٭ جاء في كتاب مواكب الشهداء لمحات من الشهيد أحمد محمد (أب جكه) تشهد بأن أب جكه كان ينتمي الى أعرق بيوتات المسيرية بل ذكر لي أحد قادة بيوتها أنه يمت بالقرابة للأمير على الجلة الذي لعب دور المراسل الحربي أثناء معركة كرري الشهيرة، وذكر الكتاب العلاقة الوطيدة التي ربطت بين أب جكه والخليفة عبد الله خليفة المهدي فقد كانت علاقة ربما يعتبرها البعض علاقة ذات مهام خدمية ووظيفية يتقاضى عنها أجراً ويقدمها تزلفاً وقربى فقد لازم أب جكه خليفة المهدي كظله مرافقاً له في كل المواقف يحمل حاجياته (ركوة) للصلاة أو ( فروه) للسجود والركوع ويقال إنه كان نظيفاً عفيفاً شجاعاً يبعث الهيبة في موكب الخليفة خاصة عند (العرضة) وهو يظلل الخليفة من وهج الشمس، وظل أب جكه في ساعات إحتدام معركة كرري ثابتاً خلف خليفة المهدي لم يهتز في تلك الساعات ولم يتزحزح. لقد كان هذا الرباط الذي ربط بين أب جكه وخليفة المهدي رباطاً مجهوراً بنور الإيمان والصدق والوفاء لا علاقة له بشؤون الدنيا ووظائفها الزائفة. إذاً لم يكن أب جكه موظفاً أو خادماً أو أجيراً بل كان أنصارياً وهب نفسه خالصة لله ولرسوله وللدعوة التي آخت بين الأنصار وحببتهم إلى بعضهم البعض. لقد كانت قمة الفداء عندما حانت ساعات إستشهاد خليفة المهدي وأصحابه في أم دبيكرات حيث أعد أب جكه (فروة) الخليفة وفرشها نحو القبلة كما إفترش كل من الخليفة علي ود حلو والأمير أحمد ود فضيل والصديق بن المهدي وبقوا ساجدين بينما كانت زخات الرصاص وطلقات المدافع تدوي نحوهم فما كان من أب جكه إلى وأن يجلس القرفصاء أمام خليفة المهدي لعله يكون ساتراً له من الطلقات فكان أول شهيد يقع أمام رفيقه خليفة المهدي فيأخذ الخليفة رأسه من التراب ويضعه على فخذه بينما يستنكر الأمير الشهيد أحمد ود فضيل ذلك فيزيح الرأس من فخذ الخليفة ليلتفت إليه خليفة المهدي قائلاً ( أب جكه شالني إثنا عشر سنة أنا ما أشيله ساعة موتوا.. أسكت خليه). هذا هو الوفاء والصدق والإيمان والمحبة التي زرعت في نفس الخليفة وأب جكه لقد صارت تلك القصة تروى على مر الأزمان لتبين قصة الوفاء والعرفان. ومحمد زكي الذي لازم الإمام الصادق المهدي ملازمة الظل منذ تخرجه في الجامعة ربطه بالإمام رباط يعجب المراقب في كنه ذلك الرباط الذي ربط بينهما لقد تنامى هذا الرباط حتي يقال إن محمد زكي أصبح يلبي إحتياجات الإمام خاصة أمام اللقاءات الكبرى المفتوحة أو المغلقة دون أن يحتاج الإمام إلى طلبها ومحمد زكي يحرص الإمام حرصاً شديداً أن يكون متواجداً يراه بعينه ليطمئن أن ما يحتاجه سيجده أمامه وربما إحتفظ محمد زكي ببعض مؤشرات الإجتماعات دون توجيه في هذا الصدد. بل إن محمد زكي هو المرافق الأول وأحياناً الوحيد للإمام في رحلاته الرسمية في أمريكا أو الأردن أو مصر، أو إيران، أو غيرها. محمد زكي شهدت له بعض أعمدة الصحف بالدقة في إتصالاته بها والتبليغ عن أنشطة الإمام بينما إحتفظ بعلاقات طيبة ووطيدة بوكالات الأنباء والسفارات وغيرها. الكثيرون يقولون إن العبء الذي يحمله محمد زكي عبء لايستطيع أداءه إلا قلة من الموظفين إلا أن برنامج محمد زكي الصباحي والمسائي ظل نشطاً ومتغيراً حسب الأحداث لم يغب عنها . يجب أن نذكر أن محمد زكي كان أحد كوادر الحزب النشطة في الجامعة إلا أن نظرات الفقيدة سارة الفاضل ورباح الصادق وبعض المعارف كانت قد سبقت الآخرين في إكتشاف موهبته وصدقه وتفانيه وحفاظه على الأسرار ثم حبه الذي صرح به كثيراً للإمام ونطمع أن يبوح محمد زكي بالكثير الذي عنده حتى لا يدعنا نحتار في بعض نوادره لقد إلتحق بمكتب الإمام عام 2001 وظل على عهده لم يتغير أو يتبدل. لا أحسب أن هذه المقارنة بمثابة سطور سياسية ولكنها توثيقات نحتاجها في المستقبل ومعلومات قد يدخرها جيلنا القادم. إن المقارنة بين أب جكه ومحمد زكي ربما تكون ذات أبعاد إجتماعية بعيدة في التاريخ والأداء ولكنها قريبة في الرباط الأدبي الذي يربط الناس ببعضهم البعض. إن الذي يرى محمد زكي زياً ولوناً وحركة ربما يبعده من حظيرة الأنصار ولكنه أنصاري متمكن أبعد نفسه عن كل ما يجعله بعيداً عن مخاطر القيل والقال ملتزماً الصمت ورقة الحديث مع رفقة محدودة من أصدقائه. ولا يمكن لرجل رافق أحداثاً تمت بصلة كبيرة للسودان وبكيان كبير ككيان الأنصار وحزب عريق كحزب الأمة أن يكون بعيداً عن لمسات ربما تضيء بعض أركان التاريخ.