بحر أبيض: عبد الخالق بادي: عند بداية كل عام دراسى يؤكد المسؤولون بحكومة ولاية النيل الأبيض اكتمال كل الاستعدادات، وأن التحضيرات أفضل من العام الماضى وبنسبة عالية، وأنه قد تم إحراز تقدم كبير فى الإجلاس والكتاب المدرسى وسد النقص فى المعلمين وغيرها من المعينات الدراسية، والتأكيدات والتضمينات المغلظة التي ظل يبعث بها المسؤولون في حكومة الولاية. وهذا العام تكررت ذات التأكيدات التى تشير إلى أن التحضيرات للعام الدراسى الجديد في افضل حالتها ولا تشوبها شائبة أو قصور، وان حكومة الولاية والوزارة قامتا بادوارهما على الوجه الاكمل، إلا أن الواقع على الأرض يقول بخلاف ذلك، خصوصاً فى ضلع مهم وأساسى وهو المعلم ، فهناك العشرات من المدارس فى أطراف المدن والأرياف تعانى نقصاً حاداً فى عدد المعلمين، وذلك حسبما أشار مدير احدى المدارس الذي فضل حجب اسمه، عندما اكد في حديث ل «الصحافة» ان هناك نقصاً حاداً يعاني منه عدد من المدارس بالقرى والارياف البعيدة في ما يتعلق بالمعلمين، مبيناً انه في ذات الوقت تتكدس بعض مدارس المدن باعداد كبيرة من المعلمين، وقال إن هذا يؤكد أن هنالك قصوراً من قبل المسؤولين فى التعليم بالوزارة والمحليات، نتج عنه خلل واضح فى عملية نقل وتوزيع المعلمين على المدارس. وهناك أمر آخر ومهم والمسؤولون على علم به، وهو أن 70% من المعلمين الذين يعملون فى مدارس الريف هم من المتطوعين، وهذا يدل على أن التعيين يتم بدون عدالة، وذلك بحسب خريج يدعي هاشم الذي اكد انهم في كل عام يتقدمون للمعاينات الا انهم يتفاجأون بعدم استيعابهم رغم انهم ظلوا يعملون متعاونين منذ سنوات، ويرى أن تعطى الأولوية فى التعيين للمتطوعين أولاً حتى تضمن وزارة التربية بقاءهم بالمدارس التى يعملون بها، ومن ثم تعيين معلمين من الخريجين لسد النقص. وكان والي ولاية النيل الأبيض يوسف الشنبلي، قد سبق أن وجه إدارات التعليم بالمحليات بحصر جميع المعلمين المتطوعين ورفع أسمائهم للوزارة توطئة لتعيينهم، وكان ذلك قبل ستة أشهر، وقد تم بالفعل حصر المعلمين المتطوعين من قبل إدارات التعليم، إلا أن الأمر لم يجد أى اهتمام وبقى الحال على ما هو عليه، حيث لم يتم تعيين معلم متطوع رغم توجيهات الوالي. وزارة التربية والتعليم ومن خلال التقرير ربع السنوى الذى وضعته على منضدة المجلس التشريعى في الثاني عشر من هذا الشهر، أكدت أن الترتيبات للعام الدراسى الجديد مضت بصورة طيبة، وذكرت أنه قد تم استيعاب ألف معلم لسد الفجوة فى عدد المعلمين خاصة فى الأرياف كما جاء فى التقرير، وأبانت أن الإجلاس أنجز هذه المرة وبنسبة عالية بلغت 80%، وأضاف التقرير أن قضية الكتاب المدرسى قطع فيها شوط كبير هذه المرة، حيث وفر بنسبة مقدرة، إلا أن الوزارة لم تكشف نسب توزيع الكتاب المدرسي. «الصحافة» ومن خلال جولتها فى الأيام الماضية على بعض قرى الدويم، اكتشفت بعض القصور، حيث وجدت أن هناك نقصاً حاداً فى المعلمين بعدد من القرى خاصة غرب المدينة، حيث التقت عدداً من مديري المدارس منهم مدير إحدى