تقرير: صديق رمضان: لم يكن الاعتداء علي معسكر شركة»سيسكو» الصينية التي تعمل في تشييد طريق (الدبيبات،الفولة) بولاية جنوب كردفان الحادث الاول من نوعه الذي ترتكبه حركة مسلحة تعارض النظام القائم ،فقد شهدت دارفور ايضا الكثير من الحوادث التي استهدفت ايقاف مشروعات تنموية وخدمية تنفذها الدولة بوصفها استحقاقات للمواطن ،الذي وللمفارقة تدعي الحركات المعارضة لحكم الانقاذ انها رفعت السلاح من اجله. ومابين شعارات الحركات المسلحة التي ظلت تؤكد انها تسعي لرفع التهميش عن المواطن ،وممارساتها علي الارض، التي تستهدف في كثير من الحالات مشروعات بني تحتية وخدمات ،توجد ثمة مفارقة تشي بأن هناك تحولات كبيرة قد طرأت علي اسلوب الحركات المعارضة التي كانت في بداياتها بجبال النوبة ودارفور تستهدف القوات النظامية وتسعي لاحتلال بلدات استراتيجية لتحقيق انتصار معنوي وعسكري ،الا ان مسارها شهد انحرافا واضحا في السنوات الاخيرة وتحديدا منذ حادثة ضرب مطار الفاشر ،وذلك باستهدافها ممتلكات الوطن والمواطنين، المتمثلة في مشروعات البني التحتية والمرافق الاستراتيجية ،وهو الامر الذي يعتبره مراقبون ان من شأنه التشكيك في الشعارات التي ترفعها الحركات المعارضة ،ويؤكدون ان ذلك يفقدها ايضا التعاطف لدعواتها انها رفعت السلاح من اجلهم ،وذلك لأنهم الاكثر تضررا منها بصورة مباشرة(نزوحا وتشريدا وتدميرا للممتلكات العامة) . ولكن لماذا انحرفت الحركات المسلحة عن مسارها وباتت خصما علي المواطن بعد ان كانت تتدثر بثياب الثورية وتؤكد انحيازها لانسان الهامش؟. يجيب القيادي بالمؤتمر الوطني بولاية جنوب دارفور المهندس محمد عبدالرحمن مدلل ،مشيرا الي ان الحركات المسلحة اتخذت في بداياتها شعار رفع التهميش عن المواطنين وذلك لكسب التأييد والدعم ،ويقول مدلل في حديث ل(الصحافة) ان الحركات المسلحة في ذلك الوقت كانت لها دول حاضنة وداعمة ابرزها ليبيا وتشاد ،الا انه -والحديث لمدلل- بعد سقوط نظام القذافي وتطبيع الخرطوم علاقتها بانجمينا فقدت الدعم ،واتجهت لتحقيق اهداف لاعلاقة لها بشعاراتها التي رفعتها ،حيث عمدت إلى تعطيل التنمية واستهداف المواطن ،ويري مدلل ان اكبر الاسباب التي حولت الحركات المسلحة الي عصابات تستهدف التنمية والمواطن عدم وجود قيادات ذات فكر علي رأسها ،وزاد:من يقودون الحركات المسلحة معظمهم فاقد تربوي وفاقد الشئ لايعطيه ،وتحولت اهدافهم الي مكاسب شخصية لاعلاقة للمواطن بها. تأسيسا علي حديث القيادي بالحزب الحاكم محمد عبدالرحمن مدلل، فإن الحركات المسلحة تحولت الي تحقيق مكاسب شخصية ولم تعد لها قضية حقيقية ،هنا يري رئيس كتلة حركة التحرير والعدالة بتشريعي غرب دارفور عبدالله ابكر ان استهداف المشروعات التنموية والخدمية ليس من مبادئ الحركات المسلحة التي لديها قضايا موضوعية ،وقال في حديث ل(الصحافة) انهم عندما رفعوا السلاح في وجه الدولة فعلوا ذلك من اجل حقوق مشروعة وليس للتكسب من ورائه ،الا ان ابكر يعود ليشير الي ان الحركات المسلحة باتت كثيرة ومايقوم به بعضها من تعطيل للتنمية وتدمير لممتلكات المواطن سلوك مرفوض ولايخدم قضايا الوطن والمواطن. واذا كانت الحركات المسلحة في دارفور اتجهت الي تنفيذ عمليات عسكرية تناقض الشعارات التي رفعتها في البداية ،فإن الحركة الشعبية بجنوب كردفان بحسب الامين العام للمؤتمر الشعبي -الزبير كرشوم- فإنها تسير علي طريق حركات دارفور ،ويقول في حديث ل(الصحافة) الحركة الشعبية منذ ان كانت ثورة الي ان تحولت للعمل المسلح رفعت شعارات براقة باسم المهمشين والمظلومين ،الا انها ظلت تمارس ابتزازا واضحا وتعمل ضد المواطن ،بل وتنفذ اجندة خارجية لاعلاقة لمواطن جنوب كردفان بها ،ويعتقد كرشوم ان الحركة الشعبية هزمت شعاراتها بممارساتها التي تستهدف تدمير البنية التحتية وتشريد المواطن ومضاعفة معاناته،وتساءل:ماذا يستفيد المواطن من اعتداء حركة تدعي النضال من اجله علي شركة تنفذ طريق اسفلت؟ هل نهب خلاط اسمنتي هو النضال من اجل رفع التهميش.؟ بالمقابل هناك من يدين سلوك الحركات المعارضة وتعطيلها وتدميرها لمشروعات التنمية والبني التحتية ،الا ان اصحاب هذا الرأي يحملون الحكومة جزءا من المسؤولية ،حيث يعتبرون ان التعويل علي التنمية لايقاف الحرب سياسة لم تثبت نجاحها خاصة في المناطق التي تشهد تواجدا للحركات المسلحة المعارضة ،ويعتبرون ان الحكومة ماكان ينبغي لها ان تتجه لانشاء مشروعات تنموية وخدمية قبل وضع حد للحرب ،واجتثاث اسبابها ،ورغم انهم انتقدوا الحكومة بعدم توفيرها الحماية الامنية والعسكرية للعديد من المشروعات التي تعرضت للتخريب من قبل الحركات المسلحة ،الا انهم عادوا ليجدوا لها العذر حول هذه الجزئية بسبب اتساع الرقعة الجغرافية للمناطق التي تشهد مواجهات مسلحة. الا ان القيادي بالمؤتمر الوطني بجنوب دارفور محمد عبدالرحمن مدلل يرفض ايقاف التنمية بسبب عدم الاستقرار الامني ،ويقول ان هذا هو هدف الحركات المسلحة ،مشيرا الي ان المواطن بدارفور في امس الحاجة لمشروعات الخدمات والتنمية ،واردف»بغض النظر عن الظروف التي تشهدها دارفور، الدولة مطالبة بتنفيذ المشروعات التنموية بالاقليم الذي يقطنه ربع سكان السودان ،الذين من حقهم التمتع بالخدمات ،والحركات المسلحة بمسلكها هذا تريد ممارسة ضغوط علي المواطن حتي يثور في وجه نظام الخرطوم الذي ايقنت صعوبة بل واستحالة تغييره عبر فوهة البندقية ،وهذه سياسة خاطئة جاءت بنتائج عكسية ،فمواطن دارفور اليوم اصبح لايثق في الحركات المسلحة ويبحث عن التنمية بأي ثمن وتحت كل الظروف. بينما يعتقد الامين العام للمؤتمر الشعبي بجنوب كردفان، الزبير كرشوم، ان الحكومة تتحمل خطأ تضخيم حجم الحركة الشعبية ،الا انه يستدرك قائلا:لسنا ضد الحوار فهو الاساس لحل كل قضايا السودان ،ولكن يجب ان يكون حوارا يضع الحركة الشعبية في مكانها الطبيعي . ويعود القيادي بحركة التحرير والعدالة عبدالله ابكر ،مؤكدا ان البلاد في امس الحاجة للمشروعات التنموية والخدمية ،ويري ان السبيل للوصول الي الاهداف الوطنية المنشودة، يتوقف علي اعمال مبدأ الحوار ونبذ كافة اشكال العنف التي تضررت منها البلاد كثيرا. ويشير الخبير الاقتصادي الدكتور عادل عبدالعزيز الي ان عدم التوصل الي سلام دائم حتي الان القي بظلاله السالبة علي الاقتصاد السوداني ،ويقول في حديث سابق ل(الصحافة) ان استمرار النزاع المسلح يعني امرين،الاول ارتفاع تكلفة التأمين وتجهيزات القوات بالعتاد الحربي والوقود وغيرها من المعينات ،والامر الثاني يعني تعطل مشروعات التنمية التي كان من المفترض ان تسهم في تحقيق المتطلبات الاساسية للمواطنين بمناطق النزاعات، حتي ترفد الاقتصاد الوطني بالموارد الكثيرة التي تحتويها سواء في باطن الارض وهي المتمثلة في البترول والمعادن، اوتلك الموجودة في سطح الارض مثل الزراعة والثروة الحيوانية.