رصد : هويدا المكى : ظلت صحيفة "الصحافة" منذ صدورها ملتزمة بمسألة السلام والتعايش السلمي حتى انها ملتزمة بشعارها الديمقراطية والسلام والوحدة هذا ما ابتدر به رئيس التحرير الاستاذ حسن البطرى مقدم المنبر الذى اقيم بمبانى الصحيفة بالتعاون مع جمعية جسر السلام وبرعاية الاتحاد الاوربي . وفى مبتدر النقاش قدم الاستاذ عاطف مججوب البحر الورقة الاولي الذى عرض فيها دور الصحافة فى بناء السلام والتعايش السلمي، مبينا ان وسائط الإعلام بمستوييها المحلي و القومي يقع على عاتقها دور عظيم في صناعة السلام في السودان لما تجده من اهتمام وما يحمله المجتمع من تقدير لما تطرحه.ثم انتقل بالحديث الى عرض مشكلات المجتمعات المحلية وقال لا يخفى على أحد أن رسالتها تؤثر بشكل مباشر على مواقف و اتجاهات و قرارات المجتمعات و الأفراد لذلك كان لزاماً عليها أن تراعي ذلك في ما تقدمه خاصة في مجتمعات أصبحت تعيش أوضاع سلام هشة و تفشت بينها أسباب النزاعات و المتمثلة في تفرق الكلمة بين معارض و موالي و ارهاصات التوجهات العنصرية التي أذكتها النزاعات السياسية و استثمرها ضعاف النفوس من الساسة في استقطاب الفئات الأقل وعيا و وطنية في المجتمع. يضاف الى ذلك الاحساس بعدم العدالة في توزيع السلطة و الثروة و ضعف التواصل بين المجتمعات «و الذي يمثل واحدة من الآثار غير المنظورة للنظام الفيدرالي» و الذي جعل من البناء على الظن و صناعة و تبني المواقف و الاتجاهات بناءً على انطباعات قديمة لا تمت للواقع بصلة. وذهبت الورقة الى تحديد دور الوسائط الإعلامية وقال ان الوسائط على المستوى القومي يقع على عاتقها دور مزدوج حيث أنها تساهم في التأثير على عملية اتخاذ القرارات و استصدار السياسات والتشريعات كما أن عملها يمتد ليصل الى التأثير على مواقف و اتجاهات المجتمعات المحلية. بينما المؤسسات الإعلامية المحلية يقتصر دورها على المستوى الولائي و يتطلب دورها «بحكم الرؤية التي أنشئت من خلالها» التركيز على المجتمعات المحلية و التأثير الايجابي على مواقفها و اتجاهاتها، على الرغم من عظم هذا الدور الا أن أداءها تشوبه بعض التحديات التي تتطلب التعامل برؤية أكثر عمقاً و بتوجهات ذات استراتيجيات قصيرة و متوسطة و طويلة المدى حتى تساهم في خلق مجتمع متماسك تستطيع الروابط القوية و المتينة التي تجمعه أن تقف سداً منيعاً أمام أي نزاع مسلح محتمل، و تزيد من فرص المعالجات السلمية عند حدوث النزاعات و التي تعتبر شيئاً طبيعياً و جزءا من حركة المجتمع و دليلا على عافيته. يقع على عاتق الوسائط الإعلامية مسئولية الترويج للمفاهيم الايجابية القائمة على أساس التسامح والتعايش ونبذ العنف بين أبناء المجتمع، والعمل على لفت نظر الجهات القائمة على أمر المناهج لأهمية ادخال تلك المفاهيم ضمن المناهج التربوية والتعليمية. كذلك التشجيع على قول الحق والابتعاد عن الحلول التي تحمل في طياتها بذور النزاعات المسلحة و هي في العادة حلول فوقية لا يتم اشراك المجتمعات في التوصل اليها. و لما تعانيه الذاكرة السودانية من مرارات لا ذنب لجيلنا في معظمها فان اشاعة ثقافة العفو و الصفح و الاعتراف بالخطأ يمكن أن تجعل من السهل فض جميع النزاعات التي تحصل بكل سهولة ويسر. كذلك يجب العمل على جعل المجتمعات تتخذ من لغة الحوار آلية لفض جميع النزاعات التي تنشأ بينها. و أهم جانب