الأستاذة آمال عباس، لك كريم التحية والتقدير هذا الموضوع يشخص علة العلل في تأخر السودان. أرجو نشره ب/ صدى لمراجعة الأخطاء ولك موصول الشكر وبعد: الماركسية اللينينية تقسم المجتمع إلى ثلاث طبقات (ارستقراطية، وبرجوازية، وعاملة) مصلحة الطبقة الاولى والثالثة العاملة في تعارض دائم كالزيت والماء لا يمتزجان قط. التداخل يأتي في الطبقة الوسطى البرجوازية. وأصل الكلمة مأخوذ من كلمة (برج). ومنها كانت بطرس برج ولاكسوم برج المعني مدينة بطرس ولاكسوم. ويبدو ان كلمة برج ذاتها عربية الاصل (Tower) بدليل نطقها. موقف هذه الطبقة (البرجوازية) ليس واضحاً من الصراع الطبقي كما هي الحال بالطبقة الاولى من الثالثة. ان رأت المصلحة في الانضمام الى الطبقة المستغلة (بكسر الغين) انضمت إليها. وان رأت المصلحة في الانضمام إلى الطبقة المستغلة (بفتح الغين) انضمت إليها. فهي ليست كالماء والزيت ولكن كالخل القابل للاختلاط بالماء والزيت. لذا قال لينين عنها: انها طبقة متذبذبة. في السودان ما كان هنالك صراع طبقي كما كانت الحال بأوربة، بعد ان انتقل المجتمع عندهم من اقتصاد الزراعة والاقطاع والقرى إلى اقتصاد الصناعة والمدن. لأن السودان كان وما يزال يعيش مرحلة اقتصاد الرعي والزراعة المطرية والآلية المحدودة. لهذا الفارق لا توجد طبقة برجوازية بالمعنى المفهوم في السودان. ولكن توجد طبقة متعلمين برجوازية بالمدن انحازت إلى الارستقراطية العالمية، لانعدام ارستقراطية «محلية». المظهر الوحيد للارستقراطية المحلية كانت الادارة الاهلية مسامير المجتمع. وقد حلت بعهد النميري. وحلها كان الموضوع الوحيد الذي تطابقت فيه وجهة النظر الشيوعية والاسلامية. رغم اختلافهم الدائم. لماذا؟! هذا يرجع إلى منهج التعليم الذي وضعه الاستعمار الانجليزي بذكائه المعهود ونفسه الطويل (استراتيجية) لكلية غردون. أكرر المنهج لا التعليم. وقد اشار غرايشن إلى هذا. وأكده صراحة د/ الترابي (انظر مقالي «مراجعات لخطاب غرايشن لصديقه لتمام الفهم لا الاعتراض» بجريدة الصحافة 2010/4/26م ص7. ففيه بسط لما أشرت إليه هنا). ولذات السبب وابعاده كان حمل برجوازية المتعلمين السلاح بدارفور (د/ خليل وعبد الواحد) وغيرها وغيرهم. يؤكد هذا التحليل ان أول من دعا إلى حل الادارة الأهلية علي محمود حسنين من أرقو المركز مصري الجذور. واليوم الخميس ( م2010/4/30) جاء بجريدة الانتباهة انه يؤيد اندفاع دعوة السيد محمد عثمان الميرغني رأس الاتحادي الاصل إلى ابعاد الرئيس البشير بالثورة المسلحة. باجتماع المعارضة بلندن. ولا عجب مادامت البرجوازية قائمة على المتعلمين. وهم بدورهم حصيلة منهج غايته خلخلة أصالة التربية السودانية. وقديماً قالوا «شر المخلوقات العلماء إذا فسدوا». وعندي أن الأمى الذي لا يفك الخط في القرية والبادية والغابة أفضل بالفطرة من برجوازية المتعلمين بائعي أنفسهم بسوق نخاسة السياسة بلندن وغيرها. والصين مثلنا ما كان بها برجوازية اقتصاد الصناعة والمدن. لذا اعتمد ماو على طبقة المزارعين مخالفاً بذلك لينين وستالين بأقلمة الماركسية. بهذاالفهم وخلوص النية تمكن من الاعداد لثورة الطبقة العاملة ثم النصر عام 1949م الآن أصبحت الصين أقوى دولة في العالم اقتصادياً وعسكرياً يهابها الغرب بعامةوامريكا بخاصة. وبالمثل قال هوشي منه: «بالاحساس والعقل نطبق الاشتراكية» بتقديم الإحساس على العقل ليصبر عن صدق النية أولاً والأقلمة ثانياً. وبعبارة أخرى بهذاالتكامل استطاع أن يهزم فرنسا ثم امريكا بعدها ويحرر فيتنام. أين برجوازية المتعلمين الذين لايخافون الله في دين ولاوطن ولا أهل من هذا في السودان؟! أين؟! بعد هذا المدخل نأتي إلى شو أن لاي وحكمة العرب موضوع العنوان: كان شو نبيلا من طبقة ارستقراطية الصين. آمن بالفكر الثوري عن قناعة. لا ليجعل منه فرس رهان كما فعلت برجوازية المتعلمين بثورة أكتوبر العظيمة الذين فرغوها من مضمونها. لذااختاره ماو رئيساً للوزراء بعد نجاح الثورة. لم يأتِ ماو بغيره إلا بعد وفاة شو. ومن المعلوم في الفكر الماركسي أن بعض الارستقراطيين يقفون مواقف وطنية تتفق والخط الثوري للطبقة العاملة. وأن بعض البرجوازيين يركبون الموجة لتحقيق مآربهم. فتكشف الايام ارتدادهم إلى معدنهم الاول. وفي هذا المعنى قال ذو الاصبع العدواني قبل أكثر من 1500 عام: (إني أبىّ أبىّ ذو محافظة (وابن أبىِّ أبىِّ من أبيين) (كل امرى راجع يوماً لشيمته) (وإن تخلق أخلاقاً إلى حين) وفي ذات المعنى جاء بصحيح الحديث «تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس». وقد أثبت علم الوراثة حديثاً صحة هذا. فالذكاء يورث والخبث يورث. مثال برود الاعصاب عند الانجليز طبع والمحافظة على القيم والتقاليد تربية. كان هذا قبل أن يأتي بلير الذيل الكبير لبوش الصغير. وسرعة الانفعال عند الفرنسي طبع. وحساسية المحافظة على الكرامة تربية. وتقديم المنفعة على الوفاءعند الامريكي طبع. والبلبصة (المداهنة والمبالغة في التودد) إذا أراد منك شيئاً تربية. وبالتجربة لاحظ بعض السودانيين ان سودانياً تأمرك إذا استغنى آذى بالقول والفعل. وإذارغب لحاجة في نفسه مسح لك الأرض كأن لم يكن منه بالأمس شئ. فلما كثر منه ذلك قال الناس: لا تفرح إن أقبل ولا تغضب ان أدبر. لأنه كالمريض بالعصاب والسادية في علم النفس. شفاه الله. فاتني ان أذكر ان كاسترو بكوبا سليل نيل واقطاع. ولكنه لضميره الحي انحاز لمصلحة الطبقة العاملة العامة للشعب. الغاية من هذا الموضوع تشخيص علة العلل في تأخر السودان رغم الامكانيات الطبيعية الوفيرة. وذكاء وكفاءة السوداني الفردية. الصين استقلت عام 1947م والسودان عام 1956م. أين هي وأين نحن منها الآن؟! والله من وراء القصد بروفيسور عبد الله عووضة حمور