المريخ يرحب بإقامة قمة في بنغازي تكريما للجمهور السوداني    شاهد بالفيديو.. الفنانة السعودية زينة عماد: (أحييت حفل في الخرطوم حضره 5 ألف شخص وأحدهم قال لي أنك سودانية وهذا إطراء حلو)    شاهد بالصورة.. حسناء الشاشة السودانية تخطف الأضواء وتسحب البساط من الجميع في حفل زواج "أحمد ولينا"    شاهد بالصورة والفيديو.. أثناء جلسة إعلان ثياب سودانية.. مصور يشبه عارضات أزياء حسناوات بكلاب "الليدو" وإحداهن تنفجر في الضحكات وترد عليه: (قل هو الله أحد)    شاهد بالصورة.. حسناء الشاشة السودانية تخطف الأضواء وتسحب البساط من الجميع في حفل زواج "أحمد ولينا"    أسطورة ليفربول مهاجماً صلاح: يجب رميه في الدكة    منع مسؤول رفيع في حكومة الأمل من لقاء رئيس الوزراء كامل إدريس    وزارة الشؤون الدينية والأوقاف تعلن بدء التسجيل الأولي لحج 1447    مدير شرطة اقليم الأزرق يثمن جهود إدارة المباحث الجنائية المركزية بالاقليم في كشف غموض العديد من الجرائم    في الثالثة صباحًا.. الجيش السوداني يعلن إحباط محاولة تسلّل    رسميًأ..شركة طيران تعلن استئناف رحلاتها من مطار الخرطوم    مصرع أمير قبلي بغارة جويّة في السودان    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    المغرب بطل كأس العالم 2025    المريخ يواجه النصر الليبي في تجربة ودية من العيار الثقيل    ترامب: وقف إطلاق النار في غزة ما زال قائما    نادي الشروق الابيض يحتفل بتوزيع المعدات الرياضية    الرؤية الاستثمارية الاستراتيجية: تحول الاتحاد إلى مؤسسة رياضية اقتصادية متكاملة    بعضهم يعتقد أن الجيش يقصف بالمنجنيق    شرطة ولاية نهر النيل تضبط عدد( 74) جوال نحاس بعطبرة وتوقف المتورطين    أسعار الذهب إلى أين؟    مباحث ولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    بعد 6 أسابيع.. ديمبلي يخفف أزمة إنريكي    الشمالية تدشن قافلة لإعمار الخرطوم    مباحث ولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    بعد أدائه القسم في «الشيوخ».. ياسر جلال يستعين ب مشهد كوميدي ل «مرجان أحمد مرجان»    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    عرض قدمه بوتين لترامب.. "إنهاء حرب أوكرانيا مقابل هذا الطلب"    ميسي يسجل هاتريك ويتوج ب"الحذاء الذهبي"    جواز السفر لم يعد حلما.. أميركيون يتخلون عن جنسيتهم    حكومة الجزيرة تدعم مركز القلب بمدني بمولد كهربائي 550 KV    وزير الخارجية المصري: ننسق مع السعودية لإنهاء الحرب في السودان بسرعة    الرئيس التركي: الصراع في السودان"يؤلمنا بشدّة"    القبض على الفنانة عشة الجبل    الذهب السوداني.. لوبيات تتحكم وسلطة خانعة    محافظ بنك السودان المركزي تلتقي مديري عموم المصارف وتؤكد على الإصلاح المؤسسي واستقرار النظام المصرفي    إيقاف جميع التعاملات النقدية في ولاية سودانية    تطوّرات مثيرة في جوبا بشأن"رياك مشار"    ولاية الجزيرة تُصدر قرارًا بإيقاف التعاملات النقدية وتفعيل التحصيل والسداد الإلكتروني    هل يصل الذهب إلى 100 ألف دولار؟    محل اتهام!!    شريف الفحيل: تهديد جمال فرفور سبب مغادرتي السودان وتقديمي اللجوء في كندا    رحيل علي «كايرو».. نهاية حكاية فنان أثار الجدل وكسب القلوب    "الصمت الرقمي".. ماذا يقول علماء النفس عن التصفح دون تفاعل؟    بنك الخرطوم يعيد تشغيل فرع الكلاكلة: إيذانًا بعودة الحياة الاقتصادية    وفاة صحفي سوداني    شاهد بالفيديو.. الفنانة هبة جبرة تهاجم الناشطة "ماما كوكي": (تسببتي في طلاقي وخربتي بيتي..ما تعمليني موضوع وتلوكيني لبانة وشريف الفحيل دفعتي)    هكذا جرت أكاذيب رئيس الوزراء!    جريمة اغتصاب "طفلة" تهز "الأبيض"    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    وزير الصحة يشارك في تدشين الإطار الإقليمي للقضاء على التهاب السحايا بحلول عام 2030    عملية أمنية محكمة في السودان تسفر عن ضبطية خطيرة    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    الاقصاء: آفة العقل السياسي السوداني    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خروج عن المسار أم ركوب اضطرار؟!
