ما ان كشف النائب الاول لرئيس الجمهورية في مؤتمره الصحفي الاخير ان تغييرا سيطال حكاما بولايات بدارفور بغية بسط هيبة الدولة واعادة الاستقرار لاجزاء من الاقليم ظلت تشهد تفلتات امنية وتململا شعبيا ،نشطت تحركات متقاطعة المرامي داخل اروقة الحزب الحاكم وذلك علي المستويين المركزي والولائي لهذا الغرض ولم تكن جنوب دارفور استثناء من الحراك. واذا كانت هناك لجان بمركزية الحزب الحاكم تدرس بسرية تامة وتداول عميق، امر الولاة الذين يتوقع الدفع بهم بعد ان تم الفراغ من امر تعيين والٍ لشرق دارفور،فان تحركات اخري تشهدها ولايات دارفور التي يتوقع ان يشمل التغيير حكامها وتذهب هذه التحركات لاتجاهات مختلفة ،فهناك تيارات مع التغيير تنشط لمساندة مرشحين ،واخري تسعي للابقاء علي ولاة في مواقعهم والحيلولة بينهم و التغيير الذي اعلنه النائب الاول لرئيس الجمهورية،وفي هذا السياق تشهد ولاية جنوب دارفور حالة استقطاب حادة داخل اروقة المؤتمر الوطني الذي انقسم الي تيارين احدهما مساند لبقاء الوالي والاخر يري حتمية ذهابه، وتبدت صورة التقاطعات في الرؤي والمواقف من خلال الملابسات التي شهدتها دورة الانعقاد الثامنة لمجلس هيئة شورى الوطني حيث طالب 63 عضوا من جملة 393 الابقاء على والي الولاية «حماد اسماعيل حماد» في منصبه الى حين قيام الانتخابات القادمة، وناشد هذا التيار الحكومة المركزية تقديم الدعم الأمني والمادي من أجل المساعدة على استقرار الولاية. وقال مقرر المجلس «عبد الرحمن علي عطا المنان» ان شورى الوطني بجنوب دارفور أوصى بالعمل على تثبيت واستقرار الأجهزة التنفيذية والتشريعية والسياسية بالولاية، وأنه أجاز تقارير الأداء التنفيذي، التشريعي والسياسي. بالمقابل هناك اعضاء بمجلس الشورى نفوا علمهم بالاجتماع ، كما ان اخرين اعلنوا رفضهم ماجاء في بعض الصحف المتعلقة، بمطالبتهم الابقاء علي الوالي حماد اسماعيل وعدم عزله،معتبرين ان ذهابه تفرضه متغيرات تشهدها الولاية وحظيت بقلق واهتمام من المركز ،وتشير مصادر الي ان دورة انعقاد مجلس شورى الحزب الحاكم بجنوب دارفور الاخيرة شابتها ملابسات اعتبرها البعض مخططا لها ،ويقول عضو بشورى الوطني بالولاية ان الدعوات اقتصرت علي 13 محلية فقط من جملة 21 محلية ،لافتا في حديث ل«الصحافة» بعد ان طلب حجب هويته، الي ان هناك قيادات بارزة بالشورى داخل نيالا لم توجه لها الدعوة لحضور دورة الانعقاد ،وزاد:من جملة 393 عضوا حضر 142 فقط، وفي تقديري ان الظروف التي تمر بها الولاية كانت تستوجب دعوة كل اعضاء مجلس الشورى وليس حصرها في شخصيات محددة ولاهداف معروفة ،ويبدو انه لم يكن هناك ترتيب للجلسة وذلك لانها حسب ما اعلن كان يجب ان يتم تداول اجندة محددة ،وهي مناقشة تقارير الاداء السياسي وكان يفترض ان يعرضه علي ادم حسين الا ان ذلك لم يتم بسبب تعطل البروجكتر؟ ،ويشير الي ان رئيس المجلس التشريعي علي ادم عثمان كان يفترض ان يقدم تقريرا عن اداء مجلسه الا انه كشف امام الاعضاء عدم معرفته باجندة اجتماع مجلس الشورى ولم يقدم تقريرا مكتوبا ،ويؤكد العضو، الذي فضل حجب اسمه، ان تقرير اداء الجهاز التنفيذي ايضا لم يكن جاهزا ،معتبرا هذا دليلا علي ان الهدف من الاجتماع لم يكن مناقشة اداء الاجهزة السياسية والتنفيذية والتشريعية ،وكان ممثل لقطاع الطلاب بالشورى قد وجه انتقادا حادا لهيئة الشورى وذلك لعدم اخطارها تشريعي الولاية باجندة الاجتماع ،وعلي ذات الدرب يقول العضو ان رئيس الامانة العدلية مضي ،حيث دمغ تشريعي الولاية بالبعد عن القوانين التي تصدرها المحليات خاصة فيما يتعلق بفرض الرسوم ،كما تناول قضيتي تغول التشريعي علي ارض الملعب الاولمبي وترفيع مفوض الاستثمار الي وزير دون علم المجلس التشريعي . رئيس المجلس التشريعي من جانبه اشار بحسب العضو الي عدم وقوف المركز بجانب الولاية، واقر بوجود تراجع بجنوب دارفور ،ويقول العضو ان رئيس التشريعي قدم مقترحا لم يكن ضمن اجندة الاجتماع يتعلق بالابقاء علي الوالي حماد اسماعيل ،ويضيف العضو:قوبل هذا المقترح المفاجئ باعتراض من قبل بعض الاعضاء ليتم رفع الجلسة لصلاة العصر وبعد ذلك لم يتبق في القاعة سوي 80 عضوا حيث رفض 62 عضوا مواصلة الاجتماع احتجاجا علي اقحام مقترح الابقاء علي الوالي وذلك لعدم وجود توجيه من المركز يدعو لمناقشته في اجتماع الشورى، كما ان الكثير من اعضاء الشورى اعتبروا المقترح تحديا للنائب الاول لرئيس الجمهورية الذي اكد ان هناك تغييرا سيطول عددا من ولاة دارفور ومن المرجح ان يكون بينهم حماد اسماعيل ،وانه في النهاية تم اخضاع المقترح للاقتراع فصوت 63 عضوا لصالح بقاء الوالي فيما رفض وامتنع الاخرون،ويبدي العضو تعجبه من نظر الشورى لامر بقاء او ذهاب الوالي لجهة انها لم تستشار من قبل المركز عند تعيين الوالي الحالي. مثلما ضرب الانقسام جسد الحزب الحاكم بجنوب دارفور فان التباين يبدو واضحا في الشارع الذي انقسم لعدد من التيارات ،حيث يري البعض ومنهم مواطن يدعي حامد أبكر تحدثت اليه عبر «الهاتف» ان قضية دارفور عامة وجنوبها خاصة اكبر من مسألة تغيير الوالاة او الابقاء عليهم ،معتقدا ان التراجع الخدمي والامني مسؤولية مشتركة بين المركز والولاية ،ويري ان المخرج يكمن في حل قضية دارفور برمتها ،فيما يعتبر اخرون ان حماد اسماعيل لم يحظ بفترة كافية تتيح له انزال خططه وبرامجه علي ارض الواقع ،وانه ظل يعمل تحت ظروف وتقاطعات غاية في الصعوبة ،ويشيرون الي ان المركز كان عليه دعم الرجل والوقوف بجانبه وليس ابداله بوالٍ اخر ،اصحاب التيار الثالث وتتقدمهم طالبة بجامعة نيالا تسمي سلمى قالت ان المركز ارتكب خطأ فادحا حينما قام باعفاء الوالي الاسبق عبدالحميد موسى كاشا ،مشيرة في حديث عبر الهاتف ل«الصحافة» ان كاشا حقق انجازات ملموسة خاصة فيما يتعلق بالجانب الامني وانه كان من الممكن اذا منح الفرصة كافية ان يحقق الكثير من الانجازات ،وتري ان حماد اسماعيل سعي لاحداث اختراق حقيقي الا ان سوء الطالع ظل ملازما له ،معتبرة ذهابه او بقاءه سيان لدي مواطن الولاية الذي لم يعد يكترث لما يدور داخل الحكومة والمؤتمر الوطني لانه فقد فيهما الثقة بحسب زعمها. للمرة الرابعة تتكرر بولاية جنوب دارفور حالة الاستقطاب داخل الحزب الحاكم ،فهي قد حدثت في نهاية عهد الحاج عطا المنان وعلي محمود وعبدالحميد موسى كاشا واخيرا حماد اسماعيل ،فما ان ترشح انباء عن اتجاه لتغيير والي الولاية الا ويحدث انقسام داخل المؤتمر الوطني بجنوب دارفور ،ويأمل مراقبون الا يلقي الخلاف الحالي حول بقاء حماد او ذهابه بظلاله السالبة علي جملة الاوضاع بالولاية .