كان الله في عون عامة الناس بالبلاد وكفاهم ووقاهم شر الطمع والجشع، وكل أساليب الاستغلال وألوان الاستهبال، وقيض لهم من يأخذ بأيديهم ويحميهم من تغولات المتغولين ونهشات الساعين إلى باحات الغنى السريع وإن جاء على قفا المكلومين مهضومي الحقوق، فالشواهد على الاستبداد والاستغلال وأكل أموال الناس بغير وجه حق تستعصي على العد والتعداد، فما أكثر التصاقها بقطاع النقل والمواصلات الذي تشف ممارسات الغالبية العظمى من الوالجين في حقله عن سعي جاد بخطى حثيثة عن الوصول إلى دائرة الغنى والارتماء في أحضانها وإن جاء على مركب عدم الجودة ومجافاة الأمانة فكم من ناغم على كمساري أدخل على صاحب المركبة التي يعمل بها مالا بغير وجه حق، وكم من صاحب مركبة لاسيما تلكم اللاتي تعمل بالخطوط الداخلية لا يهمه سوى استلام الحصيلة في نهاية اليوم وإن جاءت من من ظهر مقاعد مهترئة أكل الدهر عليها وشرب دون أن يحرك كوامنه تأذي المستهلكين . فقد يكون الأمر مهضوما على مضاضته بالمركبات التي تعمل بخطوط المواصلات الداخلية تحت عدة ذرائع مثل قصر المسافة والإسهام في فك ضائقة المواصلات وارتفاع تكلفة التشغيل وإن كانت كلها لا تعفي صاحب المركبة من مهمة إصلاحها وتجويد خدمتها من باب من أخذ الأجر حاسبه الله بالعمل، أما أن يمتد أمر إهمال حقوق الركاب والإجحاف في حقهم بالرغم من حرص أصحاب المركبات على أخذه على دائر المليم إلى المركبات العامة التي تعمل في خطوط طويلة تربط الولايات فهذا ما لا يستقيم ولا يقبله عقل في ظل ارتفاع تكلفة التعرفة التي يطلبها أصحاب أو شركات المواصلات فقولوا لي بربكم ما ذنب مواطن أن يكون تحت رحمة كرسي مخلوع القاعدة يتأرجح به من لدن الحصاحيصا إلى بلوغ الخرطوم على متن بص سمته السياحي ناهيك عن الخدمة الأخرى المتردية من ضعف التكييف وقلة دراية المضيف الذي إن أشرت إليه تجهم إلا من رحم ربي، فالغالبية العظمى ممن يسمون جورا وتعديا مضيفين يفتقرون إلى أدنى درجات مؤهلات الضيافة ولا يفقهون شيئا عن كنهها إلا من رحم الله وقليل ما هم . فللمواطن حقوق أصيلة ينبغي أن تكون مرعية ونصب أعين مقدم الخدمة أيا كان ضربها لا أن يكون همه الأول والأخير جمع المال وإن جاء على حساب رداءة وضعف الخدمة المقدمة وراحة المستهلك. ودعوني أشنف آذانكم بموقف لا أظنه يحدث في بلد يتمتع مواطنوه بأدنى درجات الاحترام والتقدير من قبل المسؤولين والرقيبين القائمين على أمره، الساهرين على راحة مواطنيهم ففي ظهيرة الثلاثاء الماضي 23 يوليو الجاري وأنا أهم بالرجوع إلى الخرطوم من الحصاحيصا قصدت مكتب شركة فواصل للنقل البري علّي أحظى بتذكرة بالبص الذي عليه الدور فأشار لي من بالمكتب بأن الحجز والتذاكر بجوار البص بالخارج فيممت شطر البص واقتطعت تذكرة بواقع 21 جنيها بينما التعرفة المكتوبة عليها 18 جنيها فسألت عن السر وراء سدادي 21 جنيها ومنحي صكا بواقع 18 جنيها ليجئ الرد قاصرا ومتقاصرا عن إحقاق الحق بأن لدى الشركة ألف دفتر مطبوع من فئة ال18 جنيها وأنه ما لم يتم الانتهاء من توزيعها لن يكتب لمحمد أحمد المسكين والدولة من قبله التمتع بحقوقهما كاملة! أليس من حق المواطن الاطمئنان على أن ما يدفعه من حر ماله مقابل التعرفة يذهب جعل منه إلى خزينة الدولة على الوجه الأكمل بحسب اللوائح والقوانين ؟ ومن أين للمواطنين اليقين بأن الدولة تأخذ نصيبها الضريبي كاملا من التذكرة (الغائبة) فئة 21 جنيها المقبوضة فعلا بواقع 18 جنيها على الدفاتر ؟ وأين إدارة ديوان الضرائب من الذي يجري بمكتب فواصل ؟ أحمونا هداكم الله من تفلتات تلكم الشركة ؟ إن ثمة 3 جنيهات مقابل كل تذكرة تباع بالمكتب لا تجد الدولة منها نصيبا ضريبيا ! كم أهدرت تلكم الشركة بصنيعها هذا على الدولة بعد أن أثقلت كاهل المواطن ؟ وثالثة الأثافي لم أأت على ذكرها بعد فعقب تحرك البص ورضاي بحظي العاثر الذي أوقعني في حضن الكرسي مخلوع القاعدة رقم ، 40 بالبص رقم 482 الذي تحرك عند الساعة الثالثة إلا عشر دقائق ظهرا فما إن تحرك بنا خطوات وقبل أن نتخطى الحصاحيصا إذ تنامى إلى مسمعي من قبل من يجلسون بالمقعد الخلفي أن البص هذا لن يوصلنا إلى الخرطوم لأنهم قد سمعوا سائق البص يشتكي إلى إدارة المكتب ويرفض الذهاب به إلى الخرطوم لكن ضغوط إدارة المكتب أجبرته على قيادة البص على علته وكم سألت الله في دواخلي أن (يكذب الشينة) ولكن ما أن كدنا نتخطى قرية التكلة رفاعة إلا ووقف حمار فواصل بالعقبة وحرن رافضا المسير قيد أنملة جراء حدوث ما حذره السائق لتبدأ رحلة الاتصال بالمكتب لإسعاف الموقف بإحضار بص بديل ليقل ركاب البص إلى الخرطوم وقد استغرق وصول البص المسعف ساعة بالتمام والكمال وركاب البص يصليهم هجير الشمس وتلفحهم أشعتها اللاهبة ويعطل مشاغلهم استهتار إدارة مكتب فواصل الذي من واقع ما حدث لا يهما سوى جمع المال وحصد جيوب المواطنين . فهل من شركة محترمة تفعل بعملائها ما صنعت إدارة فواصل؟ فلماذا الإصرار على السفر على متن بص تعلم الإدارة عطله مسبقا؟ فأين الحكمة يا هؤلاء؟ ومن يحمي المواطنين من سقطات وتغولات فواصل وأمثالها التي تحرص حرص شحيح ضاع في الترب خاتمه على جمع المال دون أدنى التفاتة إلى راحة المواطنين ؟ وأين حماية المستهلك مما يجري بقطاع المواصلات المحلية والولائية؟ فالذي أرجو أن تنهض جمعية حماية المستهلك في القيام بدورها على صعيد المركبات العامة حتى يتمتع المواطنون بخدمة جيدة تتناسب وما يدفعونه من حر مالهم ، وعلى الصعيد الشخصي فقد قررت ألا أضع قدمي على مركبة من مركبات فواصل مستقبلا جراء عدم احترامها لعملائها، فهل من عيب أكبر وأنكى من ذلك يجبر على المجاهرة بالمقاطعة ؟