المركزي في مستودع الذهب
نشر في الصحافة يوم 15 - 04 - 2013

غدا تراجع وترنح اقتصاد البلاد حقيقة ثابتة لا تقبل المراء من واقع تدني عجلة إنتاج كل المشروعات بمختلف مشاربها الذي كشف سوءته افتقاد الخزينة العامة لموارد نفط الجنوب عقب الانفصال، مما كشف ظهر الاقتصاد الكلي بالبلاد، وأوضح بجلاء اعتماده بدرجة كبيرة على عائدات النفط التي لم تتحسب الحكومة لمآلات واحتمالات فقدانها بالرغم من كم المؤشرات والإرهاصات التي تسد الأفق قبيل الانفصال الذي أجبر الحكومة والقائمين على أمر الاقتصاد على البحث عن مخارج لسد نقص الموارد بأعجل ما يكون، فكان من بين خياراتها التوسع في عمليات التنقيب عن الذهب وما شاكله من معادن بغية تجسير هوة فاقد الخزينة العامة، بيد أن ثمة معضلات أوشكت على إفراغ جهود التوسع في التنقيب عن الذهب من مراميها لجهة اضطرارها المنقبين للبحث عن طريق ثالثة لتسويق ما بين أيديهم من المعدن النفيس هربا من الوقوع في فخ الخسارة، وأن أكثر ما يلفت النظر ويشد الانتباه أن يكون على رأس تلكم المعضلات بنك السودان المركزي برأي بعض المختصين، فما هو أصل الحكاية وكيفية الخروج من مأزقها ؟
وذهبت بعض «المصادر» إلى أن ثمة علاقة وطيدة بين السوق الموازي للعملة والموازي للذهب، وأن عمليات التهريب تكون في أشكال مشابهة، والخروج يكون في شكل خام أو تحويلات مالية عبر المكاتب غير المرخصة، لتعود في شكل بضائع أو مشغولات ذهبية باستخدام المعابر المفضية لبعض دول الجوار وصولاً إلى دبي، ومن ثم إعادة المشغولات إلى الخرطوم مرة أخرى، الأمر الذي أدى لتباعد مسارات عمليات إنتاج وتجارة الذهب، إذ لم تفلح اجتهادات بعض الجهات الرامية لتنظيم عمليات إنتاج وتقريب المسافة بين الجهات الرسمية في الأسواق.
٭ ضربة البداية :
قبيل تدخل البنك المركزي وإعلان احتكاره لشراء وتصديره الذهب ومنحه حق الامتياز دون أن يستمتع به أحد أو أدنى جهة، كانت توجد في السوق «15» شركة تعمل في شراء وتصدير الذهب المستخرج من مناطق التعدين الأهلي دون أدنى تدخل في الشراء من الشركات ذات الصلة القطاع الحكومي، ولم يقف المركزي عند هذا الحد بل عين شركة واحدة لتكون وكيلاً له في شراء الذهب من المعدنين لصالحه بالسعر الذي يحدده مقابل عمولة متفق عليها، بيد أنه أعقب تلك الخطوة فتح الوكالة لكل التجار الذين يستوفون متطلبات التوكيل، ومع مرور الزمن تقلص عدد الشركات بحيث لا يتجاوز اليوم أصابع اليد الواحدة تنهض في شراء ذهب التعدين الأهلي لصالح البنك المركزي.
