين غرفة عمليات لمواجهة اسراب الجراد، والتي قاومت اسراب الجراد في طريق (السليم كريمة)، والقولد فوق وطريق مروي الدبة وطريق الخرطومدنقلا فى الكيلو 130. ولكن عدم وجود احصائية دقيقة لحجم الضرر الواقع على المحاصيل الزراعية حتى الآن وحديث مدير المكافحة بأن هناك اسراباً فلتت من ولاية البحر الاحمر وجمهورية مصر يشير الى عدم التنسيق بين الجهات وعدم تبادل المعلومات بصورة سريعة حالت دون احكام السيطرة على الآفة.