المدارس بقرى «مناطق الشنابلة» الذى شكا من النقص الحاد فى المعلمين بمدرسته، حيث أبان أن عدد المعلمين العاملين بالمدرسة خمسة منهم ثلاثة متطوعون، وقال إنه والمعلمين يكابدون من أجل القيام بواجبهم، وقال إن هناك مواد أساسية مثل اللغة الإنجليزية والرياضيات لا يوجد معلمون بالمدرسة لتدريسها، وأضاف أن هذا النقص سيؤدى إلى تسرب التلاميذ من المدرسة، وشكا أيضا من ضعف الإجلاس، حيث ذكر أن الفصلين الأول والثانى بدون إجلاس. مدير مدرسة أخرى أبدى دهشته من تأكيد الوزارة المتعلق بسد النقص في مدارس الريف، نافياً هذا الادعاء، وقال إن الريف مازال يعانى من هذه المشكلة، مؤكداً أن هذه المشكلة ظلت قائمة لسنوات وأنهم رفعوا الأمر لمدير تعليم الأساس السابق بالدويم إلا أنهم لم يجدوا أية استجابة، وأبان أن المدرسة بها سبعة معلمين منهم خمسة متطوعين، وأن العدد يمكن أن ينقص فى أية لحظة بسبب عدم وجود حافز مقنع للمعلمين المتطوعين، وتساءل عن الطريقة التى يتم بها توزيع المعلمين الجدد على المدارس وإلى ماذا تستند؟ على حاجة المدارس أم بناءً على اعتبارات أخرى؟ وهناك مهتمون بأمر التعليم ابدوا دهشتهم من الإهمال الذى تعانى منه مدارس الريف المتمثل في عدم توفير العدد الكافى من المعلمين، وقالوا إن هنالك ظلماً كبيراً يقع سنوياً على مدارس الريف، وإن ذلك ضد سياسات الدولة التى تهتم بنشر التعليم، وقالوا إن من تم استيعابهم فى العام الماضى والحالى بلغوا «1000» معلم، معتبرين انه عدد كاف لسد الفجوة، خاصة أنهم من أبناء الولاية، اذا تم توزيعهم بصورة عادلة على مدارس الريف والحضر، وحملوا الوزارة وإدارات التعليم مسؤولية النقص الذى تعانى منه مدارس الأطراف، وطالبوا وزيرة التربية والتعليم بالتدخل لحسم ما سموه فوضى توزيع المعلمين. وهناك مراقبون وجهوا أصابع الاتهام بصورة مباشرة الى بعض مديري التعليم السابقين ببعض المحليات، حيث اتهموهم باستغلال صلاحياتهم بطريقة غير قانونية لتحويل ونقل المعلمين وفق رغبتهم بناءً على أمور لا داعي لذكرها كما قالوا، وأشاروا إلى أن ذلك هو أس البلاء والسبب الأساسى فى الخلل الذى حدث ليس فى توزيع المعلمين فحسب، بل فى التعليم بكامله وفق حديثهم، كما أرجعوا الأمر أيضاً لعدم توخى الدقة فى اختيار مديري التعليم خاصة فى الأعوام القليلة الماضية، حيث ذكروا أن هناك من تم تعيينه دون أن يستوفي الشروط الوظيفية للمنصب حسب قانون الخدمة المدنية، إضافة لتعيين أشخاص كانوا أقصر قامة من المناصب ولا يملكون المؤهلات اللازمة لشغلها بكفاءة، معتبرين أن التعليم بالنيل الابيض سيظل يتكئ على عصاتين إلى أن يقيض الله من يحسن إدارة هذا القطاع. وهناك من حمَّل بعض المسؤولين النافذين في حكومة الولاية المسؤولية كاملة، حيث أشاروا إلى أن الكثير من الذين تم استيعابهم للعمل معلمين فى السنوات الماضية لا علاقة لهم بالمهنة، وأن تعيينهم كان مبنياً إما على مصالح أو محسوبية، وأن منهم من لم يخضع لأي اختبار أو تدريب وأن هؤلاء صاروا عبئاً على العملية التعليمية.