أصل الداء وأس البلاء:
يلخص تاجر ناشط في مجال تسويق الذهب معضلة الذهب وأسباب بروز سوق موازية لتلكم التي يتربع على قمتها بنك السودان المركزي، في مفارقة السعر الذي يشتري به البنك المركزي من الوكلاء الذي وصل قبل فترة قصيرة إلى «315» ألف جنيه للكيلوجرام، وقد كان سعراً مجزياً بحسب التجار، لجهة تقاربه من السعر العالمي للمعدن النفيس، غير أن الطامة الكبرى تجسدت بحسب التجار في خفض المركزي لسعر الشراء إلى حوالى «280» ألف جنيه للكيلوجرام، وواصل محدثي قائلاً إن تلكم الخطوة قادت إلى تفكير التجار في البحث عن ملاذات آمنة لما بين أيديهم من الذهب عبر تهريبها إلى بعض دول الجوار هرباً من الوقوع في فخ الخسارة ووصولا إلى بلوغ مدارج التربح المعقول، وأوضح محدثي أن الحل لبقاء الذهب بالداخل والاستفادة من عائداته يكمن في خروج البنك المركزي من دائرة شراء وبيع الذهب، وألا يكون محتكراً لنشاط تصديره، بجانب رفع القبضة الأمنية المحكمة على مفاصل السوق حتى أضحى التجار لا يؤدون نشاطهم المشروع في طمأنينة. وأضاف قائلاً إنه يجب أن يترك أمر تحديد سعر وتصدير الذهب لآلية السوق، وأن تحرص الدولة على عودة حصيلة صادراته من العملة الأجنبية عبر وضع سلسلة من الضوابط والاشتراطات الضامنة لاستفادة الدولة والشعب من صادره، لا أن تكون الفائدة منه حكراً على البعض، مما يلحق الضرر بالاقتصاد الكلي في البلاد.
ظهور أسواق موازية:
ويقول أحد المنقبين بمناطق التعدين الأهلي وجدته عائداً للتو من هناك على طرف مجمع الذهب بالخرطوم، إن سياسة البنك المركزي واحتكاره لشراء وتصدير الذهب، أفضت إلى بروز وظهور أسواق ببعض الولايات، لاسيما تلكم المتاخمة لمناطق التعدين التي تعمل على استقطاب جل إن لم يكن كل ما يتحصل عليه المنقبون في القطاع الأهلي، ومن ثم العمل على تهريب الكميات المشتراة بأسعار أعلى من تلك التي يعرضها وكلاء البنك المركزي إلى الدول المجاورة «جنوب السودان وتشاد وإريتريا وإثيوبيا ومصر»، ويوضح أحد التجار أن اللجوء إلى مفازة التهريب على مخاطرها المحتملة يرجع إلى ضعف السعر الذي يشترى به بنك السودان من المعدنين والتجار، حيث يقل كثيراً عن السعر الذي يعتقد المنتجون والتجار أنه المعقولية والعدل، وزاد قائلاً إن هناك فرقاً كبيراً بين سعر البنك المركزي والذي يطمح ويرنو إليه التجار.
حذر وتوجس:
ويواصل ذات التاجر قائلاً إن القبضة التي تحكمها السلطات على مفاصل السوق بغية محاربة ظاهرة التهريب واحتجاز بعض التجار تحت دعاوى الضلوع في شراء خام الذهب والتصرف فيه بعيداً عن أعين البنك المركزي، قادت إلى خلق حالة حذر وتوجس وسط التجار، بل أصابته بموجة من الحسرة والحزن لجهة أن التجار لا يمارسون ممنوعاً ولم يجنوا ذنباً سوى ممارستهم مهنة توارثوها أباً عن جد، على حد قول بعض المستنطقين منهم الذين أبدوا عدم امتعاضهم وممانعتهم لأي وجه لتنظيم تجارة الذهب بعيداً عن إقصائهم وتحجيم دورهم المشروع الذي يكفله لهم القانون والتشريع.
