٭ ترك لي أحد القراء عند استقبال الصحيفة رسالة صغيرة ونافذة.. رسالة من كلمات قليلة ومختصرة تقول: نحن جيل ضائع نبحث عن المعرفة ولا نجدها.. حتى المعرفة التي قررتها وزارة التعليم لا نجدها ، لأن الكتاب المدرسي يكاد يكون منعدماً الا لدى القلة المقتدرة.. ولا نجدها عند المعلم فهو في ذات نفسه يعاني من نفس المشكلة. لا كتاب ولا تدريب ولا جو مشجع.. ومع ذلك عندما تتاح لنا فرصة عن طريق الصدفة نجدك تتحدثين عن المعرفة.. والثقافة فأين نجدها؟ هذا سؤال موجه لك ولكل الذين يعلنون عن الاسابيع الثقافية وعن معارض الكتاب.. ما رأيك هل تملكين الشجاعة على الرد؟؟ ٭ قرأت كلمات الرسالة ووقفت عند الكلمات التي جاءت في محل التوقيع فقد كانت هكذا «جيل يشكو الى الله قبل ان يشكو للتاريخ». ٭ كيف نتعامل مع الشكوى؟؟ ٭ سؤال طرحته على نفسي ووقفت حائرة.. بل تلاحقت حوله مجموعة من الاسئلة كيف نؤمن ظروف القراءة للإنسان السوداني الذي هو بطبعه قارئ ويحب المعرفة؟ كيف نوفر الكتاب المدرسي والصحيفة، ونوفر المكتبة العامة. ٭ وعندما خرجت بتساؤلاتي هذه من دائرة ذاتي واشركت معي بعض زملائي وزميلاتي.. تضاربت الآراء... قال لي أحدهم انت من زمن الإنسان السوداني القارئ بطبعه ومن زمن المقولة القديمة.. القاهرة تكتب وبيروت تطبع والخرطوم تقرأ.. هذه مسألة انتهت فكيف يكون الإنسان السوداني قارئاً وهو لا يجد الوقت الذي يفكر فيه بان هناك قدراً من المعرفة يحتاجه سوى ملاحقة الاسعار والبحث عن العمل الاضافي الذي يزيد من دخله فقد اصبح الإنسان السوداني مطحوناً.. والطالب على وجه الخصوص.. المشي على الاقدام يذهب بطاقته والذي يبقى منها لا يكفي لاستذكار الدروس واداء الواجبات. ٭ اما عن الناشئة او الجيل الذي قلت انه اشتكى الى الله قبل ان يشتكي الى التاريخ فهم انفسهم ضحية لهذه الظروف ولا يدرون ما هو شكل المعرفة التي يبحثون عنها في الكتاب المدرسي ام الكتاب الخارجي فالمسألة اصبحت اكبر من هذا بكثير. ٭ أحسست بموجة احباط عندما اتسعت دائرة النقاش وتشعبت وساعتها رددت مع نفسي... اذا كانت عادة القراءة والاطلاع تولد عند التلميذ مع بداية التحاقه بالمدرسة وهذه حقيقة.. ولكن كيف نجعل من هذه العادة امراً ممكناً في زمن اصبحت فيه القراءة في المدرسة هي رخصة صغيرة للحصول على شهادة يتجاوزها صاحبها ساعة استلامها ليسرع الخطى نحو السوق حيث الامتياز المادي والنشاط الطفيلي. ٭ اما القراءة للتثقيف والمعرفة فتحتاج الى توجيه جماعي يؤدي الى التعبير عن شخصية الإنسان السوداني المستقبلية لان فكرة التوجيه تأخذ معنى خاصاً لانها تقوم بعقد مقارنة بين ما يرضي به الفرد وما يملك من قدرات.. فالامر قد طفح ولم يعد الصمت ممكناً. ٭ تساءلت اخيراً لمن نقول اننا نبحث عن مشروع لبسط الامن الثقافي، ويا ويلنا من غضب الله وغضب التاريخ. هذا مع تحياتي وشكري