٭ صورة ما احدثته أمطار وسيول وفيضانات الاسبوع الماضي كانت بذهني وبعضها أمام عيني ولكن لم تكن بالحجم الذي استمعت اليه من المواطنين وما شاهدته في مدن ام درمان.. الفتح وأمبدة ومرزوق والحاج يوسف والرياض والطائف.. والدروشاب والسامراب.. والجريف.. والثورات.. وباختصار كل العاصمة باطرافها غرقت في شبر ماء من الحلفاية وإلى جبل الأولياء وأم بدة بامتداداتها. ٭ الكل يتحدث عن مشاكل التصريف وعن الشوارع وعدم ماطبقتها للمواصفات.. شوارع الاسفلت التي صممت على مستوى أعلى من البيوت.. الكل يتحدث عن غياب المسؤولين على مستوى الفعل وان كانوا يشاهدونهم على ظهر المروحيات وعلى شاشات التلفزيون لكن الحال في حاله.. والكل خائف من الذي يعقب انهيار المنازل بفعل مستنقعات المياه التي تركتها أمطار اسبوع واحد في بدايات الخريف الذي تبقى منه شهران.. الخريف ينتهي في منتصف أكتوبر.. ٭ الكل يتحدث عن ان المشكلة اكبر من قدرات المواطنين التي عجزت سلفاً عن ان توفر لهم عيش الكفاف.. الغالبية الساحقة من أهل السودان عجزت قدراتهم الذاتية عن ان تؤمن لهم لقمة الخبز الجافة والحافة ناهيك عن جرعة الدواء والماء النقي والمأوى والمساهمة في محاربة الناموس والذباب وتجفيف مياه الأمطار والسيول وتعمير خراب الأمطار والفيضانات. ٭ هذا الواقع المظلم أحدثه الخريف في بدايته ليتركنا أمام التساؤل الابدي عن معنى السياسة ومعنى الحكم والسلطة في أبسط صوره ومتطلباته.. تدافعت الى ذهني معاني ومداخلات لا حد لها اولها الفرق بين بريق الشعار وقربه من الواقع. ٭ اللا مركزية والحكم الاتحادي، والفدرالي... كلها هياكل مثلى لادارة شؤون الناس ولتقصير الظل الاداري ولكن ماذا فعلت بنا؟! ماذا فعل بنا تقسيم الثروة والسلطة؟ ماذا فعلت بنا الالتزامات المالية تجاه كل الولايات بولاتها ووزرائها ومعتمديها وموظفيها؟ ماذا فعلت بنا محليات مطلوب منها أن توفر مرتبات المعلمين والاطباء والموظفين وتعبد الطرق وتحارب الناموس والذباب وتوفر مخصصات الشعبيين. ٭ مع هذا كله انصرف كل أهل السودان الى متابعة قفل وفتح خطوط البترول من الجنوب الى ميناء التصدير الى بورتسودان.. ومتابعة التغيير الوزاري او التعديل الوزاري ومقابلة قوش عبر قناة الشروق وما قاله كان حديث مجالس العيد مع هطول الأمطار المستمر. ٭ هذا حال الانسان السوداني تمتد كل يوم مساحات الجدل في حياته حتى حاكت حياة أهل بيزنطة الذين كانوا يتجادلون حول كم من الملائكة يمكن أن يسعهم رأس دبوس.. يفعلون هذا وجحافل الناموس والذباب والجوع والفقر والاوبئة والاقتتال والاحتراب تزحف نحو الوطن ومن كل أرجائه. ٭ ألا ترون معي أن السيل قد بلغ الزبى وان الأزمة بلغت مداها ولم يعد الصمت حيالها ممكناً. هذا مع تحياتي وشكري