على الرغم من مضي عامين على الانفصال الفعلي لجنوب السودان الا انه لا تزال هنالك ارتباطات تلقى بظلالها على واقع الحياة الاجتماعية والاقتصادية في البلاد خصوصاً في مناطق التماس وعلى الشريط الحدودي الفاصل بين الشمال والجنوب، ومن اكثر الولايات التي ما تزال تعالج تعقيدات فك الارتباط الاجتماعي والاقتصادي.. وفي مقدمة الخطوات التي بدت تطل برأسها في معالجة هذه القضايا هي اوضاع الرعاة والقطيع الكبير من المواشي التي كانت تعبر اراضي هذه الولاية الى مناطق التوج على حدود دولة الجنوب.. والتوج هي مراعي تهاجر اليها مواشي القبائل في اواسط وغرب كردفان منذ سنوات طويلة اصبحت الآن جزءاً من تعقيدات دولية يصعب اليها العبور والوصول وان كان هذا الواقع غير مقنع لدى هذه المواشي او رعاتها، وسط تخوف من خط سير هذه الرحلة البرية سوف يقود الى مشكلات واجبة الحل لحدوث الصراع على الحدود التي هي في الاصل في حالة اشتعال لم يتوقف.. غير ان معالجة مشاكل الحدود على طول الشريط الحدودي مع دولة الجنوب تركزت في ايجاد البدائل للمراعي وتجمعات المياه. فما بين بناء سدود مصادر المياه وحفر الآبار والحفائر توزعت المشروعات في الولاية وعلى طول الحدود غير ان المشكلة لا تزال قائمة وعلى الرغم من كتاب الاستراتيجية الشاملة لجنوب كردفان في خططه للخمس سنوات القادمة وفي حالة تنفيذ كل مشروعات المياه لتوفر ما تحتاجه الولاية للانسان والحيوان في نسبة لا تتجاوز 56% ولكن ما قد تم تنفيذه في 42 محلية من محليات جنوب كردفان التي تخرج منها 4 محليات فقط هي المتأثرة بالحرب.. فهل ستصبح جنوب كردفان ارض الميعاد لرعاة ومواشي اواسط وغرب السودان ام ان المشروع لا يزال بعيدا وهي ما زالت ارضاً للعبور ليس للتيجان المزهرة في دولة الجنوب ولكن لصراع الحدود بين الرعاة واوليات اجندة السياسة. لمعرفة حقيقة الموقف تحدثت في اتصال هاتفي مع وزير الموارد المائية في جنوب كردفان عثمان النور حماد والذي قال: «لقد كوّنت لجنة لتقييم ووضع الحلول العاجلة حيث تم انشاء 022 محطة مياه لتوفير المياه للمراحيل على طول الحدود وتجرى الدراسات الآن لحوالي 02 موقعاً في محلية لقاوة الكبرى ويقف امام تنفيذ هذه المشاريع التمويل حيث التزمت الولاية بتنفيذ 021 محطة مياه والمركز بحوالي 001 محطة والآن في طور الدراسات والمسح الميداني هذا الى جانب سدود حصاد المياه الجديدة وتأهيل السدود السابقة والعمل يكون على اساس بناء محطات المياه اولاً لكسب الوقت ولانها تدخل الخدمة قبل السدود وفي المرحلة الثانية تنفيذ السدود والمسطحات المائية على طول الحدود حتى يتم توفير بدائل دائمة تمنع من اختراق المواشي للحدود، كثر في المراحيل الداخلية على اساس بناء «5» محطات مياه لكل محلية وهذه لتوفير المياه لمراحيل العودة وللمناطق الزراعية. والى جانب هذه المحطات هنالك حاجة عاجلة لصيانة السدود القائمة في خور ابو حبل وسد الدبيبات وسد كادوقلي وغيرها من السدود القائمة الآن وتحتاج الى عمليات الصيانة وزيادة مواعينها الاستيعابية والى جانب تحويل المسطحات المائية على الشريط الحدودي الى سدود وحفائر خصوصا وان الولاية تشهد تجمعاً لعدد كبير من الماشية التي ترد اليها من الولايات، مثل ولاية النيل الابيض، وعموماً فان المشكلة ليس لوجود اوضاع امنية غير مستقرة المشكلة في عدم تنفيذ هذه المشروعات في عدم وجود تمويل كافي لها. غير ان تنقية المياه وحركة المياه ومواشيهم في جنوب كردفان على تعقيداتها الجيوسياسية في الارض ايوائها .... مشكلاً اقتصادياً واضحاً وله تبعاته على جانبي الحدود كما يقول بروفيسور عصام بوب استاذ الاقتصاد في جامعة النيلين والذي شرح ل «الصحافة» تلك الابعاد الاقتصادية قائلاً: ان عملية اغلاق الحدود هي المشكلة التي تواجه الرعاة والمواشي على طول الحدود والآثار الاقتصادية كارثية على الطرفين، ففي الجنوب الآن توجد ولايات تعاني من المجاعة وولايات اخرى تعاني من تدني وانهيار في الامن الغذائي نتيجة لاغلاق الحدود. وفي الشمال فان البحث عن المراعي وعدم وصول المواشي الى مراعي التيجان سوف يؤدي الى نفوق اعداد كبيرة من هذه المواشي فالمشكلة الاساسية هي عدم وجود مراعي تكفي هذه الاعداد الضخمة من المواشي والامر كله الآن متروك في ايدى السياسيين ووفقاً لترتيب اجنداتهم والحلول هي يجب وضع الاوليات الاقتصادية في المقدمة قبل الحلول السياسية، فصراع المراعي قد يتحول الى صراع أعنف من الصراع السياسي القائم على الحدود ولن ينتظر الرعاة الحلول السياسية حتى يسمحوا لمواشيهم بالوصول الى المراعي وهكذا فإن أهداف الصراع سوف تتغير ولن تستطيع الحكومات في الدولتين معالجته ولذلك لا بد من تقديم المعالجات الاقتصادية بشكل عاجل. ولكن الوقوف عند نقطة الاعتراف بالمشكلة لن يكون هو الحل اذا لم تتقدم خطوة وخطوات في حل هذه المشكلة، وقد سألت القيادي في المؤتمر الوطني والوالي السابق لجنوب كردفان محمد مركزو كوكو عن كيفية الخروج من هذه المشكلة فقال: لا بد من تدخل سريع في حل هذه المشكلة لان جميع المواشي المكونة للقطيع من اواسط وغرب البلاد تتجمع في جنوب كردفان، وفي حالات اغلاق الحدود من قبل دولة الجنوب فان ايقاف هذه الحيوانات التي تتحرك بتلقائية تجاه المراعي التاريخية التي ترتادها سوف يؤدي الى صراع جديد ولذلك لا بد من ايجاد بدائل وزيادة الجهود المبذولة في بناء السدود ومصادر المياه والآبار فالمسألة اكبر من ان ينتظر فيها الى وقت لاحق بل تحتاج الى حلول عاجلة. الحلول العاجلة قد تبدو هي كلمة الحرب التي يجمعه عليها الجميع في التعامل مع الوضع الراهن والبدائل هي الحلول المطلوبة بعد ان فصلت الحدود ولكن السؤال الذي يظل مطروحاً دون اجابات رسمية لماذا لم يتم تنفيذ حلول المياه بكافة اشكالها في 02 محلية لم تتأثر بالحرب ولماذا لم يتم التمويل.