شكت اعداد كبيرة من مواطني مدينة ود مدني من تجاهل الاجهزة الرسمية والتنفيذية والاجتماعية لشريحة المسنين الطاعنين في السن الذين تتجاوز اعمارهم «70» عاماً، فتراهم يهيمون علي وجوههم كما بهيمة الانعام، يبحثون عن شيء يسدون به رمق الجوع الكافر، وعن مأوي يقيهم زمهرير البرد القارس او حرارة الصيف اللافحة، وهم يتنقلون من شارع الى آخر حتي يسدل الليل ستاره، لتبدأ معاناة البحث عن حائط لجامع او مدرسة او بالقرب من حوائط محلية ود مدني الكبرى، فهم يفترشون «مخاليهم» وجوالات البلاستيك، واحياناً يفترشون الارض ويلتحفون السماء، تحميهم عناية الله من لدغات العقارب والثعابين، وكل ذلك امام عيون المسؤولين بالولاية، ولا حياة لمن تنادي، وكما يقول المثل «جلداً ما جلدك جر فوقو الشوك» «الصحافة» التقت بشيخ رفض ذكر اسمه محتجاً، وقال إن الاعتماد على المسؤولين لا يعني شريحة كبار السن في شيء، وموقفهم لا يتجاوز الكلام، وكثيراً ما التقى المسؤولون بشريحة كبار السن واعلنوا اهتمام الحكومة بهم ورعايتهم، وعندما يطل الصبح لا يجد اولئك البؤساء من يزيل كربهم، فتراهم وقد عادوا يهيمون على وجوههم في شوارع المدينة ومطاعمها يسألون الناس الحافاً اعطوهم او منعوهم، وهم يرددون «اعطني مما اعطاك الله عايز حاجة افطر بيها»، فلا دار تأويهم ولا مسؤول يخفف وطأة معاناتهم في بلد بها وزارة للشؤون الاجتماعية وديوان للزكاة، ولا توجد بها جمعية لرعاية المسنين في ظل الآلاف من منظمات المجتمع المدني بالبلاد. وتوقفت «الصحافة» في وقت القيلولة بأحد شوارع المدينة بالقرب من محلية مدني الكبرى، وكان المنظر لافتاً بسبب العدد الكبير من العجزة، ولا أحد يدري شيئاً عن هؤلاء؟ ولا من أين أتوا؟ ومن المسؤول عنهم؟ ولا يعلم احد ماذا يأكلون وأين ينامون؟ حسن فضل المولى شيخ تعدى السبعين عاماً، قال إنه قدم من منطقة القطينة قبل اكثر «25» عاماً، ويمارس التسول في المدينة وينام على الارض في اي شارع وامام اي من الدكاكين او المساجد، وقال انهم بوصفهم مسنين لم يجدوا اي نوع من المساعدة الا من نفر قليل من فاعلي الخير، وقال انه عندما يتجه الى ديوان الزكاة فإنه لا يعطيهم ما يسد رمقهم، مشيراً الى وجود اكثر من «50» مسناً ينامون في جامع البوشي. اما حمدان محمد عثمان فقد قال انه قادم من النهود وعمره «75» عاماً، ويسأل الناس اعطوه او منعوه، واضاف أنه ينام وقت القيلولة امام مرأى ومسمع المسؤولين، وقال حمدان إن له بنتا وولداً غير عالمين بمكانه، وطالب المسؤولين بانشاء دار للعجزة. الامين العام للجمعية السودانية لرعاية المسنين بالجزيرة اميرة احمد عمر، اكدت وجود الجمعية منذ عام1995م، ولكن دون نشاط يذكر، غير انها استطاعت الحصول علي قطعة ارض بحي شندي فوق بود مدني لاقامة دار للمسنين، ولكنها لم تنجح في ذلك حتى تاريخه، مؤكدة عدم اهتمام المسؤولين بالولاية بهذه الشريحة الضعيفة، الى جانب عدم وجود دراسة حقيقية توضح اعداد المسنين بالولاية وأوضاعهم الصحية، ناهيك عن دار تأويهم، وأكدت أميرة عدم وجود داعم للجمعية حتي تقوم بدورها، وان المال يقف حجر عثرة امامهم ليتم حصر المسنين، مؤكدة توقف نشاط الجمعية بالجزيرة خاصة انها تفتقر للمقر وليست لها ميزانية مخصصة من الجهات الرسمية وديوان الزكاة، وأن المسنين مطاردون من شارع الى آخر .