يمكن أن تساهم فيه وسائط الإعلام هو تيسير عملية حوار الثقافات بين المكونات الثقافية المختلفة للشعب السوداني، و يعتقد الكثيرون أن جل «ان لم يكن كل» النزاعات السياسية في السودان كان لها بعد ثقافي في المقام الأول و هي جانب تمثل وسائل الإعلام رأس الرمح فيه لسهولة و سرعة وصولها للمجتمعات و للثقة و التقدير الذي تكنه لها تلك المجتمعات، و لأنها أيضاً تمثل الوعاء الذي يتم من خلاله ذلك التفاعل و التواصل الثقافي. و نعتقد أن اثراء الحوار الثقافي و اذابة الحواجز بين الثقافات و اعطاء كل ثقافة حيزاً مناسباً في وسائط الإعلام يمثل أساساً للاستقرار و التقدم في هذا البلد الكبير و الذي يمثل التنوع الثقافي واحدة من موارده الأساسية و من مصادر قوته ان تم التعامل معه بشكل استراتيجي، بينما يمثل واحدة من أكبر مهددات السلام ان ترك الأمر على ما هو عليه الآن من عدم قبول للآخر و البحث عما يفرق الناس أكثر من البحث عما يجمعهم. أخيراً اكدت الورقة أن التداول السلمي للسلطة يمثل حجر الزاوية للسلام في السودان حيث يقلل من النزاعات السياسية و التي تزيد من وتيرة و حدة حالة الاستقطاب و التي تستثمر في العادة فيما يفرق الناس أكثر من ذاك الذي يجمعهم. لا يخفى على أهل الإعلام التحديات التي تواجه مؤسساتنا الإعلامية في أداء هذا الدور العظيم وهم أدرى بها منا، لكن ما نريد أن نلفت الانتباه اليه في هذه السانحة أن واحدا من أهم التحديات و التي لم ينتبه لها الكثيرون هو ضعف قدرات العاملين في مجال الإعلام على المستوى المحلي و الرؤية غير الاستراتيجية التي تدار بها وسائط الإعلام المحلية و الذي نتج في رأينا الشخصي عن الاعتماد على الكوادر المحلية في ادارة تلك المؤسسات بدلاً عن اختيارهم قومياً كما كان في السابق عندما كانت الهيئة القومية للاذاعة و التلفزيون تقوم بتعيين كوادر مؤهلة تدرك الرسالة الحقيقية لتلك المؤسسات الإعلامية و ما يمكن أن تلعبه في تعزيز التواصل بين المجتمعات المحلية و باقي البلاد بدلاً عن الانكفاء على الثقافة المحلية فقط أو التعامل مع الثقافات الأخرى بصورة غير متوازنة. وفى ذات السياق واصل الاستاذ أمين أحمد ان لا شك للصحافة دورا متعاظما في المجتمع وأنها تكتسب أهمية متزايدة لا يمكن تجاوزها ، وان تأثيرها يظهر في كثير من الانشطة الانسانية، وتبدو اكثر وضوحاً في الاقتصاد والسياسة والثقافة والعلوم و كل الجوانب، ولعل هذه الاهمية والتأثير جاء من خلال التطور المستمر في حركة المجتمع والذي تتبعه حركة وسائل النقل والتواصل، بما يخدم جمهورا كبيرا او قطاعات من المجتمع ويحقق المصلحة. في السابق كان الناس في اوربا مع بدايات القرن الثامن عشر ينتظرون البواخر القادمة من الشرق لمعرفة ما فيها من بضائع ونفائس وكانت توجد على الموانئ لوحات تكتب عليها اسماء السفن وما فيها من بضائع والتجار الذين يمتلكون هذه البضائع وكان هنالك مجموعة من الناشطين الذين يجمعون المعلومات من البواخر قبل وصولها الى مراسي المواني ويعرضونها على اللوحات الموجودة فى الموانئ هذه العملية كانت تثير اهل المدن الساحلية تجعلهم يعقدون الصفقات بين التجار واصبح هؤلاء الناشطون من اهم الاشخاص وكانت تلك بداية السبق الصحفى واشارت الورقة الى تطور الصحافة وفقاً للعلاقات في المجتمع وصارت عنصراً مهما في دراسة وتقييم النظم السياسية، فالصحافة