دعوة للابتعاد:
وعلى صعيد المتابعين للشأن الاقتصادي يقول الكاتب الصحافي سعيد أبو كمبال في مقال نشر بهذه الصحيفة الأسبوع قبل الماضي تناول فيه كيفية دخول البنك المركزي في شراء الذهب، حيث أوضح أن إدارة البنك المركزي قد وصلت إلى قمة الفشل بتخليها عن إدارة سعر صرف الجنيه السوداني للسلطات الأمنية بدلاً من اتخاذ السياسات والإجراءات الاقتصادية السليمة، وزاد قائلاً: لن تفلح السلطات الأمنية في محاربة تهريب الذهب بسبب حدود السودان المفتوحة، ولأن رجال الأمن بشر وعرضة لفتنة مال الرشوة والابتزاز كما أثبتت التجارب في السودان وغيره. ولهذا يفضل أبو كمبال أن تعود إدارة بنك السودان المركزي للقيام بدورها كما ينبغي بالتركيز على دورها الأساس في الترخيص للمصارف والرقابة على نشاطها لضمان سلامة النظام المصرفي وفاعليته وكفاءته وعدالته والمحافظة على استقرار الأسعار، بجانب تركها شراء وتصدير الذهب للتجار، ومنحهم الحرية في بيع الدولارات التي يحصلون عليها من التصدير إلى البنوك والصرافات والمستوردين بالأسعار التي يتراضى عليها البائع والمشتري، على أن يكف البنك تماماً عن تحديد سعر الدولار والعملات الأجنبية الأخرى بقرارات إدارية. وختم أبو كمبال حديثه بوصفه لسياسة المركزي بالخاطئة والفاشلة، وأنه لا معنى للإصرار عليها إلا إذا كان المقصد منها تدمير الاقتصاد أو تحقيق مصالح شخصية، لأن في التضييق على عباد الله فتحاً لأوسع أبواب الفساد «الرشوة والابتزاز والمحسوبية» على حد تعبيره.
بدعة مركزية وحياد عن المسار:
يقول المحاضر وأستاذ الاقتصاد بجامعة الأحفاد الدكتور السماني هنون: لا يوجد على نطاق العالم بنك مركزي يضارب في بيع وشراء الذهب، لجهة عدم وقوعه ضمن سلسلة مهام البنوك المركزية. وزاد قائلاً: إن دخول البنك المركزي مضارباً في شراء وتصدير الذهب قصد به تغطية فشله في رسم معالم سياسة نقدية ناجحة تقوى على المساعدة في تحقيق وإنجاز المقاصد الاقتصادية الكلية. وأضاف أن ولوج المركزي في مضمار سوق الذهب رمى بظلال سالبة على الاقتصاد وألحق الضرر بزمرة المتعاملين في قطاعه من الصاغة والتجار، لجهة عدم قدرتهم على منافسته وتكبيلهم بجملة المقيدات والضوابط التي يفرضها المركزي عليهم من واقع سلطته وسطوته. وأوضح هنون أن أخطر ما يمكن أن يحسب على المركزي تركه مهامه الأساسية والجوهرية المتجسدة في تطوير سياسة نقدية وتقديم المشورة والنصح في القضايا المالية والنقدية، وكيفية بناء احتياطات من الذهب تعين على إعادة بناء جدار الثقة في الجنيه السوداني الذي أضحى مصدراً للسخرية والتهكم وسط العملات الأخرى، لا الانصراف للاتجار بالذهب. وأضاف هنون أن المركزي بصنيعه هذا حاد عن مسار مهامه وعجز عن أن يكون مستشاراً للحكومة بحق وحقيقة ومؤتمناً على الاحتياطات ومطوراً للسياسات النقدية والمالية، مما يتطلب وقفة مراجعة عجلى لمسيرته وسياساته لئلا يكون البنك المركزي بؤرة للمحاصصات القبيلة والجهوية، وختم هنون بضرورة أن يقصر المركزي دوره على تطوير السياسة النقدية والعكوف على تنفيذها خدمةً للمقاصد الكلية للاقتصاد التي قوامها زيادة النمو الاقتصادي وتحسين سعر الصرف ومحاربة الغلاء وكبح جماح التضخم وإيجاد فرص التوظيف للعاطلين واستقرار أسعار السلع والخدمات.
٭ البنك المركزي لا يمكن الوصول إليه:
استكمالاً لبناء الجهد المهني لهذا التحقيق، اتصلنا بإدارة بنك السودان المركزي حتى تكتمل الصورة ويقف الرأي العام على ما يحدث في سوق وتسويق الذهب داخلياً وخارجياً، بيد أننا لم نجد إجابة شافية خلال أسبوعين قضيناها على رصيف ودكة الانتظار المعرفة رؤية القائمين على أمر المركزي في مجال الذهب تحت دعاوى مختلفة، فآثرنا طرح المادة بشكلها الحالي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.