* حياة الأرصفة ... معاناة وقصص إنسانية * لهذا قدمت فاطمة بطفليها إلى الخرطوم.. ولكن! رصد وتصوير: فاطمة خوجلي المرور من جانب المسجد الكبير في بحري، يعني مشاهدة عالم آخر من البشر، حصروا حياتهم في حدود أمتار قليلة ما بين المسجد وشجيرات متفرقة على جانب الطريق-الذي تمر به حافلات الشعبية الخرطوم- وجوه ترتسم عليها المأساة، وأجساد منهكة تغطيها بقايا ملابس بالية، حيث يستجدي مفترشو الأرصفة المتسوقين والمارة للحصول على ما يسد رمقهم. وبرغم تصاريف الزمن التي قست على فاطمة الكردفانية ألقت بها في منطقة مظلمة من قاع المدينة إلا أنها مشهدها وهي تحتضن أبناءها في إلفة كان لافتاً..إقتربنا منها أكثر وجلسنا إليها وأخذنا نتابع بإهتمام تفاصيل قصتها. هي من كردفان. ونسبة لظروف المعيشة ومتطلبات الحياة إنتقلت إلى (الجزيرة). عملها في البيوت هو مصدر رزق لتسد به جوع أطفالها. ومما زاد معاناتها عدم وجود شريك يقاسمها هموم الحياة فزوجها محكوم عليه (بالسجن). إزدادت متطلبات أبنائها الدراسية.. وبمزيد من الصبر والرغبة في الحياة من أجل أبنائها تمسكت بعزيمتها....وقد ذكرت لنا أنها حضرت إلى الخرطوم في العام الماضي ليمتحن إبنها آملة أن يحرز نسبة تؤهله لدخول الجامعة ليخفف عنها شيئا مما تحمله. ولكن للأسف الأقدار لم تمنحه إلا(54%) ليعيد الكرة من جديد...وبررت لنا وجودها الآن في هذا المكان للمرض والحاجة للعلاج الذي أعياها تكاليفه. قاطعها إبنها عمار الذي لم يتجاوز السابعة من عمره قائلا"(ننام بالقرب من مستشفى بحري لأننا نخاف النوم في قارعة الطريق). سألنا زميلتها التي تجاورها فلم تنطق لنا بعبارة سوى (أنا إبتسام ولي هنا عشرون عاما).أما عمنا موسى فقد رفض رغبتنا في مساعدته بالإتصال على الجهات المسؤولة للبحث عن مسكن، أو عمل مناسب، واكتفى ب(أتركوني أنام). فكما تتبدل الأحوال وتتغير الظروف يتوارث مفترشو الأرصفة المواقع، وهناك من قضى نحبه على رصيف العزلة، وعادةً ما تكون المخاوف لعدم تفاعل أفراد المجتمع مع مفترشي الأرصفة، حيث يسيطر علينا الخوف منهم لإصابتهم بالأمراض النفسية والعصبية. وأوضح (محمد خالد) مشرف اجتماعي- أنّه من الضروري إنشاء (جمعية متخصصة) مهتمة بمفترشي الأرصفة ، كونهم شريحة بحاجة ملحة للدعم كونها جمعية متخصصة، وأن تعمل الجمعية لتوفير الرعاية الشاملة والمهنية لهؤلاء البؤساء، والبحث عن آليات تشركهم في برامج تطويرية، وإجراء المزيد من الدراسات الإجتماعية الجديدة لمعرفة إطر هذه القضية، وتوسيع برامج وأنشطة الدور المتخصصة وغيرها ذات علاقة برعاية هذه الفئة. وشدد حسن فضل الله-أخصائي وباحث الاجتماعي- على ضرورة أن تحتوي مؤسسات المجتمع المدني، والجمعيات الخيرية المتخصصة مفترشي الطرقات، كاشفاً أنّ الموضوع قد تحول إلى ظاهرة ،وعادةً ما تنتشر في المدن الكبرى التي تجذب هؤلاء بميزة توفر فرص الكسب ، مؤكداً على أنّ هناك جمعيات قادرة على طرق مجال الرعاية الإجتماعية وتأسيس دور النقاهة والإيواء، مع أهمية تحقيق الرعاية اللاحقة، وصرف الإعانات للجمعيات المشتغلة بهذه الفئات. (معكم) تناشد دار الرعاية الإجتماعية أن تجري مسحاً اجتماعياً على مواقع وجود سكان الأرصفة...وأن تتبنى فئة سكان الأرصفة الذين يندرجون تحت مسؤوليتها.