كسلطة رابعة هي جزء من دراسة اي نظام سياسي فالرأي العام ووسائل الإعلام واتجاهاتها هي جزء من دراسة النظام السياسي، وهذا وفقا للتطور الموضوعي لحركة المجتمع والانسانية ككل. خصوصا بعد التطور الكبير في وسائل الاتصال. وقد تقدم مبدأ حقوق الانسان. كعامل ضروري، على اتجاهات وسائل الإعلام والتي ساهمت في ارساء هذا المبدأ بقوة في الساحة الدولية، واصبح جزءا من الاخلاقيات التي تلتزم بها المؤسسات الصحفية في كل دول العالم ويمثل غاية المهنية الصحفية، والمبدأ نفسه حقوق الانسان في النظم السياسية الحديثة كان جزءاً من تطور ثورات كبيرة مثل الثورة الفرنسية الاميركية. وقد ظهر دور الصحافة ووسائل الإعلام الفاعلة في عرض الانتهاكات لحقوق الانسان في اواخر القرن العشرين وبدايات القرن الحالي في نزاعات اقليمية في البوسنة ورواندا ومنطقة البحيرات، وكان لوسائل الإعلام دور فاعل في ايقاظ الضمير العالمي وقيادة العالم على الحفاظ على مبدأ حقوق الانسان والحد من العنف ودفع الدول للتدخل من ايقاف تلك الانتهاكات. ويشكل الرأي العام العالمي مواقف واضحة من هذا النوع في حد النزاعات الاقليمية والمحلية. وقد كان لوسائل الإعلام دور كبير في ان تصبح قضية النزاعات المحلية في السودان جزءاً من الاجندة الدولية سلبا او ايجاباً وحتى على تطور الصراع في السودان.ولعلها بشكل او بآخر اصبحت جزءاً من ادوات الحالة التي نشأت حولها من صراع واكدت الورقة ان هنالك مسؤولية تقع على الصحف ووسائل الإعلام في الحد من النزاعات ونشر السلام، ومن وسائل تحقيق هذا الهدف ان هنالك ما يجب ان ينشر وما يجب ان لا ينشر ، فكل ما يسيء للانسان ويقلل من قيمته يجب ان لا ينشر ،كالعنصرية واثارة الكراهية واذكاء الصراعات القبلية واثارة الفتن تجاه المجتمع وفي القارة الافريقية هنالك اسباب متعددة للصراع القبلي والعرقي والاثني، ومن اهم اسباب تلك الصراعات قيام مفهوم الدولة القطرية، وغياب مشاريع التنمية، والحروب الاهلية، وتأثيرات القوى الخارجية على الاوضاع السياسية في الدول الافريقية. ان معالجة هذه الموضوعات عبر وسائل الإعلام والصحافة يعتبر المحك الحقيقي في صناعة الاستقرار في المجتمع المحلى وتحقيق التنمية والتعايش السلمي لهذه التركيبة الانسانية الخاصة. وقد وضعت عدد من وسائل الإعلام محددات لما يمكن ان ينشر فمثلاً مدونة السلوك ال بي. بي. سي لاتسمح ان ينشر اي اخبار او بيانات من جهات تقوم بعمليات الاختطاف او تفجيرات او جهات تتبنى مواقف عنصرية، وهنالك الكثير من وسائل الإعلام تتبنى مواقف مثل هذه ومن هنا يظهر دور مهم لوسائل الإعلام حول نشر ثقافة السلام والتعايش السلمي ونشر الجوانب الايجابية لتماسك المجتمع خاصة في المناطق المتأثرة بالنزاعات والصراعات المحلية، أو المناطق التي عانت من نتائج حروب أهلية كالانفصال، مثال لذلك انفصال الجنوب واندونيسيا ، او الانفصال الذي حدث في يوغسلافيا بين الصرب والبوسنة او العلاقات المتشابكة ما بين الاتراك والارمن. وعقبت على المنبر الاستاذة امال عباس التى ابدت سعادتها باثارة مثل هذه الموضوعات ومناقشتها مؤكدة ان للصحافة وقفات استثنائية وادوارا مهمة وهى الجهة الوحيدة المؤهله لذلك دون بقية وسائل الإعلام الاخرى نسبة لمسئولية الكلمة التى تكتب وقالت متأسفة ان نجد بعضا من الصحف والاقلام تضرب على جوانب سلبية .